تنامي تجارة السلاح.. تحدٍ يُواجه الحكومة
الخرطوم: الطيب محمد خير 12فبراير2022م
أخطر ما تواجهه الدولة السودان في المرحلة الحالية الأسلحة, العابرة للحدود التي تؤثر بشكل مباشر على امن واستقرار الدولة عامة وفي دارفور على وجه الخصوص, ما يزيد احتمالات عودة الحرب الأهلية التي تشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة. وظل وجود الأسلحة واستخدامها في معظم مناطق دارفور في هجمات متعددة بين القبائل والسطو المسلح, وأكد تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان التابع لمجلس الأمن الدولي في 24 يناير الفائت، الذي دق ناقوس الخطر من تزايد نشاط تجارة الأسلحة التي تشمل صواريخ أرض – جو، في الأسواق المحلية بإقليم دارفور الذي يشهد انفلاتات أمنية. وقال التقرير إن التجار الذين يزاولون نشاطهم عبر الحدود واصلوا توريد أنواع كثيرة من الأسلحة والذخائر إلى الأسواق المحلية في دارفور بأسعار موحدة تشمل أسلحة نارية وقنابل صاروخية ومسدسات وبنادق بعيدة المدى عالية الدقة وصواريخ أرض – جو.
حماية شخصية
وعزا فريق الخبراء محاولات المُجتمعات المحلية لامتلاك زمام أمنها، نتيجة لعدم قدرة حكومة السودان على حمايتها، بسبب بطء تنفيذ الترتيبات المضمنة في اتفاق السلام الذي يعيق أي محاولات لإقامة رقابة على أسلحة القبائل, ولفت التقرير الى ان القبائل ستقاوم أي تدابير ترمي إلى تحديد الأسلحة ما لم تعالج العوامل المُسبِّبة لحيازة جهات غير تابعة للدولة للأسلحة في دارفور.
وكان رئيس اللجنة السودانية لتقصي الحقائق في دارفور دفع الله الحاج يوسف قد عزا في تقريره, أسباب اتجاه قبائل دارفور لتكوين مليشيات عسكرية خاصة بها وتنفق على تسليحها، نتيجة احساس القبائل في المنطقة بأن الحكومة لن تستطيع توفير الحماية لهم ولممتلكاتهم, لأن الأسلحة التي يمتلكها مرتادو الاجرام وعصابات النهب التي تنشط في الإقليم أكثر تطوُّراً من الأسلحة التي لدى قوات الشرطة, واكد دفع الله في تقريره ان هذا الإحساس دفع السكان لامتلاك السلاح ما جعل اقليم دافور سوقاً رائجة للإتجار بالسلاح.
عدم الاستقرار
ويؤكد مختصون عسكريون أن عدم الاستقرار الأمني الذي عانت منه دارفور منذ عام (2001) ولا تزال قد فتح الباب أمام شبكات تهريب وبيع السلاح, حيث مارس العديد من الشبكات أنشطتها في عمليات تهريب السلاح مستغلين الحدود الغربية للسودان المفتوحة والوعرة في كثير من أجزائها, بجانب فشل وهشاشة دول الجوار الإقليمي التي تحد دارفور بحدود صحراوية تُعاني من انفلاتات أمنية، خاصة مع ليبيا التي تواجه سلطاتها عجزاً وعدم قدرة على التحكُّم في الأسلحة غير الشرعية, ومن هنا يبرز السؤال عن الرقابة والاحتياطات التي ستُمارسها الدولة السودانية على هذه الأسلحة كترسانة لا يؤمن شرها أمن المنطقة واستقرارها في ظل انتعاش تجارة السلاح.
دوافع ومخاوف
ويرى المحلل السياسي والخبير المختص في قضايا دارفور عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) أن الدوافع والمخاوف التي جعلت المواطن العادي في إقليم دارفور يهتم بامتلاك السلاح مستجيباً لدواعي التسليح, قال إن الصراع القبلي في مرحلة من المراحل كان مستشرياً, ما دفع القبائل لسوق السلاح لشرائه من تجاره الذين ينشطون في تلك المناطق ووصل الأمر بهم أن يبيعوا مواشيهم وبعض مقتنياتهم الثمينة لأجل توفير ثمن السلاح الذي تحمي به نفسها ومالها في تلك البادية الحدودية المترامية الاطراف.
وأضاف خاطر: لكن الوضع الآن اختلف وأصبحت دارفور كغيرها من مناطق السودان الأخرى, حيث اصبحت عملية السلام والعيش في استقرار التحدي رقم واحد او المتصدر لكل اهتمامات اهالي دارفور والرغبة الأولى التي يسعى الجميع اليها، واشار خاطر الى ان ما يحدث ويعكر صفو هذه الرغبة ان المقاتلين في ليبيا من ابناء المنطقة عند عودتهم جلبوا معهم أسلحة بأنواع مختلفة كانت مُستخدمة في النزاع المسلح في ليبيا, ومنها اسلحة ثقيلة ومتطورة وهذه الأسلحة أصبحت في أيدي المواطنين وخارج سيطرة الدولة.
حالة خوف
وأضاف خاطر التخوف من النزاع بين الأهالي الذي يتم في الحدود سواء في الشقيقة تشاد او الدول المجاورة لها, خلف حالة من الخوف لدى مواطني دارفور خاصة الذين في الشريط الحدودي, ما جعلهم في حالة من الاستعداد والتأهب, في وقت تناقصت فيه فرص عودة المنطقة للحرب, لكن هناك تخوف من أن تكون هناك خسائر نتيجة أحداث فردية هنا وهناك. واشار الى أن الاجتماع الذي عقدته لجنة الامن والمجلس السيادي قبل اسبوع في حاضرة ولاية شمال دارفور الفاشر, كانت مخاطر انتشار السلاح غير المقنن في دارفور من أهم الأجندة التي بحثها الاجتماع, واتخذ قرارات مهمة للغاية لمُواجهتها بحزم, ومتوقع أن تكون قد وضعت بداية النهاية لانتشار السلاح غير المقنن, فضلاً عن أن المواطنين الآن أصبحوا أكثر وعياً بمخاطر النزاعات ومسببات نشوبها واصبحوا لا يستجيبون للاستفزازات التي تفض للعنف والاقتتال إلا في حالات معدودة, وهذا مُؤشِّر جيدٌ يساعد على التخلص من هذا السلاح.