إلى الأسباط وآخرين..!!
دَارَ سِجَالٌ عبر الفيسبوك بيني والزملاء الإعلاميين محمد الإسباط المقيم في فرنسا وناهد إدريس آدم المُقيمة في قطر حول مشروعية دعم الإعلاميين بالخارج لخُطوط المُعارضة والتّغطية على فشلها المُتكرِّر وتَسويق إخفاقاتها بدلاً من تبني قضايا الشعب السوداني المغلوب على أمره.
ومَعروفٌ أنّ (الأسباط وناهد) منضويان تحت لواء تجمُّع المهنيين لكنهما بطريقة أو بأخرى يدعمان قُوى الحُرية والتّغيير (قحت) في طرحهما الإقصائي والديكتاتوري البغيض، برغم أن قوى الحرية والتغيير لا تُحظى بتقدير وسط الثوار وتعد تجربتها مع المجلس العسكري الانتقالي الذي اعتبرها شريكاً ومنحها تَفويضاً باسم الشعب السوداني في إنجاز مطلوبات ثورته المجيدة أسوأ شراكة لم تكتمل، وبكلِّ أسفٍ فشلوا بكل المقاييس وقَدّموا صُورةً هَزيلةً من المُمارسة السَّلبية، كَشفت عَورات مُستقبل هذه القُوى في الحُكم وهي لم تُقدِّم مِثَالاً حيّاً لِمَا يتوقّع أن يَحدث من رفاه للمُواطن وقُوةٍ للبلد، وهو أمرٌ ربّما كَانَ سَبباً لقُوى أُخرى نَهضت لمُواجهتها وإلى تراجع المجلس المجلس العسكري الانتقالي عن تَفويضه، ومع ذلك الأسباط وآخرون يُسَجِّلون اللايفات التّحريضية الداعية للاضطراب ولذلك قلت: (للأسباط) أخوي، الحق واجب أن يُتبّع والبلد بلدكم، فهي لا تحتمل المُماحكات والمُزايدات السِّياسيَّة.. فلنقل كان لك رأي في الشكل والمُحتوى الذي كَانَت تُــــدَار به البلاد برغم أنك كُنت مديراً لتحرير صحيفة النظام السابق (جريدة الحياة) وهي لسان حال المؤتمر الوطني وقتها.
ولا أعتقد أنّ خروج الأسباط من وطنه كان لضيق الحريات، ولكن يبدو أنه كان يبحث عن وضع أفضل وهذا حقٌ مشروعٌ، لأنّ هناك من ظَلّ يُنَاضِل من داخل الوطن وكان له تَأثيرٌ إيجابيٌّ في كَثيرٍ من القَضَايا الوَطنيّة، ودُونكم عثمان ميرغني وفيصل محمد صالح وأشرف دوشكا وأحمد يونس والشابتان (درة قمبو وشمائل النور) وقائمة طويلة من أصحاب الرأي المُعارض للنظام لا يسعها المكان.
الآن بعد التّغيير نحن في مرحلةٍ تجديديةٍ ونبذ القديم الذي تأثّرت به السَّاحة السِّياسيَّة.. نريد تجسيد شعار (حرية.. سلام وعدالة) عملاً لا قولاً.. علينا جميعاً أن نعمل من أجل إيضاح الحق لا لنتنافر، وعلينا أن نجتهد بالتعاون فيما بيننا وننشر محاسن وطننا وسماحة أهله.
بالله عليكم الله ما الذي يضير إذا وافقت قوى الحرية والتغيير على مجلس وزراء كامل ونسبة 67% من مقاعد الجهاز التشريعي والمُشاورة في نسبة 33% المتبقية والى جانب مُشاركة نسبية في المجلس السيادي؟ ماذا يضير إذا أنجزت قُوى الحُرية والتّغيير شراكتها مع المجلس العسكري الانتقالي الذي هو شريكٌ أصيلٌ في التغيير؟ لكن الطمع وصراعاتهم حول المطامع وكل واحد فيهم كان يدور من الحَق دَورة ضيّعوا شَراكتهم مع المَجلس العسكري وعادوا إلى شَمّاعة الشّعب السُّوداني المغلوب على أمره ليضعوه رهينةً لتحقيق مكاسبهم السِّياسيَّة.
