الوساطة المصرية.. شُكوكٌ في موقف الأشقاء
الخرطوم: الطيب محمد خير 24فبراير2022م
مصادر مصرية، كشفت عن رفض قوى سياسية ومدنية ومجموعات ثورية فاعلة على الأرض في تحريك الشارع بشأن لقاء وفد مصري يضم مسؤولين بجهاز المخابرات العامة وصل الخرطوم قبل أسبوع في مُحاولة لأداء القاهرة دور الوساطة بين أطراف الأزمة السودانية. في مقابل تخوف القاهرة من عودة وتيرة العلاقات بين السودان وإثيوبيا إلى طبيعتها، في ظل تبادل اللقاءات والزيارات بين المسؤولين في البلدين، وما يرشح من دور سياسي جديد لأديس أبابا في الأزمة السودانية قد يخصم مجدداً من الحضور المصري.
فشل المهمة
الوفد المصري فشل مهمته على الرغم من إضفاء طابع دبلوماسي عليه باستدعاء شخصيات دبلوماسية من المسؤولين عن الملف السوداني في الخارجية المصرية حسب موقع “العربي الجديد” الإلكتروني الذي أورد الخبر، إلا أنه فشل في تحقيق الأهداف المرجوة من زيارته للخرطوم التي لا يزال موجوداً فيها ، بإحداث اختراق بالجلوس مع القوى السياسية والثورية التي ترفض أي وجود أمني في هذه اللقاءات، لجهة أن معركتهم الأساسية مع المكونات الأمنية والعسكرية التي ترغب في الاستيلاء على المشهد، فكيف يقبلون بالوساطة المصرية التي تتعاطى مع الأزمة السودانية من منظور أمني، وعبر مؤسسات أمنية سيادية مصرية.
تعاملٌ بحذر
وكانت مصر قد تعاملت بحذر وترقب شديدين مع الازمة السودانية خلال الأيام الأولى لعزل البشير، ونجحت في الضغط على الدول الأفريقية التي اجتمعت في القاهرة بعد تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ونجحت في إقناعها بتمديد فترة إمساك المجلس العسكري الانتقالي إدارة شؤون البلاد، لحين استقرار الأوضاع، على العكس تماما من إثيوبيا التي لعبت دورا مكثفا وحضورا كبيرا على مستوى رئيس الوزراء آبي احمد الذي أدار عملية الوساطة وقيادة التواصل بين أطراف الازمة السودانية التي انتهت بتوقيع الوثيقة الدستورية التي أفضت لشراكة بين المكونين العسكري والمدني.
عقلية المخابرات
ويقول الخبير الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو لـ(الصيحة) حسب المتعارف عليه في تعامل مصر مع السودان كان معظم السفراء المصريين في السودان يتم اختيارهم من جهاز المخابرات المصرية, بمعنى مصر لم تكن ترسل سفراء من السلك الدبلوماسي الى السودان، وهذا كان طوال الفترة الماضية، لكن على ضوء هذا التعامل المصري مع السودان بعقلية المخابرات عبر هذا الوفد الذي رفضت القوى السياسية اللقاء معه، يوضح ان مصر لا تزال تتعامل مع السودان بعقلية المخابرات, لان الاوضاع في السودان ظلت تشكل هاجسا كبيرا لمصر، لجهة ان السودان يمثل لمصر دولة فاعلة في كل المجالات، وبالتالي مصالح مصر الدائمة في السودان من ناحية الامن المائي والامن القومي والتمدد السكاني وكذا يمثل السودان رافدا كبيرا للاقتصاد المصري في جانب السياحة وخاصة العلاجية وحتى ان تحولت لفترة السياحة العلاجية السوداني الى الاردن، لكنها لم تستمر كثيراً سرعان ما عادت، وبالتالي السودان مهم لمصر والعكس أيضاً وهذا جعل مصر تتعامل مع السودان بالتفكير الأمني.
أمنية ومدنية
واضاف السفير الطريفي في حالة الوفد هذا ان كان أصلاً قادماً للسودان للوساطة بين جهة امنية واخرى مدنية, طبيعي ان ترفض الجهة المدنية طرف الوساطة المصرية, القادم بشق أمني, بالتالي تصبح هناك شكوك بأنه سينفذ نظرية وساطته على السودان بالنظرية الأمنية المصرية, ويمكن القول هذه عقلية منحازة ليست قائمة على حياد لحل الأزمة الناشبة في السودان وانما تسعى لان تنفذ جهة بعينها أشياء معينة لا ندري ما هي. وأشار السفير الطريفي إلى أن موقف الرفض الذي أبدته القوى السياسية تجاه التعامل مع الوفد المصري بأنه موقف صحيح وسليم ، لجهة انه كان مطلوبا من دولة مصر ان تكون في الحياد وهي تلعب دور الوسيط بين الفرقاء السودانيين.
الأمر الواقع
وفي جانب مخاوف مصر المتعلقة بسد النهضة، قال السفير الطريفي إن سد النهضة منذ بداية قيامه كانت إثيوبيا تمضي في تنفيذه من خلال سياسة الأمر الواقع, وبالتالي لا تعير رؤية أو مصر أي التفاتة باعتبار انها دولة منبع والمياه تصل للسودان ومصر في فترة الفضيان واصبحت اثيوبيا من خلال تعاملها مع قضية سد النهضة بسياسة الأمر الواقع، أصبحت أي اتفاق لا يرضيها أو يخدم مصالحها لا تعيره أذناً ضاغية او تهتم به وهي تمضي في تنفيذ ما يخدم مصالحها، والحديث الذي قاله رئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد عن علاقة السودان ومصر وإثيوبيا وغيره من الحديث الايجابي، فالسؤال ما الذي يمنعه من توقيع الاتفاق الذي يرضي الأطراف الثلاثة, لكن ان وافق آبي احمد فعليه ما يقوله, ويمكن ان يؤدي ذلك للإطاحة به من رئاسة الوزراء الإثيوبية, وبالتالي لا بد من الضغط لتوقيع اتفاق باعتباره ملزماً، وهنا السؤال ما سر رفض إثيوبيا لتوقيع هذا الاتفاق، هنا يحب العمل للبحث عن اجابة لهذا السؤال؟
تحاشي الصدام
وفي رده على سؤال امكانية عودة إثيوبيا للعب دور في التوفيق بين الفرقاء السودانيين على ما فعلت في المرة الفائتة وأنهت بتوقيع الوثيقة الدستورية، قال مصدر لـ(الصيحة) إنه يمكن أن تكرر إثيوبيا هذه التجربة، لكن هناك موانع قد تعطلها عن القيام بهذا في مقدمتها المشاكل والنزاع الداخلي الذي تعيشه في اقليم تيغراي وبني شنقول، المعروف تاريخياً منذ الفترة الاستعمارية أن بني شنقول أراضٍ سودانية يقوم عليها سد النهضة، وهذا ما جعل إثيوبيا تحاول دائماً تحاشي الدخول في صدام مع السودان وتسعى لتحسين علاقتها معه، لجهة أن السد اصبح حقيقة واقعة ولا يحتمل أي اضطرابات في محيطه.