سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع..
21فبراير2022م
محمد الأمين.. عبقرية توظيف التراث الغنائي الشعبي!!
(دو)
من المهم أن نقول أن نشأة محمد الأمين في السودان المصغر ولاية الجزيرة وتأثره بفنون تلك المنطقة التي جمعت كل اهل السودان وهم محملون بثقافتهم الغنائية والصوفية المتنوعة، هذه النشأة والتأثر اصبحا يمثلان جوهراً اصيلاً قيما ودينمو محرك في شكل تأليف معظم الالحان التي قدمها محمد الامين، فنجد محمد الامين والذي ظهر بقوة في شكل ألحانه الوطنية والإيقاعات التي تبث الحماس في الروح والمتفاعلة مع وجدان المواطن السوداني.
(ري)
نجده أيضاً يدخل بعض الانماط الغنائية الشعبية المنتشرة في السودان مثل اغاني الحماسة، والمناحة والدوبيت، بل عندما يتناول اغاني من المراحل الفنية السابقة كان يدخل عليها عنصر الابداع الموسيقي في شكل الموسيقى المصاحبة وإدخال اللزمات الموسيقية وكان هذا واضحاً في اغنية الحقيبة (بدور القلعة) التي وضع كلماتها الشاعر الراحل صالح عبد السيد (أبو صلاح) هذه الاغنية قدمها محمد الامين وهو في بداية حياته الفنية نهاية الخمسينات وبداية الستينات واشتهر بها في مدينة ود مدني، كما قدم اغنية (جاني طيفو طايف)، (من قليبو الجافي)، (عازة الفراق بي طال).
(مي)
أما في مجال أغاني الحماسة قام بوضع اللحن لأغنية (عيال أبجويلي).. وعيال أبجويلي هم أسرة كبيرة اشتهرت بالكرم والشجاعة والتجارة بمنطقة (المسلمية) ولاية الجزيرة وفي أثناء تجارتهم بمنطقة غرب السودان قابلتهم قافلة من قطاع الطرق ولكنهم انتصروا عليهم وظهرت الاشعار التي تمجد شجاعة هذه الاسرة (ابجويلي) فقام محمد الامين بحفظ بعض منها بمساعدة إحدى حبوباته ووضع عليها اللحن المعروف على ايقاع العرضة الحماسي المعروف والذي يميز كل منطقة البطانة.
(فا)
في تجربة اخرى مستلهمة من الموروث الشعبي ظهرت واحدة من اشهر أغانيه المناحية وهي (قرار العبوس) هذه المناحة تنسب لامرأة كانت تبكي الشيخ عبد الباقي في وفاته، كانت تؤدي فيها الكلمات الشعرية التي تعبر عن الشيخ عبد الباقي ومكانته السامية وفي لحن دائري وبسيط ، أخذ محمد الامين هذه الفكرة البسيطة ونماها وطورها من الناحية الموسيقية والادائية وقدمها لجمهوره واصبحت من أشهر اغانيه المناحية يؤديها في مناسباتها المعينة.
(صول)
أما في مجال الدوبيت كانت النتيجة واضحة لمبدع تغذى بتراثه واستلهم منه الحانه وذلك بادخال فن الدوبيت في بعض مؤلفاته الغنائية، وذلك واضح في اغنية (جديات العسين) والتي أدخل عليها محمد الامين مجموعة من اشعار الدوبيت وبألحانه البسيطة والمتنوعة ، و اغنية (زورق الألحان) والتي صاغ كلماتها الشاعر فضل الله محمد وفي الكوبيليه الاخير للاغنية وعند البيت الشعري (بيتين من الدوبيت في ليلة صيفية) هنا تتوقف الموسيقى ويصبح هنالك حوار ما بين آلة الكمان الصولو ومحمد الامين ، تبدأ آلة الكمان وكأنما تؤدي لحنا من الحان الدوبيت البسيطة ويليها محمد الامين بالدوبيت الذي ادخل عليه بعض الأبيات الشعرية من كلمات الشاعر محمد علي جبارة.