أزمة التيار الكهربائي بالخرطوم.. تتعدَّد الأسباب والقطع واحد
مواطن: الرقم (4848) إهدار لكرامة الإنسان ولعب على الذقون
تحقيق: محيي الدين شجر
يعاني سكان ولاية الخرطوم هذه الأيام، من قطوعات متكررة وأعطال مستمرة في التيار الكهربائي، في مقابل بطء من مكاتب الكهرباء في إصلاح الأعطال، الأمر الذي أدى إلى حدوث احتكاكات بين المواطنين ومكاتب الكهرباء في المحليات..
ووصل حنق المواطنين تجاه إدارات الكهرباء مرحلة متقدمة، حيث أكدوا لـ(الصيحة) أنهم مستعدون لكل شيء والإتيان بأي فعل بما أنهم يدفعون دم قلوبهم في الكهرباء ويحرمون منها، مشيرين إلى وجود من يعبث بالكهرباء لاستفزاز مواطني الولاية لإحداث فوضى.
“الصيحة” قضت ساعات طويلة بمكتب حلة كوكو للكهرباء، كما وقفت على ما دار من أحداث في مكتب الكهرباء الخاص بالوادي الأخضر، ورصدت عملية إنزال لأحد عاملي الكهرباء بمنطقة الجريف شرق كما وقفت على عمليات احتقان لمواطنين بمناطق أخرى، وخرجت بالحصيلة التالية :
الوادي الأخضر
انقطع الإمداد الكهربائي عن مدينة الصحفيين بالوادي الأخضر مربع٢٠ منذ أكثر من أسبوع بسبب عطل بالمحول الخاص بالمربع، حيث أبلغ سكان الحي إدارة الكهرباء التابعة لها المنطقة بالحاج يوسف أكثر من عشرة بلاغات خلال فترة الانقطاع، ولكن دون جدوى، ولم يصل المنطقة أي فني ليقوم بإصلاح العطل، الشيء الذي آثار حفيظة المواطنين، فأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى انقطاع في مياه الشرب لتصبح المنطقة بلا إمداد مائي وكهربائي.
مهمة خاصة
وقال لـ (الصيحة) أحد سكان المنطقة، إنهم ظلوا في حالة ترقب لحضور عامل من الكهرباء لإصلاح العطل، ولكنه لم يحضر إلى منطقتهم، بل حضرت عربة الكهرباء السبت الماضي لإصلاح عطل في المربع المجاور لهم مربع (15)، وأضاف بقوله: بعد حضور عربة الكهرباء للمربع المجاور لنا ذهبنا إليها وأخبرنا العمال بعطل مربع 20 منذ الخميس، وأنهم أبلغوا الكهرباء أكثر من عشر مرات، وأنها سانحة مناسبة لإصلاح العطل، فكان رد فني الكهرباء، أنه أتى في مهمة خاصة، ولا يستطيع إصلاح العطل في مربعهم، فتطور الأمر إلى أن وصل إلى اشتباك بين مواطني مدينة الصحافيين وبين فني الكهرباء حيث أوسعوه ضرباً وقاموا بإتلاف عربته ..
وأكد الأهالي أن العاملين بالهيئة يماطلون في إصلاح العطل متعمدين، وهددوا بأنهم سيعتصمون داخل مكتب الكهرباء بشارع واحد الحاج يوسف في حال عدم إرجاع الإمداد الكهربائي لهم خلال الساعات القادمة.
إصلاح العطل
وعلمت (الصيحة) أن إدارة الكهرباء بعد تلك الحادثة قامت بإصلاح العطل بمدينة الصحافيين .
توترات وصراخ
داخل مكتب حلة كوكو للكهرباء، رصدت (الصيحة) توترات عنيفة وصراخاً وانفعالات بين مواطنين غاضبين ومسؤولي البلاغات في المكتب في غياب المدير .
حيث حمّل المواطنون القصور في إرجاع التيار الكهربائي للأحياء إلى مدير المكتب، وذكروا في حديثهم لـ(الصيحة) بأنه متسيّب وغير مهتم بشكاوى المواطنين، وأن هنالك عاملين لهم مطالب شخصية، ولهذا أضربوا عن العمل في يوم الخميس الماضي ..
وأشار رضوان محمد طه، من سكان حي النصر إلى أنه ذهب لمكتب الكهرباء بحلة كوكو للتبليغ عن عطل كهربائي بمنزلهم، إلا أن العامل قابله بلطف وأخبره بأنه مضرب عن العمل في مطالب خاصة بهم كعمال، وأن ذهب لإصلاح العطل سيظهر بين أقرانه وكأنه خائن ..
وقال رضوان إن الإضراب كان يومي الثلاثاء والأربعاء لا يوم الخميس، ما يؤكد أن اضراب العاملين بالكهرباء لا علاقة له بإضراب قوى الحرية والتغيير .
