الدامر- صبري جبور 14فبراير2022م
عملية استخلاص الذهب التي تتم داخل أحياء ومنازل ومزارع بولاية نهر النيل، جراء التعدين التقليدي من أجل مُعالجة (الكرتة) بواسطة الخلاطات والأحواض التي انتشرت بصورة مُخيفة خاصة خلال الفترة الأخيرة، إذ تضاعف بشكل كبير.. الأمر الذي أصبح يؤرق المركز ممثلاً في وزارة المعادن وشركة الموارد المعدنية، بجانب الولاية .. وذلك للإفرازات السالبة المضرة بحياة الإنسان والحيوان والبيئة.. فضلاً عن ظهور الأمراض المُختلفة وحالات الإجهاض وسط بعض النساء وتشوُّهات الأجنة .. وزارة المعادن والموارد المعدنية وضعت ملف التعدين في أولوياتها وذلك في إطار المسؤولية المجتمعية التي تندرج تحتها الاهتمام بحياة الإنسان، فضلاً عن توفير وتقديم الخدمات.. ولذلك أطلقت حملة قبل شهر لإزالة خلاطات الذهب التي تُستخدم فيها مواد سامة وغير مُصرّح بها مما ينعكس خطورتها على سلامة الإنسان والبيئة.. ومن أجل تعزيز الحملة ونجاحها قاد وزير المعادن والمدير العام للموارد المعدنية وفداً من المركز إلى ولاية نهر النيل يوم السبت بغية الوقوف على الحملة ودفعها إلى الأمام ولقاء الجهات ذات الصلة ولجنة الأمن بالولاية .. حيث زار ووقف الوفد على سوق دار مالي ، بجانب موقع الخلاطات ومزرعة الكلية.
خطورة الخلاطات
وزير المعادن محمد بشير أبو نمُّو، أقر عن امتلاك جهات رسمية خلاطات وأحواضا لمعالجات مخلفات التعدين (الكرتة)، ولم يشكك الوزير في الإجراءات القانونية، لكنه اعترف بوجود تعقيدات في القوانين.
وأمر أبو نمُّو في مؤتمر صحفي بأمانة حكومة نهر النيل بالدامر عقب اجتماع مع اللجنة الأمنية ولجنة إزالة الخلاطات، بحضور المدير العام لشركة الموارد المعدنية مبارك أردول، بإيقاف عمل الخلاطات والتخلص منها بمناطق التعدين بالولاية في وقت وجيز ، ونبّه لخطورتها على صحة الإنسان والبيئة.
كما اتهم الوزير، جهات بالتواطؤ مما تَسَبّبَ في استمرار عمل الخلاطات والغسالات.
وتعهّد بإنهاء القضية لخطورتها وصولاً لـ”زيرو خلاطات”، مشيراً لوجود ثغرات في عمليات ازالة الخلاطات، وتعثر في تنفيذها بحسب التقارير الدورية، وقال إن النتائج غير مبشرة رغم الدعم المالي الكبير المقدم من شركة الموارد المعدنية.
وقطع بأن وجود الخلاطات في أي موقع من حق الوالي بالأوامر المؤقتة التعامل معها بشكل رسمي، ونوه إلى أن الأوامر تسمح بإزالتها ومصادرتها للصالح العام.
الصحة خط أحمر
بدوره، كشف والي نهر النيل المكلف محمد البدوي عبد الماجد، عن تزايد حالات الإجهاض بمنطقة بربر سيما وسط البنات (البكر) حديثات الولادة، واصفاً الأمر بالخطير، وعزا ذلك لتفشي التعدين التقليدي وتزايد عدد الخلاطات واستخدام مواد غير مصرح بها.
وأفصح الوالي عن إجراء عمليات رصد وحصر دقيق بغرض التوصل للنسبة الكلية للمتضررات من النساء، ما جعلهم يطلبون فحوصات طبية مختلفة، كما كشف عن إصابة مواطنين بتشققات في أجسامهم وتقرحات، فضلاً عن حالات واصابات غريبة برؤوس بعض المواطنين، وقطع بأن صحة الإنسان خط أحمر، مناشداً بضرورة تضافُر جهود المركز والولاية من أجل القضاء على تلك الكارثة حسب قوله، قاطعاً بأهمية حياة الفرد بدلاً من المال.. ولفت الوالي إلى عدم استجابة السلطات خلال الفترة الماضية لسماع شكاوى المواطنين رغم ترددهم بالشكاوى للجهات الرسمية.
