الخرطوم: سارة إبراهيم عباس 18فبراير2022م
بدأت في بعض أحياء الخرطوم، قطوعات الكهرباء بصورة مستمرة طيلة الأيام الماضية، مما أثارت موجة من الغضب والخوف الهلع لدى المواطنين الذين تحدثوا لـ(الصيحة) واجمعوا على ان هذه القطوعات تضاف الى رصيد الأزمات التي يتحمّلها المواطن ويدفع فاتورتها مجبراً وتخوفوا زيادة فترة القطوعات في فصل الصيف خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
** لا عذر للحكومة
وعبّر مُواطنون، عن امتعاضهم للقطوعات المتكررة، مشيرين إلى أن الكهرباء قد تصبح سلعة كمالية لبعضهم خاصة من محدودي الدخل، فيما أشارت ربة منزل “فاطمة حسن” إلى أن الأهم هو توفير الإمداد الكهربائي وضمان استقراره، لافتة الى ان الحكومة لا عذر لها بعد الزيادة الأخيرة حال فشلت في توفير امداد مستقر.
وقطعت فاطمة في استطلاع “الصيحة” ان كثيراً من المواطنين لن يكون بمقدورهم تحمُّل تكلفة الكهرباء، لا سيما وأن تحرير الأسعار جاء مُتزامناً مع رفع الدعم عن دقيق الخبز، وهو ما يضاعف مُعاناتهم!!!
** زيادة تكلفة الإنتاج
ويعاني المواطن من تكرار القطوعات اليومية دون برنامج محدد ما زاد من معاناة القطاعات السكنية والتجارية بشكل كبير، رغم اننا في فصل الشتاء ومازال استمرار انقطاع التيار بصورة عشوائية بشكل كبير، وأكد أصحاب القطاعات الصناعية والتجارية تعرُّضهم لخسائر فادحة مع قلة الإنتاج اليومي وزيادة تكلفة بعضها الذي يعتمد على المولدات ما يزيد من أسعارها.
** خسارة مؤكدة
وقال صاحب مصنع “فضّل حجب اسمه” ان تكرار القطوعات وعدم انتظامها يمثل “خسارة مؤكدة”، موضحاً ان تكلفة تشغيل المولدات ايضاً عالية بسبب ارتفاع اسعار الجازولين علاوة على ان بعض الآليات تحتاج لتيار منتظم وقوي وهو ما لا يتوفر دوماً في المولدات.
**تجاهل الإدارات
إلا ان احد مهندسي الكهرباء قال ان السبب في استمرار القطوعات يكمن في تجاهل الإدارات المتعاقبة لخطط التطوير التي قدمها الفنيون والمهندسون منذ اكثر من 6 سنوات دون ان تتبنى الوزارة تطبيقها، وقال إن تجاهل تلك الخُطط هو السبب الأول في عجز الانتاج.
** سد فجوة الطلب
وأرجع الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، أسباب الفجوة في إنتاج الكهرباء لعدم كفاية مصادر التوليد القائمة وعجزها عن توفير الكميات المطلوبة من الكهرباء، اضافة لقلة اهتمام الوزارة ببقية مصادر التوليد الأخرى مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة التي يمكن ان تسهم في سد فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء.
** زيادة من الأزمة
واوضح عبد المنعم ان مشكلة الكهرباء هي سوء ادارة اضافة الى تعيين اداريين غير مؤهلين بمؤسسات حكومية، ويقول ان عدم انتظام الإمداد الكهربائي للقطاعات المختلفة يؤثر مباشرة على الاقتصاد، كما ان عدم وجود أي مصادر للطاقة البديلة للاعتماد عليها سواء في القطاعات الإنتاجية أو السكنية او الخدمية يزيد من الازمة المتمثلة في كثرة القطوعات، ولفت في حديث سابق لـ(الصيحة) الى وجود عجز في إنتاج الكهرباء يقدر بحوالي 60% من حاجة الاستهلاك، واعتبر الطاقات المتجددة وتحديداً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تمثلان الحل لمستقبل توليد الكهرباء بالبلاد بالرغم من تكاليفهما العالية حالياً، وأضاف أن الطاقة الشمسيّة تضع السودان ضمن أغنى عشر دول في العالم تتمتع بالضوء الشمسي، مؤكداً ان قلة الوقود والنقد الأجنبي من اهم مشاكل الكهرباء في السودان.
** قلقٌ وإحباطٌ
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل القوني، إن الكهرباء أصبحت من حياة الناس في المدن الكبرى، وبالتالي من المهم ان يتم تخطيط اي عمل بوجودها لأهميتها الكبيرة في جميع مناحي الحياة، فضلاً عن استعمالها في المصانع والخدمات، فانقطاع التيار الكهربائي له تأثيرات مباشرة على المواطن، ولفت القوني في حديثه لـ(الصيحة) الى ان الأيام الماضية شهدت ولاية الخرطوم قطوعات للتيار الكهربائي دون اعلان سابق، الأمر الذي كبّد اصحاب المصانع والتجار والمواطنين خسائر مالية كبيرة وتأثّرت بذلك المرافق الحيوية التي تقدم الخدمات للمواطن، وقال ان القطوعات في فصل الشتاء تسبب قلقا واحباطا لدى المواطن، وتخوف من دخول فصل الصيف الذي لا يرحم مع القطوعات، واضاف ان الصورة غير واضحة، مشدداً على أهمية ان يطلع المواطن على حقائق الأمور لوضع الخطط وبرمجة أنفسهم ولكي يجد العذر ويُبرِّر للقائمين لأمر الكهرباء تلك القطوعات، وقال ان الموطن يدفع فاتورة الكهرباء مُقدّماً وبالزيادات الجديدة وهذا له أثرٌ كبيرٌ على قدرتهم للادخار، محذرا من دمج فاتورة النفايات مع الكهرباء، وقال ان الأمر يزيد من الضغوط على المواطن، منادياً بضرورة ضبط القرارات العشوائية مع مراعاة الظروف المعيشية والوضع الاقتصادي للبلد في الحسبان، خاصة مع توقف بعض الواردات والآثار المترتبة عليها، مشدداً على أهمية إعادة النظر في القرارات السابقة واتخاذ القرار المناسب دون ضرر للمستهلك، واعرب عن أمله أن تتم برمجة القطوعات والاعلان عنها حتى يتمكن المواطن من التخطيط بالصورة السليمة وتحقيق افضل النتائج بأقل اضرار.
** مراعاة المعايير المهنية
أجمع عدد من الخبراء والمتابعين للوضع العام في البلاد، ان ازمة الإمداد الكهربائي هي مظهر من مظاهر العجز الإداري عبر إفراغ الشركات من الكفاءات وتسخير قُدرات قطاع الكهرباء لصالح أفراد غير مؤهلين تم تعيينهم لانتمائهم للحكومة السابقة دون مراعاة المعايير المهنية، وهذا أصبح خصماً على استقرار مؤشر الإمداد وانسياب الخدمة.