الاعتراف
وأقر مصدر بالإدارة العليا للكهرباء بوجود مشكلات حقيقية هذه الأيام في إدارة الكهرباء وفي إمداد الكهرباء، وقال لـ(الصيحة) إن أول المشكلات هي مسألة التبليغ عبر الرقم 4848، وقال إنها غير منتجة، ولا يمكن للمواطن أن ينتظر ويكون دوره بعد 300 شخص أمامه للإجابة على سؤاله، ويخسر مئات الجنيهات في الاتصال، وقد لا يجد إجابة مقنعة كما يحدث في كثير من المرات.
وأشار إلى حدوث تراجع مخيف في خدمات الكهرباء بعد أن كانت مضرباً للمثل في سرعة الاستجابة للبلاغات والإصلاح في سرعة قياسية.. وقال إن شركة توزيع الكهرباء هي شركة قائمة بقانون الشركات بين وزارة الموارد ووزارة المالية، وكل إيراداتها تورد بشكل يومي للمالية، ولا تستطيع معالجة مشكلاتها بسبب ذلك، وقال إن دخول الإيرادت للمالية يؤثر في أداء الشركة، مؤكداً أن الحل يكمن في قيام شركات خاصة للكهرباء يهمها المستهلك وسمعتها في العمل، مشيراً إلى أن تجربة قيام شركات حكومية لم تحقق النجاح المأمول .
وأقر المصدر أن مدير الكهرباء الجديد مُكبّل، والمشكلة لم تكن في المدير السابق، أو في المدير الجديد، المشكلة أكبر منهما ..
وأوضح أن الكهرباء في فترة المدير العام الأسبق مكاوي محمد عوض، كانت أفضل، لإن إيرادات الكهرباء كانت تدخل إلى الإدارة والفائض كان يُحوَّل للمالية .
واعترف المصدر بوجود احتكاكات هذه الأيام بين المواطنين ومكاتب الكهرباء بسبب عدم السرعة، كما كان يحدث سابقاً في إصلاح الأعطال، وقال إن هنالك نقصاً في العربات وفي العاملين وفي الفنيين.. وأشار إلى تعرض فنيي الكهرباء إلى اعتداءات من قبل المواطنين في كثير من الأحياء، ولهذا امتنعوا عن العمل خوفاً على حياتهم ..
في حين قال المواطن سيف الدين عبد الله، إن سبب تعرض فنيي الكهرباء للضرب هو استفزازهم للمواطنين وعدم قيامهم بواجبهم .
حدث في الجريف شرق
وقال أحد سكان الجريف إن البعض أصبح لا يعمل إلا بعد أن ينال المعلوم، وأكد لـ(الصيحة) أنهم في الجريف قاموا بإنزال فني كهرباء من عمود الكهرباء لأنه رفض إصلاح العطل وحاول استفزازهم .
عشرة أيام
وقالت المواطنة أمينة عثمان من المرابيع، إن الكهرباء قاطعة بمنزلهم منذ عشرة أيام، وأنها حاولت التبليغ عبر الاتصال بالرقم 4848 لكنها خسرت أموالاً طائلة مؤكدة أنها طريقة عقيمة في التبليغ عن الأعطال ولا فائدة منها وفيها استفزاز للمواطنين .
وقالت إنها حضرت للتبليغ بنفسها مع أن ابنها مريض، ووعدوها بإصلاح العطل بعد أن كتبوا اسمها وتلفونها في ورقة خارجية لتعطل شبكة المكتب .
الاشتباك
ورصدت الصيحة اشتباك عدد من المواطنين مع مسؤول البلاغات بمكتب حلة كوكو بسبب حديثه بعدم وجود عربات كافية لإصلاح الأعطال، حيث قال المواطنون إن الكهرباء مؤسسة غنية، وكان عليها توفير عربات لإصلاح الأعطال.
وشاهدت الصيحة مسؤولاً للبلاغات يتحدث عن وجود مشكلة في عربات الصيانة وحوله عشرات المواطنين لعلهم يجدون إجابة شافية لشكواهم أو عربة تضع حداً لمشكلتهم .
تتعدد الأسباب والقطع واحد
استفسرت الصيحة مهندساً سابقاً بالهيئة القومية للكهرباء عن ما يحدث هذه الأيام من قطوعات للكهرباء في أحياء واسعة من الخرطوم، وما يحدث من تباطؤ في إصلاح الأعطال، فقال إن توقف إمداد الكهرباء من أثيوبيا له أثر واضح في تلك القطوعات، إضافة إلى وجود مشكلات سببها العاملون في الكهرباء الذين طالبوا بتحسين أوضاعهم وبعد أن استجابت لهم الإدارة لم يقوموا بواجبهم كما يجب، إضافة إلى فشل شركة توزيع الكهرباء في القيام بدورها بسبب أنها شركة حكومية بجانب عدم متابعة المسؤولين للأعمال الموكلة للعاملين والفنيين .