زيرو (خلاطات)
وكشف مدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية، مبارك أردول، عن وجود أكثر من 3 آلاف خلاط وغسّالة بولاية نهر النيل، تستخدم مواد “سامة” غير مُصرّح بها في تعدين الذهب، يجري العمل على إزالتها حالياً، مؤكدة أنها مضرة بصحة الإنسان والحيوان والزرع.
وقال أردول، إن النشاط التعديني الكرتة، ينحصر في الشركات المصرح بها، ولديها اماكن محددة، وأضاف: (الخلاطات منتشرة بطريقة عشوائية في المزارع والمنازل بالولاية، وتابع: المواطن بسيط يرغب في توفير دخل، ولكن الأضرار أكبر)، مؤكداً أن الشركة تعمل للوصول لمرحلة (زيرو خلاطات)، ومنع دخول الخام من الولايات المجاورة، كذلك الاستمرار في إزالة الخلاطات بكل ولايات البلاد.
وشدد أردول، على ضرورة إزالة كافة التشوهات في قطاع التعدين والتي وصفها بأنها غير سليمة، وأضاف يجب أن تكون المصلحة العليا هي الأولوية. وقطع بأن المسؤولية المجتمعية ليس تحصيل إيرادات، وإنما الحفاظ على البيئة والتغير المناخي ومنع انبعاثات الكربون، لجهة أن تأثيرها على المواطن والحيوان ويجب الحد منها. وحذر أردول من عمل الخلاطات لجهة أنها تمثل خطورة كبيرة في الولاية لابد من ايقافها. وقال (يتم التعامل مع المواد الكيميائية مثل السجائر والتمباك)، مشدداً على ضرورة الالتزام بمعايير السلامة الصحية، وقال يجب التبليغ عن أي نشاط غير رسمي وان يصادر فوراً. وقطع بأهمية تطبيق القانون، وأضاف (ما في استثناءات ولا كبير على إزالة المخلفات)، وتابع: إذا في ممانعة لكل حدث حديث ولكل قرار مستوى، ولفت إلى زيادة عدد الخلاطات خلال الفترة الأخيرة أضعاف مضاعفة، وطالب أردول بإيقاف تسرُّب خام (الكرتة) القادم من الولايات الأخرى. وقال مبارك أردول، إن 50- 60 مليار جنيه تذهب شهرياً للولايات المنتجة للذهب كأنصبة في المسؤولية المجتمعية، وأعلن عن تسليم ولاية نهر النيل 1.6 ترليون جنيه للمسؤولية المجتمعية أي ما يعادل3.5 مليون دولار، مشيراً إلى وجود مبالغ خاصة بولايات لم تقرر بعد استخدامها، وقال إنها “في أيدٍ أمينة” – حسب تعبيره.
إنشاء أقسام شرطة
من جهته، دعا مدير شرطة ولاية نهر النيل اللواء د. سراج الدين منصور خالد، إلى أهمية إنشاء أقسام للشرطة في مناطق التعدين من أجل محاربة كافة أنماط الجريمة، بجانب حفظ أموال الشركة خاصة في أسواق التعدين (قبقبة، دار مالي والعبيدية).
الحملة مُستمرّة
وقدم مدير شركة الموارد المعدنية بنهر النيل أسامة الماحي، تقريراً شاملاً ووافياً عن وضع التعدين في الولاية، وخطوات التصديق لشركات الامتياز ومنحها مربعات التعدين، بجانب سير حملة إزالة الخلاطات التي انطلقت منذ شهر، مؤكداً استمرارها حتى القضاء على جميع الخلاطات المنتشرة في الولاية ومناطق التعدين.
إيقاف منبع (الكرتة)
وأعلن المدير التنفيذي لمحلية الدامر عائد عبد الكافي، عن وجود (١٥) حالة أطفال مشوهين بالولاية. وأشار إلى تضرر المواطن والزرع والحيوان من أمر التعدين التقليدي، وإيقاف منبع الكرتة للحد من ظاهرة الخلاطات والغسّالات، وضع ضوابط لحماية إنسان الولاية، وقال إنّ الولاية تشكو من الكرتة القادمة من منطقة وادي العشار، وضرورة حسم تبعية الوادي من قبل السُّلطات الاتحادية، مبيناً أن الوادي كان يتبع لنهر النيل.