الخرطوم: رشا التوم 23فبراير2022م
خطوة إيجابية، اتخذها بنك السودان المركزي من خلال حشد مؤسسات القطاع الاقتصادي من وزارة المالية ووزارة الثروة الحيوانية والغرفة التجارية والمصدرين للتداول حول المشاكل التي تواجه تطوير وترقية الصادرات الزراعية وصادرات الثروة الحيوانية والبحث عن حلول عاجلة وجذرية، للإشكالات التي تقعد بالصادر والمصدرين، وعملت على تسرب حصائل الصادر والعملات الصعبة بعيداً عن الخزينة العامة للدولة.. وامتلأت جنبات قاعة مامون بحيري ببنك السودان المركزي بكافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية لنقل تفاصيل الورشة التي تمتد ليومين متتالين فإلى التفاصيل:
تغيير السياسات
انتقد عضو المجلس السيادي أبو القاسم برطم، الوجود الأجنبي بالبلاد، ودعا الى ضرورة فرض رسوم اقامة بالعملات الصعبة على الأجانب المقيمين البالغ عددهم ٨ ملايين أجنبي، غير اللاجئين، وقال في الجلسة الافتتاحية لورشة تطوير وترقية الصادرات الزراعية والثروة الحيوانية، في حال فرض رسوم إقامة في حدود ٢٠٠ دولار سنحقق دخلاً لما يربو على ٢.٥٠٠ مليار جنيه ثمن الإقامة، ويعتبر دخلاً للخزينة العامة. ووصف الحكومة وتعاملها بعقلية التسلط وعدم استصحاب المنتج في القرارات. وانتقد برطم عدم ثبات السياسات المالية من البنك المركزي ووزارة التجارة ، مبيناً انها تتغيّر بصورة شهرية ، وأضاف القطاع الاقتصادي يعمل في جزر معزولة، مشدداً على ضرورة الالتزام بتجاوز الفترة السابقة والعمل على تأسيس دولة مؤسسات حقيقية بوضع رؤية غير تقليدية لتسويق المنتجات السودانية في الأسواق الخارجية.
انعدام الضوابط
واعترف بعدم وجود ضوابط من قِبل وزارة التجارة لإحكام الصادر مما ساعد على التهريب، مشدداً على ضرورة وضع ضوابط صارمة لمعالجة كثير من الإشكالات التي خلقت تنافسا غير شريف في الأسواق الخارجية ، وقال ان التجار السودانيين لا يلتزمون بتوحيد السعر مما يضر بالصادرات السودانية. ونادي بمعالجات لحصائل الصادر والتهريب.
من ناحيته، أكد وزير المالية د. جبريل ابراهيم بأن حال السودان لا يسر واعترف بوجود مشكلة حقيقية تواجه البلاد بالرغم من وجود موارد ضخمة ، وأضاف أن السودان لفترة طويلة يدعي انه سلة غذاء العالم بالرغم من وجود المقومات، الا اننا فشلنا في تحقيق ذلك.
وقال في ورشة تطوير وتنمية الصادرات الزراعية وصادرات الثروة الحيوانية امس، لا يوجد سبب بأي حال من الأحوال يجعل الميزان التجاري سالباً. وأضاف العالم العربي على ثقة بإمكانيات السودان التي تؤهله بأن يكون في موقع القيادة في مسألة الأمن الغذائي. بيد أنه جزم بالقول “نحن مقصرين” ، واردف من المفترض أن ينتج السودان فائضا يصل للعالم. وشدد على ضرورة التنسيق في القطاعين العام والخاص للوصول الى مستوى هذا التحدي. وقال قناعتي بأن دور الحكومة تنظيمي ومهمة الإنتاج الأساسية للقطاع الخاص، مضيفاً لا بد ان نتحد وان يتحمّل القطاع الخاص المسؤولية وتحقيق الإنجاز وإلا فإن المنشورات التي تصدر لا تأتي أُكلها. وطالب القطاع المصرفي بضرورة أن يلعب دورا حقيقيا لتمويل الزراعة بشقيها، مردفاً بمبالغ بسيطة جدا لصغار المنتجين يمكن أن تعمل معجزات. واستدرك بالقول بجهد بسيط للقطاع البستاني أيضاً يمكن أن تعمل معجزات. مبينا ان هناك جهوداً مقدرة احدثت انتاجية عالية لمحصول القطن.
