مبعوث واشنطن بالخرطوم.. هل يفلح في إنقاذ الانتقال؟
تقرير: مريم أبشر 17فبراير2022م
وصل الخرطوم قادماً من دولة الإمارات العربية المتحدة المبعوث الأمريكي الخاص الى القرن الأفريقي دايفيد ساترفيلد في زيارة تستغرق يومين, وتأتي الزيارة بغرض دعم تطلعات السودان نحو الانتقال الديمقراطي للبلاد, تحت حكومة بقيادة مدنية, وتجئ زيارة ساترفيلد ضمن سلسلة ماراثونية ابتدرتها الولايات المتحدة منذ نشوب الأزمة الأولى, تزايدت وتيرتها عقب قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر, التي أطاحت بالحكومة المدنية, ولعل تحركات الإدارة الأمريكية تأتي في سياق حرصها ودعمها المتواصل للحراك الثوري السوداني الذي توج الإطاحة بنظام حكومة الإنقاذ تواصل الدعم ابان الحكومة الانتقالية التي ترأسها الدكتور عبد الله حمدوك, ووصل الدعم بان اعلنت واشنطن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب, وعضدت الخطوة برفع الحصار والحظر الكلي الاقتصادي على السودان، بل إن واشنطن أسهمت بشكل عملي في ادماج الاقتصاد السوداني الذي كَانَ معزولاً لثلاثة عقود مع النظام الاقتصادي العالمي.
إجراءات تصحيحية
غير ان الإجراءات التي اتّخذها قائد الجيش الفريق أول البرهان واعتبرت تصحيحية، رأت فيها الولايات المتحدة بأنها تراجعٌ عن المسار الديمقراطي الذي يسعى اليه الشعب السوداني وثار من اجله, وفقد عددا مقدرا من ابنائه. ولذلك بدأت منذ الوهلة الاولى حتى لحظة اعلان الاجراءات, حيث كان مساعد وزير الخارجية في الخرطوم، تواصل الولايات المتحدة والدول العربية المساعي والتحركات بين المكون العسكري والقوى السياسية والاطراف السودانية لحثهم على التوافق والعودة بالمسار الديمقراطي لوجهته الصحيحة.
الحل إقليمي
المبعوث الخاص الأمريكي الذي وصل أمس جاء للخرطوم من دولة الإمارات والتي سبقه إليها قبل ايام قلائل نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان حميدتي, حيث اجرى مباحثات مهمة مع المسؤولين في أبوظبي، في وقت تجرى فيه الترتيبات كذلك لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس السيادة الفريق البرهان في اعقاب قبوله دعوة لزيارة ذات الدولة بعد اكمال تنسيقها المراسمي وتحديد توقيتها.
اذن بكل تلك المعطيات, يرى الخبير الدبلوماسي السفير جمال محمد ابراهيم لـ(الصيحة) ان واشنطن تريد حل الازمة و تسعى عبر حراكها المتواصل و لكنها تريد حلاً يأتي عبر الاطراف الخارجية القريبة و تحديداً الإمارات و السعودية بالتنسيق مع الاتحاد الافريقي و الامم المتحدة عبر مبعوثها. و يشير ابراهيم الى ان واشنطن مشغولة حاليا بالتوتر و نذر الحرب المتوقعة بين روسيا و اوكرانيا. و يشير الى ان واشنطن تعول كثيراً على تلك الأطراف عبر مبعوثها المتوقع ويلتقي بكل الأطراف المؤثرة, في الوضع بالبلاد خاصة الجانب العسكري بتقديم تنازلات تفضي للتوصل لحل يعيد الحكومة المدنية و اكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية. و لفت إلى أن واشنطن تنظر للتنافس المحموم لواشنطن على السودان و سعيها لإيحاد موطئ قدم فيه عبر الاتفاقات و المشروعات الاستثمارية.
خدمة الأجندة
مصدر دبلوماسي فضّل حجب اسمه بدا يائساً من أي احتمالات نجاح للتحركات في ظل الوضع المأزوم بالبلاد. و قال ان الولايات المتحدة ظلت على الدوام تلعب لصالح مصالحها. ويعتقد أن الحراك الراهن لخدمة اجندة اطراف محددة, و اشار الى ان الحديث حول دعم الديمقراطية و التحول الديمقراطي لا يوازيه عمل على ارض الواقع, و اشار في هذا الصدد الى ان كبيرا من المسؤولين و المبعوثين الامريكان زاروا السودان خلال الفترة الماضية و مازال الوضع في حاله, بل يزداد سوءاً, واصفا الوضع بالمرتبك و ان المخرج يكاد يكون معدوماً, في ظل انشقاق القوى السياسية و تشرذمها, وفي المقابل ليست هنالك اطروحة يقدمها المبعوث خلال الحديث عن دعم التحول الديمقراطي, و الانتقال المدني وهو ما ظل يرددها كل المبعوثين .
و قال المصدر لـ(الصيحة) يجب ان تكون هنالك جدية في التوصل لحل و ان لا يترك الامر هكذا شراءً للزمن. و قال حتى الشارع بدأ يفقد قوته و في المقابل احلال كامل لأوصال الدولة و تدهور مريع للاقتصاد. ودعا المصدر كل الاطراف بان تغلب مصلحة الوطن على المصالح الضيِّقة, وان تتجه نحو إيجاد حل سريع يُخرج البلاد من وهدتها, و لفت الى ان المبعوث الأمريكي او خلافه إن كانت له رؤية للتعهد سوف تصطدم بتشرذم القوى السياسية و اختلاف رؤاها للحل.