الخرطوم: جمعة عبد الله 27فبراير2022م
طرقٌ أصبحت لا تسر الناظرين والعابرين، ومن اللافت أن الأسفلت بات مليئاً بالحُفر في معظم الطرق الرئيسية والفرعية التي يعلوها سوى التراب بعد غياب الطبقة الأسفلتية، كل هذا يُجسِّد وعورتها ورداءتها، ويرى مراقبون أنه لم تتم إصلاحات من أعمال صيانة للطرق بسبب الاضطراب السياسي الذي أعاق عمل الحكومة الولائية، ويرى خبراء اقتصاديون أنه بالنسبة لإجمالي الخدمات التي تقدم للمواطن تواجه مشكلة منذ سقوط النظام السابق وحتى الآن السودان يُعاني من حالة عدم استقرار كلي، وبالإشارة لراهن الطرق الآن فإنّها تحتاج لصيانة سنوية للمُحافظة عليها لتصبح صالحة للاستخدام، حيث أصبحت الطرق والشوارع الآن رديئة جداً، وتكلف الدولة خسائر كبيرة من استهلاك للاسبيرات وتعطل الحركة بالاضافة لإهدار الوقت للعمال والموظفين نسبة لوعورتها مقارنة بالسابق.
المرحلة الأولى
وكانت هيئة الطرق والجسور ومصارف الأمطار بولاية الخرطوم، دفعت بـ”9″ شركات و”7″ وحدات هندسية حكومية للعمل في صيانة “16” موقعاً بطرق الولاية، وقال مدير هيئة الطرق بالولاية المهندس، مختار عمر صابر، إنّ المرحلة الأولى من أعمال الصينة تستهدف صيانة الطرق الرئيسية والطرق السريعة والطرق التي تزدحم بحركة المرور، وتستمر مرحلة الصيانة إلى نهاية فبراير القادم ثم تليها مرحلة التأهيل، وأكد استمرار أعمال الصيانة في محلية الخرطوم بشوارع: “عبيد ختم، أفريقيا ومحمد نجيب”، وفي بحري مدخل نفق كوبر، وكوبري النيل الأزرق الحديدي، وشارع الزوادة بحري، وفي أمدرمان تُجرى عمليات صيانة شارع النيل، وفي كرري تقاطع السيسي وشارع الوادي، وفي محلية شرق النيل شارع العيلفون، وشارع الكلاكلة شرق بمحلية جبل أولياء.
خُطة الصيانة
يقول المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان، إنّ سلطات ولاية الخرطوم أجازت خطة لصيانة معظم الطرق بالولاية منذ شهر سبتمبر من العام الماضي أي بعد فترة انقطاع عن أعمال صيانة الطرق دام 3 سنوات، وزاد: لم تتم أيِّ إصلاحات للطرق بسبب انشغال الحكومة بالاضطراب السياسي الذي أعاق عَمل الحكومات الولائية، وأشار إلى أنّ مُعظم محليات الولاية لم تنجز مشروعاً خلال العامين الماضيين، وأوضح أن مواصفات الطرق في العاصمة فهي في غالبها مشيدة وفق مواصفات تتفق مع متطلبات مرور السيارات الصغيرة والمتوسطة، وتابع قائلاً: لكنها تحتاج لصيانة سنوية للمحافظة عليها لتصبح صالحة للاستخدام.
عدم استقرار
الباحث الاقتصادي الدكتور، هيثم محمد فتحي، يرى أنه بالنسبة لإجمالي الخدمات التي تقدم للمواطن فيها مشكلة منذ سقوط نظام الرئيس البشير وحتى الآن السودان في حالة عدم استقرار، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية انتقالية وبالتالي هي حكومة تسيير أعمال إلى أن تكون هناك حكومة منتخبة تعمل على وضع خُطط تنموية وتنفيذها، وبحسب تقديراته فإنّ الحكومة الانتقالية فاشلة في انها تقدم حتى الصيانة لهذه الطرق والصيانة للخدمات وحتى استمرار الخدمات، وعزا ذلك للوضع الاقتصادي الذي لا يسمح باستمرار تقديم الخدمات، لافتاً إلى تدهور في قيمة العملة الوطنية وكذلك تدهور في الإيرادات العامة بجانب تدهور في الصادرات السودانية بالإضافة إلى حالة عدم استقرار أمني وسياسي مع استمرار الاحتجاجات الشعبية شبه اليومية، وقال إن هذه الاحتجاجات والتظاهرات تؤثر على بيئة العمل وعلى استمرار الخدمات إذا كانت صيانة طرق وشوارع أو خدمات تعليمية أو صحية، داعياً إلى أن يتوفر الاستقرار الأمني والسياسي وبعد ذلك يأتي الاستقرار الاقتصادي ثم تقدم الخدمات إلى المواطن.