عدم اهتمام
واعترف بعدم الاهتمام بالإنتاج والإنتاجية ، وأضاف يجب أن تكون الزيادة أفقية وليست رأسية وذلك باتباع حزم تقنية. وقطع بالقول من العيب ان ننتج 7 جوالات قمح للفدان في الجزيرة ودول مجاورة تنتج 45 جوالا، وقال ان استصلاح الأرض لديهم تكلفتها ١٥ ألف دولار وفي السودان تكلفتها ٣ آلاف دولار. وقال العيب “فينا وليس الارض”، واستدرك قائلاً “محتاجين مراجعة أنفسنا” ونرتفع لمستوى التحدي. وأضاف “هذه النعمة محاسبين عليها أمام شعبنا ولكن الأهم المحاسبة أمام الله وقد وهبنا خبرات كثيرة وما زلنا نشتكي من الجوع، والفجوة الغذائية، وتقزم الاطفال بنسب مخيفة”، وقال هذا أمر غير مقبول في بلد به إمكانيات كبيرة، واقر بوجود إشكالية كبيرة في “السمسرة”، وأردف مثال لذلك 100 طن سمسم يباع في الأسواق الخارجية من قبل سماسرة، قائلاً “كل واحد منهم يحمل “كيسا” في أسواق العالم وفي نهاية الأمر تصل الى مليون طن. وشدد على ضرورة تنظيم الصادر. وانتقد عدم اضافة قيمة مضافة للمنتجات وتصدير الثورة الحيوانية عبر الحدود دون فائدة. ونكاد نصدر الصمغ العربي بواقع ١٨٠٠ الى ٢٣٠٠ دولار ويُعاد تصديره بـ١٧ ألف دولار للطن، واعترف بوجود إشكالية حقيقية في الميزان التجاري، وأضاف لكي يتم التغيير لا بد من بذل جهد إضافي، منوها الى ان القطاع الصناعي يواجه نفس التحدي، وجزم بعدم جدوى تصدير الفول نقاوة والسمسم وعباد الشمس والقطن. وأضاف لا بد من العمل على زيادة الانتاج باتباع حزم تقنية وإيجاد تقاوي تصلح للمنتجات المحلية ثم اضافة قيمة حقيقية لصادرتنا. وأقر جبريل بوجود إشكالات كثيرة في البنية التحتية سواء في المواصلات و الموانئ والمعابر والطرق، وقال يجب عدم إضاعة الوقت في الفحص في المعابر ولا بد من العمل بطريقة أفضل واستخدام وسائل حديثة لفحص السلع الواردة ويتم جمركتها من أجل انسياب الصادر بطريقة أسرع، وطالب بإزالة كافة المعيقات التي تواجه الصادر سواء كانت بسياسات من المالية وغيرها والبنك المركزي والجمارك، وقال الموانئ تحتاج الى عمل كبير وكذلك المطار من أجل تنظيم عمل الصادر. وانتقد جبريل تضارب السياسات من قبل البنك المركزي، قائلاً رسم السياسات هي الجهة المعنية بتنفيذ هذه السياسة، وطالب البنك بضرورة إشراك كافة الجهات المعنية بالسياسة من أجل إصدار سياسات مستقرة. واعاب على البنك تغيير السياسات مما يؤكد أن الأساس “هش”، وشدد على ضرورة توسيع دائرة التشاور والاستماع لكل القطاعات الاقتصادية خاصة اتحاد اصحاب العمل من أجل وصنع سياسات مثمرة. وأضاف السودان به خير كثير “ولكن نحن مُقصِّرين” ونستشعر هذا الخطأ ويجب إصلاحه.
زيادة كبيرة
وفي ذات السياق، قال وزير الثروة الحيوانية والسمكية حافظ عبد النبي ان صادرات الثروة الحيوانية بلغت اكثر من ٦٠٠ مليون دولار العام الماضي رغما عن التحديات الداخلية والخارجية، وكشف عن تلاعب في صادرات الثروة الحيوانية من قبل بعض ضعاف النفوس مما أضر بالصادر والعائد من العملات الصعبة، َواقر بتلقي شكاوى من المصدرين والتحويلات من مصر وهي قضية عاجلة يجب البت فيها.
وافصح عن تلاعب كبير في حصائل الصادر أثر سلبا، وقال إن الحظر وحده ليس كافياً ويجب اتخاذ خطوات قانونية من وزارة العدل بحظر الاسماء وليس الأعمال واتباع سياسات مرنة تجاه المصدرين، واردف ان بعض البنوك تواجه اشكالات في المراسلة مع السودان مما ساعد على التهريب.
