(القناصة).. الطرف الخفي في قتل المُحتجين
الخرطوم: الطيب محمد خير 18فبراير2022م
قال رئيس مجلس السيادة السوداني, قائد القوات المسلحة الفرق أول عبد الفتاح البرهان خلال مخاطبته, ضباط وضباط صف وجنود بمنطقة وادي سيدنا العسكرية, إنه يستحيل أن يوجه الجيش والقوات النظامية الأخرى سلاحها لقتل أبناء الشعب السوداني, وكان الفريق البرهان قد اكد نفس الحديث في لقاء بالتلفزيون القومي منعهم للأجهزة الأمنية من حمل السلاح, مشيراً لوجود شكوك حول جهات أخرى تمارس القتل, واشار الى ان هناك موقوفين في قضايا قتل. في وقت يؤكد فيه المتظاهرون الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ الــ(25) من اكتوبر الماضي بوجود قناصة في الشوارع, لكن حتى الآن يظل هؤلاء القناصة مجهولي الهوية, وفقاً للسلطات خاصة قوات الشرطة التي تتعامل مع المظاهرات، وكان مدير الشرطة السودانية قد أوضح في وقت سابق أن قوات الشرطة التي تتعامل مع المظاهرات غير مسلحة بسلاح ناري، مضيفاً أنه ربما هناك جهات أخرى مسلحة تستغل الوضع العام لاستهداف المتظاهرين على حد قوله.
أعمال عنف
في ذات الوقت, تحولت الاحتجاجات في بعض المناطق بالعاصمة وبعض الولايات الى أعمال عنف وتخريب وإحراق لمباني مقرات الشرطة وإصابة عدد من منسوبي الشرطة بعضهم إصاباتهم خطرة، واتلاف عدد كبير من مركبات الشرطة وبعض السيارات الخاصة المحتجزة من اصحابها في هذه الأقسام كمعروضات لقضايا يجري التحقيق فيها ، وأعلن المتظاهرون عدم مسؤوليتهم عن تلك الأعمال التخريبية التي قالوا ان الهدف منها حرف مسار التظاهرات عن خطها السلمي وجر المحتجين إلى دوامة الاشتباك مع القوات الأمنية ، ويبقى المطلب الرئيسي لعائلات الضحايا التي تعيش حالة من الحزن والحداد إثر مقتل أبنائها بالذخيرة الحية خلال المظاهرات، تحديد هوية القناصة والجهة التي تقف وراءهم من جانبها.
لجنة للتقصي
أعلنت الحكومة أنها فتحت تحقيقاً لكشف كل التفاصيل عن هذا الملف, وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي في الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قرارا بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأحداث التي وقعت خلال التظاهرات ، فيما توالت ردود الفعل الدولية على حصيلة الضحايا التي ارتفعت إلى اكثر من ثمانين قتيلاً سقطوا, وشهدت التظاهرات مقتل ضابط كبير برتبة العميد نتيجة المواجهات خلال المظاهرات التي ظلت تخرج في الخرطوم منذ 25 أكتوبر الماضي، ويطلق عليها اسم مليونية ويتم خلالها إغلاق بعض الطرق الرئيسية في العاصمة الخرطوم، فضلاً عن مئات الجرحى والمصابين من المتظاهرين وقوات الشرطة.
تحرٍ وتحقيق
يقول الخبير القانون نبيل أديب انا كرجل قانون لا أستطيع أن يقرر في امر كهذا لأنه في حاجة لتحرٍ وتحقيق متكامل وشفاف توفر كامل الإمكانيات. واشار نبيل الى أن القتل الذي يتم خلال المظاهرات, الطبيب الذي يقوم بعملية التشريح للمتوفي هو الذي يحدد اتجاه الرصاصة ونوعية الخرق الذي احدثته في الجسم وهل بقيت أم خرجت من الجسم, مضيفاً بعدها يتم البحث عن كيف دخلت هذه الرصاصة الى البلاد وكيف اطلقت هذه الرصاصة لانه يمكن فحص البندقية المشكوك فيها هل اطلقت النار حديثاً ام وايضا القوة العسكرية التي تتعامل مع هذه المظاهرات يجب ان تكون الاسلحة النارية التي بطرفها محرزة ومحصورة عدد طلقاتها. واضاف نبيل بالتالي الحديث عن هذه الجرائم حديث فحص ونتائج واتهامات جنائية واضحة وليس حديثا سياسيا, وانما يجب ان يتم فيه التحقيق حتى يعرف الجميع الحقيقة مجردة على ضوء ذلك تتم معرفة ان كانت هذه الجرائم ترتكب من طرف ثالث.