الحق أخي الأسباط أن تنبذ الباطل ولو كان على نفسك، فلماذا أنتم تصرون على الخطأ وتقفون مع مجموعة الحرية والتغيير فيما أخطأوا فيه؟ لماذا أخي الأسباط لا تستشعرون صعوبة المرحلة وبلادنا مُحاطة بأزمات في ليبيا واليمن وسوريا؟ أم تريدونها أن تُمنى بضربات مثلها؟ أنتم نخبة مُثقّفة لماذا لا تلعبون دوراً في إيجاد أرضية مُشتركة للتأثير إيجاباً في تقريب وجهات النظر بين المجلس العسكري والحرية والتغيير؟ وهذا لا يتأتى إلا بالاعترافات والتنازُلات والخروج من خانة المُعارضة إلى وضع الشريك.. تعلّموا من ياسر عرمان في فهمه وتَحَوُّله العميق.. تعلّموا من الإمام الصادق المهدي.. تعلّموا من إبراهيم الشيخ.
أخي الأسباط، أملي أن نراكم وسط أهلكم مُساهمين في صناعة وطنٍ كما يُحبُّه الشباب الثُّوّار الذين صنعوا ثورة مجيدةً سلميةً نظيفةً، لكن أفسدها السِّياسيون بمراراتهم ومُكايداتهم القديمة، أعادوا إنتاج أزماتهم الماضية على حساب الشباب.. كثير من هؤلاء الشباب الذين تحمّلوا أذى التغيير، بل أغلبهم لا ينطلقون من مَنَصّات أحزابكم.. شباب واجهوا التحديات والصعاب حتى إزالة نظام الحكم، لكنهم أحبطوا بانشقاقاتكم وانشطاراتكم ومُيُولكم للعنف أكثر من الموضوعية والوسطية في التعامل مع قضايا الوطن.! للأسف هؤلاء الشباب وفّروا لكم فرصة ثمينة، وكان بالإمكان استثمارها في حَل النِّزاعات المُسلّحة ووضع دستورٍ دائمٍ للبلد وترتيب المشهد لمُستقبل هؤلاء الأجيال الذين عانوا من الصراعات السِّياسيَّة.!
يا أخي سقطت أيديولوجية حزب البعث العربي عندما قامت القوات العراقية في يوم الخميس 2 أغسطس 1990م باحتلال الكويت بالقوة الغاشمة، وفرضت الهيمنة الديكتاتورية عليها ولم تستمع لنداءات القادة العرب وجامعة الدول العربية بالانسحاب، بل أخذ صدام حسين يُراوغ الى أن حشدت القوات الدولية في تحالُفٍ أممي غير مسبوق لدحر عدوانه ورمية خلف الحدود الدولية المُتعارف عليها.. وبذلك تحرّرت الكويت من براثن العدو العربي الغاشم في 26 فبراير 1991م.. ومع هذا كله استمر البعض على سياسة حزب البعث وتحرُّشاته وعناده، برغم أنّ عناد البعث في العراق أدى إلى دخول القوات الأمريكية واحتلال العراق في 2003 وسقط حكم البعث الى غير رجعة.! مُؤسفٌ، البعض هنا في السودان يريدون تكرار المأساة في وطننا.. أفيقوا أيُّها القوم واتركوا التعنت، فإن له تبعات يدفعها المساكين الذي لا يكاد يبين حديثهم.!
أسباط وناهد والآخرون تعالوا أبنوا ودعوا التحريش من بعيد، فهذا وطنكم يحتاج لجمع شمل وليس للتفرقة.