تحقيق نجاحات
ومن جانبه، كشف محافظ بنك السودان المركزي الفاتح زين العابدين عن صعوبات واجهت البنك، الا ان القائمين على الأمر تغلبوا عليها، مشيرا الى تحقيق نجاحات كبيرة بإجراء تعديلات هامة في بعض القوانين الخاصة بالجهاز المصرفي وقوانين العمل المصرفي التي تصب في ترسيخ مفهوم استقلالية البنك، وأوضح ان الورشة تتعلق بمناقشة الصادرات السودانية للحفاظ على مقومات الاقتصاد والنهوض بالصادرات في مواجهة اشكالات في السلع الزراعية والثروة الحيوانية، ولفت الى اهمية الصادرات في تقليل فجوة الميزان التجاري وتوحيد سعر الصرف لتوفير العملات الصعبة وتعزيز الاستقرار السياسي، منوها الى ان استقرار سعر الصرف عبر القنوات الرسمية والصرافات والبنوك التجارية.
وقال إن سياسات العام ٢٠٢٢م تهدف الى الاستقرار وهي قابلة للتعديل.
ومن ناحيتها، قالت وزير التجارة والتموين المكلف ان الورشة بغرض تطوير قطاع الصادرات، وقالت إن الورشة تدفع بالصادر في المسار الصحيح.
ظاهرة الوراقة
شدد مدير عام ادارة التجارة الخارجية بوزارة التجارة، عيسى ترتيب شاطر، على ضرورة وضع إجراءات صارمة للبنوك التجارية لسلع الصادر، واتهم البنوك التجارية بعمل تغطية لـ”الوراقة”، وقطع بأنهم ضد البنوك التي تنافس المصدرين وضد الشركات الحكومية التي تعمل في العمل التجاري، وقال عيسى ان الوزارة لها قانون وان كل مستندات “الوراقة” سليمة، وشدد على البنوك التجارية ان تعرف من هم الوراقة، وطالب بنك السودان المركزي لضمان استرجاع حصائل الصادر ، واكد ان الوزارة لديها قانون لتنظيم التجارة وصفه بالقوي والرادع والصارم يمكن ان يضبط سجل السلع والخدمات، لافتاً الى ان القانون الآن في طور الإجازة ، وطرح عيسى سؤالاً ماذا يفعل البنك المركزي للبنوك التجارية بخصوص الوراقة.
فيما طالب بضرورة حوسبة وزارة التجارة وكشف عن مشاكل بين السودان ودول الجوار ما ادى الى عجز في الميزان التجاري والمدفوعات لفترة طويلة، مطالباً المؤسسات للعمل بمعايير الجودة العالمية خاصة وزارة الصناعة. وانتقد عيسى عدم وجود مُلحقيات تجارية في عدد من الدول وطالب بعودتها خاصة في القاهرة وأسوان وجدة ودبي وجنوب السودان، مقراً بوجود فاقد اقتصادي كبير، واكد صعوبة تغيير البروتوكول التجاري مع مصر، ونفى وجود استثناءات في تجارة الإبل فيما يتعلق بتجارة الحدود، وقال ان وجدت يكون هذا شغل ابتزاز، وأقر بوجود تحويلات عملة بين مصر والسودان في تجارة الإبل، وطالب بمركزية السياسات والنظر للقرارات مع بعض، ودعا للوطنية، واقر بتأثير إغلاق ميناء بورتسودان ووصفه بالمشكلة الكبيرة، واكد ان اسعار التركيز للقطن وضعتها وزارة المالية، واكد امكانية وزارة التجارة إعادة النظر فيها، فيما أقر بضعف السعر التركيزي للقمح ، كاشفاً عن وجود غير شريف بين المصدرين السودانيين في الخارج عزاها لعدم وجود ملحقيات تجارية.
ودعا عيسى للإسراع باكتمال القوانين والتشريعات الخاصة بتنظيم العمل التجاري.
وكشف عن زيادة في إجمالي صادرات هذا القطاع الى 2,2 مليار دولار عام 2020 بدلا من 906,1 مليون دولار عام 2012. واستعرض اتجاه الصادرات الزراعية من حيث التوزيع الجغرافي، مبيناً ان الدول العربية من أكبر الأسواق لسلع الصادرات الزراعية ومن أهم تلك الدول المملكة العربية السعودية والإمارات والاردن ولبنان، كما تلي الدول العربية التي تستقبل الصادرات الزراعية السودانية، الآسيوية على رأسها الصين ومن ثم الهند وباكستان وتجئ بعد ذلك الدول الأفريقية باستقبال الصادرات السودانية الزراعية ويحتل اقليم الكوميسا المركز الأول.
القطاع الخاص.. تكامل وتوافق
وأشار امين المال باتحاد الغرف التجارية مينا جوزيف الى الدور الكبير الذي يلعبه القطاع الخاص في ترقيه الصادرات، وقال إن ضعف الانتاجية هي السمة السائدة في البلاد، وتوقع ارتفاع عائدات الصادر في المدى القصير الى ٥ مليارات دولار وعلى المدى الطويل ما بين ٨ الى ١٥ مليار دولار، ونادى بضرورة التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص.