استهداف المتظاهرين
ويرى القانوني أبو بكر عبد الرازق ان التظاهرات التي تجرى الآن لم تعد كما في عام 2019 بعد ان فقدت سلميتها عند بعض المتظاهرين. وقال تقديري هناك بعض الجهات تستهدف قتل المتظاهرين من اجل الكسب السياسي الرخيص . واضاف أبو بكر في ذات الوقت لا استطيع ان تتهم او تبرئ القوات النظامية والمتظاهرين من الاعتداء على بعضهم البعض طالما انهما موجودان في الميدان وهذا لا يكتمل الا بالتحقيق الشفاف الذي يتم عبر النيابة والمباحث العادية لتحديد مَن الجاني وهنا ايضاً يصعب توجيه اتهام لاحد الطرفين مباشرة. واشار أبو بكر الى ان بعض المتظاهرين قد خرجوا عن السلمية وقاموا بحرق قسمي الصافية والمؤسسة ببحري وايضاً قتل العميد بريمة خلال التظاهرات, وقطع شك لم تقتله الشرطة السودانية، اما الحديث عن الجيش لا يشارك في التصدي للتظاهرات حديث صحيح, لأن القوات المنتشرة في الشوارع وتتصدى للمتظاهرين تنتمي للشرطة بفصائلها وتخصصاتها المختلفة.
حرب شوارع
واسترجع ابوبكر قائلاً ان افترضنا جدلا ان الشرطة اضطرت لاستخدام السلاح يكون السؤال ما الذي اجبرها على ذلك؟ ينبغي على الشرطة ان تكون على الاطراف تراقب المتظاهرين وفي نفس الوقت ينبغى على المتظاهرين ألا يتعرضوا للشرطة في مواقعها وألا يعتدوا على الممتلكات عامة كانت او خاصة طالما هم ملتزمون جانب السلمية، لان القانون يعطي الشرطة حق استخدام السلاح وفقاً لحالات محددة بمواد في القانون وبإجراءات وتدابير محددة تحت اشراف وكيل نيابة، مشيراً الى أن القضية قد خرجت من ساحة القانون الى الساحة السياسية, وبالتالي اصبحت الاتهامات متبادلة فشقيق الشهيدة ام النفور يقول انها لم تقلتها الشرطة, وكذلك العقيد بريمة الذي اكدت كل التحريات انه لم يكن مسلحاً, ومؤكد لم تقلته الشرطة التي اعلنت انها ألقت القبض على القاتل ومثّل الجريمة وهذا شأن اصبح بيد القضاء. واضاف أبو بكر حسب ما اراه واطلع عليه من متابعات ما يجري في الشارع الآن ليست مظاهرات وانما حرب شوارع ويجافي ما هو متعارف عليه في تعريف التظاهرات الذي ينطبق على تظاهرات عام 2019 التي كانت سلمية لأبعد الحدود وكان وقتها عندما يسقط شهيد, كل الشارع السوداني يتعاطف معه ويحزن له أشد الحزن ويحمل المسؤولية للأجهزة الأمنية والجهات الرسمية القائمة على امرها، لكن الآن على العكس الشارع منقسمٌ وهناك قطاعٌ عريضٌ من المواطنين غير مؤيد ومتعاطف مع هذه التظاهرات. لأن حرب الشوارع التي ينتهج في التظاهرات عطلت مصالحهم, فالمسألة انحرفت من صراع مع السلطة لصراع مع المواطن في معاشه.
جانب السلمية
وقال ابو بكر على المتظاهرين ان يلتزموا جانب السلمية لأبعد الحدود والا يحمل احدهم حجراً او زجاجة حارقة ويقذف بها القوات الامنية والا يتلف ممتلكات عامة كانت او خاصة, وفي ذات الوقت على القوات والاجهزة الامنية ان تلتزم جانب مراقبة التظاهرات من الاطراف ولا تتدخل إلا في حدود المسموح به في حالة الاعتداء على افرادها او بعض الممتلكات او قطع الشارع وتتريسه, لان هذا فعل جنائي يُعاقب عليه القانون ، وفوق هذا هناك بعض المجرمين استغلوا التظاهرات ليلاً لقطع الطريق ونهب المارة تحت ستار التتريس واغلاق الطرق, ومؤكد ان المتظاهرين لا علاقة لهم بذلك لكن الجريمة تتحرك حيث البيئة التي تناسبها.