أبرز قادته (نقد) و(فاطمة عبد المحمود ) .. اليسار في السودان.. إلى أين؟

 

الخرطوم: عوضية سليمان          26فبراير2022م 

ثورة ديسمبر التي أطاحت بالإنقاذ، أتاحت فرصة لصعود غير مسبوق لما عُرف اصطلاحاً بـ(اليسار السوداني)، الذي لم يصل إلى زمام السلطة في تاريخ السودان إلا في حالات نادرة عبر الانقلابات العسكرية, التي انتهت سريعاً بصراع مرير مع العسكر، عبرت عنه بشكل مأساوي السنوات الأولى من عهد الرئيس الراحل المشير جعفر نميري (1969- 1985). ولعل صعود اليسار إلى حكم السودان مجدداً بعد سنوات من الغياب، جدد الفكرة القائلة بأن الأفكار لا تموت، وإن غاب روّادها الأوائل، فبعد ثلاثين سنة من حكم الإسلاميين، الذي مثله ثورة الإنقاذ، يعود الشيوعيون تحت يافطة ديمقراطية جديدة لحكم السودان وقيادة مرحلة مختلفة المعالم والولاءات.

التحديث والحداثة

المصطلح رغم أنه جاء من فكر وتاريخ الغربيين, إلا أنه ذو دلالة ومضمون مختلف تماماً.  فاليسار عند الغرب ارتبط بشكل الجلوس في الجمعية الوطنية الفرنسية بعد الثورة 1789م. فقد تصادف وجود المحافظين على يمين القاعة. أما في السياق السوداني والعالم الثالث عموماً، فقد ارتبطت التسمية بالتحديث والحداثة, ويمكن القول بأن المفهوم ارتبط بوصف القوى الحديثة مقابل القوى التقليدية وقيام أحزاب اليسار على أسس مختلفة عن الأحزاب التقليدية التي ترتكز على قواعد طائفية دينية وقبلية وعلى رأسها زعيم روحي وتعتمد على الولاء الشخصي فلا تحتاج إلى برنامج أو أيديولوجيا.

فصائل اليسار

يواجه اليسار في السودان، أزمة شاملة تهدد دوره في الحياة السياسية السودانية. رغم البعض منا عوّل كثيراً على دوره في ميلاد ديمقراطية مستدامة. يستهدف هذا التحليل الحزب الشيوعي السوداني باعتباره أكبر وأقدم فصائل اليسار. ولكن ينسحب ذلك على اليسار القومي وغير الماركسي، باعتبار أن أزمة اليسار السوداني – الشيوعي القومي، الإسلامي بابكر كرار، جوهرها ضعف الفكر والنظرية في تكوينه، فهي كيانات تابعة, لم تتميّز بالإبداع والابتكار, لأنها تستمد  فكرها من الخارج من الاتحاد السوفيتي وإقليمياً من منطقة الشام ومصر أو من أب روحي مثل الأحزاب الطائفية تعيد إنتاج أفكاره دون نقد أو تجديد كما يفعل الجمهوريون.

غير موجودين 

يقول المحلل السياسي والسفير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة، إن اليسار هم الشيوعيون الآن, ولكن اذا اخذنا نموذجاً مثل ثورة اكتوبر التي قادها اليساريون, والاساتذة في الجامعات, نجد ان كل الثورات جاءت من اليساريين, حتى ثورتنا الموجودة الآن يقف من خلفها اليساريون, وأضاف منهم حزب البعث والمؤتمر السوداني جميعهم توجهاتهم يسارية. بمعنى انها غير رجعية مثل ما كانت في السابق. حيث كان حزب الأمة يعتبر حزب يمين, وحزب الختمية حزب يمين. ولكن باقي الاحزاب توجهاتها كانت يسارية في السودان, لجهة ان اليسار كان مسيطرا على العالم. وقال مثلما هنالك خط فيه يسار ويمين ووسط. كذلك هنالك دول ضد الاستعمار ويسارية. والسودان كان من الدول ضد اليسار عدا حزب الامة. وأردف الشعب السوداني كان يسارياً والسبب الأساسي فيه هو الاستعمار, ولكن بعد خروج الاستعمار أصبحت الصفوف اليسارية ضعيفة, ليست لها القدرة على الاستمرار. وأضاف أبو شامة لـ(الصيحة) أمريكا دخلت عبر المعونات وعبر الدول الأوروبية, خصمت من اليساريين كثيراً لدرجة أن اليساريين الآن لا وجود لهم, وأصبح اليسار الآن في السودان ليس لديه وجودٌ، الكل يسعى لإصلاح الوضع مع امريكا, والعمل على مساعدة السودان لاستئناف التعامل مع البنوك الدولية وعودة المنح مرة ثانية, هذا من أضعف اليسار في السودان وأصبحوا غير موجودين ولا يستطيع اي شخص بان يقول هنالك شخص يساري.