مشاكل إدارية
وكشف عن مشكلات إدارية ومعيقات في طريق الصادر بسبب السياسات النقدية ومنشورات بنك السودان الخاصة بالصادر، وطالب باشراك القطاع الخاص في صنع القرار، وعاب كثرة المنشورات وتغييرها دون الرجوع للقطاع الخاص، وأعرب عن استياء المصدرين من ضعف التمويل وارتفاع هامش الربح البنكي والتي وصلت إلى نسبه ٣٠٪ في العام.
ودعا الى اعادة النظر في المطالبة باسترداد قيمة الحصيلة خلال ٤٥ يوما، مشيرا الى صعوبة الإجراءات المصرفية والتعاملات الخارجية
والسماح للصادر بكافة طرق الدفع والسماح بتحويل حصيلة الصادر من اي بلد غير البلد المستورد، وقال إن اغلب البنوك لا تملك مراسلة مع كثير من البنوك في هذه الدول والسماح ببيع حصيلة الصادر للبنوك التجارية مباشرة وشحن بضائع الدفع المقدم خلال ٦ اشهر بدلا من ٣ اشهر ، وطالب بإيقاف استثمارات البنوك في محاصيل الصادر بغرض التجارة والتصدير، وقال نحن المصدرون الحقيقيون متضررون من إيجار السجلات، ودعا الى منع السجلات التجارية للجهات والأفراد لا علاقة لهم بالتجارة الخارجية مما يفقد الدولة عائدات الصادر، مبينا ضعف العقوبات والتحايل عليها، وطالب بمراجعة الضرائب والرسوم وارجاع نسبة أرباح الأعمال الى ١٥٪ بدلا من ٣٠٪
مطالبه بالحسم
وفي السياق نفسه، طالب الامين العام لاتحاد الغرف التجارية، الصادق الجلال، بإصدار سياسات تصب في المصلحة العامة، وتسهم في تطوير قطاع الصادرات، وقال إن ظاهرة “الوراقة وتأجير السجلات” عبر القانون غير مجرمة، ولا تتعدى عقوبتها قوائم الحظر فقط، ولا يرقى الى اجراء عدلي، داعياً الى تدخل وزارة العدل لإصدار تشريعات، كذلك التنسيق لوضع ضوابط للحد من هذه الظاهرة، واضاف: المشكلة تكمن في قانون ٢٠٠٨م سجل المصدرين والمستوردين، ضعيف لا يرقى لعملية الصادر ولا يجرم، لافتاً الى وجود جرأة كبيرة في عمليات الوراقة حالياً لعدم الحسم، وتطلع الى وجود تغيير كبير في النهج نحوهم.
واعلن الصادق، عن جاهزية اتحاد الغرف التجارية لعمل كل الضمانات اللازمة، للحد من الفساد وظاهرة الوراقة وتأجير السجلات، واسترجاع حصائل الصادر.
وشكا المصدر محمد حامد وردي من مشكلات حقيقية في السعر التأشيري للإبل بواقع ١١٠٠ دولار، ودعا الى مراجعة السياسات الخاصة بالصادر، وعاب عدم إشراك المصدرين في وضع السعر التأشيري وطالب الحكومة بإعادة النظر في البروتوكول الموقع مع مصر وليس معاقبة المصدرين والزام المصريين بالتحويل، حيث يتم تحويل ٣٣ مليون دولار شهرياً عائد صادر من الإبل، مبينا أن مصر لا تحول في صادر الإبل وفقاً البروتوكول القديم وحصر العمل على شركة النصر، واوضح اهمية اتاحة الفرصة لكافة الشركات المصرية للاستيراد، وقال إن أسواق السعودية ومصر من أكبر الأسواق لصادر الثروة الحيوانية، وزاد قائلا نحن نحارب في انفسنا. ومصر تستهلك ٥٪ من اللحوم السودانية وتستقبل ٧٠ ألف رأس، وتساءل أين سياسات الدولة في تطوير الصادر؟
شكاوى واستياءٌ
وانتقد عدد من المصدرين، سياسات البنك المركزي، تجاه الصادر خاصة منشور الدفع المقدم، وطالبوا بإلغاء السعر التركيزي للقطن وتعديل الأسعار التأشيرية للسلع النقدية، تماشياً مع سعر الصرف، كذلك بوجود شفافية وسياسات واضحة للصمغ العربي، موضحين أن ظاهرة الوراقة، هزمت كل مؤسسات الدولة، ويجب على وزارة التجارة والتموين محاربتها، لأنها في تسببت في إشانة سمعة المصدرين، مشددين على ضرورة اجتثاث الظاهرة. واتهم بعضهم وزارة التجارة بعدم الاستعلام عن المصدرين الحقيقيين في القطاع.