تقدم اقتصادي
ينظر المحلل الاقتصادي الدكتور وائل فهمي بدوي، إلى الجسور والطرق المسفلتة والنظيفة بصفة أساسية من أهم مظاهر الرقي والتقدم الحضاري والاقتصادي لأي دولة من الدول، وأضاف كما أنها تعتبر أكثر استخداماً نتيجة للحراك الإنساني في سعيه لكسب الوقت وعوائد العمل ونقل وتوزيع السلع في مختلف أرجاء الدولة بأقل التكاليف الاقتصادية عموماً والمالية خصوصاً، وذلك مُقارنةً بالطرق غير المعبدة عموماً، ناهيك عن المسفلتة، ويرى أنها تعمل على تحقيق وفورات مالية كبيرة للمشاريع التي تستخدم الطرق الحديثة بما يُساعدها على التنافس السعري لمنتجات الخدمات المحلية في مُواجهة المُنتجات الأجنبية داخلياً وخارجياً، ويشير إلى أنها تخلق فرص عمل خدمية ومحفزة عديدة (محطات الوقود، المطاعم، البناشر، خدمة الشرطة بأنواعها وبائعي المنتجات الزراعية والصناعية).
رصف الطرق
وقال د. وائل، بهذه المواصفات المهمة نجد أن السودان ما زال متأخراً كثيراً عن الدول التي كنا اسبق منها في المجال منذ الاستقلال السياسي، وزاد قائلاً تعاني الطرق من الإهمال بسبب عدم الصيانة والتطوير، ناهيك عن التوسع فيها داخل المدن وإلى داخل الأحياء أمام المنازل كما الدول التي تقدمت على السودان، رغم الحصار التكنولوجي الذي فُرض منذ عام 1997م مما أدى إلى شلل السكك الحديدية واجتهاد النظام البائد في رصف الطرق، خاصةً القومية، كبديل لها في ظل ضعف القوانين والتشريعات والاتفاقيات مع الشركات الاجنبية، الا ان انهيار الطرق خاصة داخل المدن والرابطة بالقرى المجاورة، ويعتقد أن ضعف الموازنات سبب من ناحية الإهمال من ناحية أخرى، والفساد الذي كان سائداً في العهد السابق من حيث مواصفات الرصف والبناء، وأضاف في موازنة العام المالي 2022، فقد رصد مبلغ أربعة تريليونات جنيه للتنمية (أي الاستثمار بمفهومه الواسع الذي يشمل الصيانة) لوزارة التنمية العمرانية والطرق والجسور غير مُحدّد نصيب الطرق منها سواء لإعادة تأهيلها بالمدن أو الطرق القومية، وأوضح أن صيانة الطرق والتوسع فيها يقلل من معاناة المواطنين ويؤدي لتخفيض أعباء صيانة وسائل النقل بما يساهم بنسبة كبيرة في تحسين ميزان المدفوعات نظراً لغلاء قطع غيار المركبات إلى جانب تخفيض استهلاك الوقود وكسب الوقت لزيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية ومن ثم دعم تنافسية المنتج الوطني بما يحسن الإيرادات للخزينة العامة.
تأخر هندسي
ويضيف د. وائل في ذات الوقت يجب التنويه بأن صيانة وإنشاء الطرق بخلاف أنها مكلفة للغاية، إلا أنها تُساهم في دعم التضخم كواحدة من الإنشاءات ذات العائد في المدى الطويل، مشيراً إلى عدم التخطيط الدقيق مِمّا تفشت مظاهر التأخر الهندسي الناتجة عن ضعف مواصفات إنشاء وصيانة الطرق وتدهور المرصوف منها حالياً وتعويضها بالرقع غير المستدامة، ونوه إذا لم تتحسن السياسات التمويلية للدولة بعيدا عن الفلسفات التي تحكمها حالياً فلا يمكن توقع تحسن الأداء الاقتصادي أو تطور بنياته الأساسية التي من بينها الطرق بالمدن والقرى