مقارنة الأحزاب

ويقول أبو شامة على الرغم من شعارات الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، التي يرفعها اليسار العربي على مدار تاريخه الطويل، فإنه ومع هبوب رياح الربيع العربي التي انطلقت من تونس أواخر العام 2010 . مؤذنة بنهاية صفحة من تاريخنا السياسي الحديث والمعاصر، اتضح أن كثيراً من الشعارات التي رفعها اليساريون العرب لجهة الدفاع عن الحريات والتداول السلمي على السلطة لم تصمد تلك أمام الواقع، ورأي أن اليساريين العرب ورغم تراكم تجاربهم السياسية وثراء مكتبتهم الفكرية، إلا أنهم انحازوا للمؤسسة العسكرية بديلاً لخيارات الصندوق الانتخابية. واجه اليسار في السودان ازمة شاملة. مما جعل الباحثين في تاريخ السياسة السودانية، وضع الحزب الشيوعي في صدارة القوى المصنفة في خانة اليسار لأقدميته، ولفعاليته في المشهد السياسي منذ تكوينه وحتى الآن رغم ضالة قوته العددية في المُقارنة مع الأحزاب المُصنّفة يميناً، لكنه يظل الأكبر من ناحية عددية، في مُقارنته مع الأحزاب اليسارية الأخرى في السودان, مثل القوميين العرب ممثلين في عديد من التنظيمات أبرزها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الناصري، وحزب المؤتمر السوداني الذي يضعه الباحثون في تصنيف (يسار الوسط) لأسباب فكرية متعلقة بعدم قبوله بمناهج الاشتراكية العلمية أو الماركسية, رغم اتفاقه مع بقية مكونات اليسار على مشروع الدولة المدنية العلمانية.

اتصال منظم

ويؤرخ الراحل محمد علي جادين القيادي البعثي المعروف أن أول اتصال منظم من قبل مركز حزب البعث بمنظمات الاشتراكيين في السودان كان عام 1959م عندما أوفدت شعبة الطلبة العرب التابعة لحزب البعث في القاهرة إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم. وكان بينهم طالب سوداني هو الدكتور حسن أحمد عبد الهادي، الذي وضع خطة لإنشاء أول خلية حزبية للبعث في السودان، حيث كانت هنالك مجموعة من السودانيين تنظيما للطليعة العربية التقدمية وصارت لاحقاً بعد التدريب الحزبي أول خلية للحزب في السودان، وحددت أهدافها في مراعاة ظروف وحدة التيار القومي وعدم الاصطدام بالناصريين والاستفادة من تجارب الحزب التنظيمية في الأقطار الأخرى والعمل على تأكيد هوية السودان القومية, وإيقاظ الوجدان القومي في مواجهة الحركات الإقليمية والأممية والرجعية، والتفاعل مع حركة الاشتراكيين العرب، وانتزاع الفكر القومي من الفئات والحركات البرجوازية وشبه الاقطاعية التقليدية في إشارة للأحزاب التقليدية الكبيرة في السودان (الأمة والاتحادي).

انتهاء اليسار

ويرى محلل سياسي فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة) ان الحزب الشيوعي الآن ممسك بنظريته الشيوعية, لأن اليسار المنشق عن الحزب الشيوعي مجموعة كبيرة منه تركوا الشيوعية, واعتبروا يساراً، موضحاً بأن اليسار في السودان ضعيف جداً، والسبب في ذلك المنح الامريكية  للسودان وبالتالي اليسار انتهى في السودان. واحدة من اسباب ذلك انه كان ضد توجهات الولايات المتحدة الأمريكية وضد الدول الاوروبية الاستعمارية. وقال: رغم إنهم أقرب إلى الشيوعية التي انهارت في العالم، إلا أن اليساريين والشيوعيين ظلوا في السودان مُتمسكين بمبدأ (مارك)، لذلك هم الوحيدون يمكن تسميتهم باليساريين والباقون غير يساريين. أما البقية هم أقرب الى أمريكا, مما دفعهم أن يرحبوا بالمساعدات الأمريكية.

أهم الشخصيات

أهم الشخصيات اليسارية في السودان ولها دور تاريخي هما محمد ابراهيم نقد والقيادية فاطمة عبد المحمود التي كانت يسارية, تغيرت توجهاتها خلال فترة حكم نميري بعد توليها بعض الوظائف الوزارية،  كذلك من أبرز مواقفهما هي ثورة أكتوبر التي قام بها الشيوعيون والثورة ضد نميري. الآن حزب البعث والمؤتمر السوداني وتجمع المهنيين جميعهم يساريون قادوا الثورة ولكن بشكلٍ ضعيف جداً.

Related Articles

Back to top button