المهدي… مواقف تتجاوز الإشارات (الحمراء)
الخرطوم: عوضية سليمان
مواقف سياسية قوية حيال قضايا مصيرية، ظل يسجلها رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، يراها البعض مواقف متأرجحة ومتقلبة، بينما يراها البعض مراجعة من الرجل وليس تراجعاً..
آخر تلك المواقف، كان موقف الرجل وحزبه من الإضراب العام الذي أعلنه تحالف قوى الحرية والتغيير والذي يمثل حزب الأمة القومي أحد أضلاعه الرئيسية.. إذ خرج السيد الصادق وحزبه ببيان رفض فيه الإضراب المُعلن اليوم الثلاثاء.. وهو موقف عدّه البعض قريباً من مواقف الرجل وغريباً من حزب يمثل ركناً مهماً في تحالف قوى التغيير صاحب الدعوة.
شرعية مسلوبة
مؤخراً بدأ رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي يميل كثيراً للحديث عن (شرعيته المسلوبة)، حتى نسبت إليه الأقاويل عن شروعه في استرداد هذه الشرعية وحقه في رئاسة الوزراء، التي يظن أنها سُلبت منه عبر انقلاب الإنقاذ، بجانب زهد حزبه في المشاركة في الحكومة الانتقالية القادمة، بيد أنه دفع مؤخراً بروشتة ناصحة لخّص فيها قراءته للمستقبل على ضوء الحاضر، ومهرها بتوقيع رئيس الوزراء المنتخب لسنة (1986-1989م) فترة منتهية بوسيلة غير شرعية، وهذا ما يدفع بدوره بسؤال مهم، وهو هل بات الإمام الآن يقف موقف الزاهد الناصح؟ خاصة وأنه أوصى بمنع اشتراك الأحزاب التي ساندت النظام السابق، في الفترة الانتقالية، وهي جملة مواقف يعدها البعض متناقضة، ليأتي موقفه الأخير مخالفاً لحلفائه حين رفض الإضراب العام.. فهل الإمام بموقفه هذا يريد فض شراكته مع تحالف قوى التغيير، أم إنه تمهيد منه لمشاركة حزبه في الحكومة الانتقالية، دون انتظار ما تسفر عنه الأيام حول تفاوض المجلس العسكري وقوى التغيير؟
تباين مواقفه
تباينت ردود الفعل حول الإضراب المعلن من قبل الحرية والتغيير وسط إعلان مفاجئ لحزب الأمة القومي برفضه العصيان المدني، وجزم الأمين السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي، في تصريحات بعدم استشارة الحزب في بيان الإضراب، في وقت أصدر فيه حزب الأمة بياناً وُصِف بالمفاجئ، اعتبر فيه الإضراب سلاحاً وارداً في ظروف مُتّفق عليها، ويقرره إذا لزم مجلس قيادي ينتظر تكوينه من تحالف إعلان الحرية والتغيير.
حزب له شعبية
مصدر مقرب من رئيس حزب الأمة القومي ـ رفض ذكر اسمه قال لـ (الصيحة ) إن رفض حزب الأمة الإضراب يعتبر أمراً طبيعياً جداً، وأردف المصدر بقوله: ليس بالبعيد عن قرارات الصادق المهدي قبل أن يتساءل عن سر الدهشة في القرار، علماً بأن هنالك قرارات أكبر من ذلك، ولم يقف الناس عندها كثيراً، وقال المصدر إن الأحزاب جميعها لديها بيانات حول قرارات كثيرة تعبر فيها عن مواقفها، وأنهم كحزب هذا رأيهم، وهو موقف رافض للإضراب، وأضاف المصدر أنهم كأعضاء في حزب الأمة لم تتم مشاورتهم في قرار تنفيذ الإضراب العام، وأن حزب الأمة صمت كثيراً عن هذه التجاوزات حرصاً على تماسك قوى الحرية والتغيير.
وأضاف المصدر: لا أعتقد أن موقفنا من الإضراب العام يمكن أن يؤثر في وحدة قوى الحرية، وقال: نحن في الحزب متمسكون بوحدة الحرية والتغيير، وقد وضعنا وجهة نظرنا التي تؤيدها قوى الحرية والتغيير، موكداً بأن حزب الأمة أول من وقع على إعلان الحرية والتغيير، موضحاً أن حزبهم كبير، وله شعبية وجماهير، وقال: نحن نريد أن يتم اتخاذ القرارات دون حاجة لإضراب عام، وتكون هذه القرارات عبر المجلس الانتقالي خلال أسبوع، ونحن الآن اتخذنا رأينا الصحيح من قرار الإضراب.
قرار فطير
حزب الأمة، حزب كبير، ذو كيان، لذلك الصادق المهدي هو على حق عندما رفض الإضراب العام وأن الخلل في التجمع وليس الصادق المهدي، وأن القرارات داخل التجمع فطيرة، هذا ما قاله المحلل السياسي جمال أبو خريس خلال حديثه لـ” الصيحة”. وأضاف أن المهدي سبق له أن رفض الوثيقة الدستورية التي رُفعت للمجلس العسكري بحجة أنه لم يُشاوَر فيها، وقال إن التجمع لم يستطع أن يتخذ قراراً، وأن الصادق المهدي ذهب معهم مشوارا كبيراً في التجمع، لذلك هو صاحب الحق والأفضلية في الشورى قبل أن يتخذ قرار الإضراب الذي وصفه بأنه فيه إشكالية غير متفق عليها،باعتبار أنه كتلة كبيرة داخل التجمع، وقال إن المهدي على حق في رفضه.
فشل الثورة
وفي ذات الاتجاه قال الاختصاصي النفسي عمر مصطفى خلال حديثه للصيحة إن هنالك عاملاً نفسياً مهماً عند السياسيين خلال مواقفهم في المناسبات السياسية، وتتباين مواقفهم عن طريق المبادئ والأفكار باعتبار أنها كثيرة ومختلفة، موضحاً أن السياسيين لديهم إحساس بمقدرتهم على القيام بأي شيء يخص الحراك السياسي، وإذا حاولت أي جهة أن تقصيهم تنتابهم الغيرة والحسد والغضب معاً، لذلك يتجهون إلى إفشال الثورات، منوهاً إلى وجود هذه النزعة لدى الصادق المهدي، مستشهداً بأن الصادق عندما صعد إلى منبر صلاة الجمعة وذهب الثوار خلفه، أخرج وقتها بياناً بأنه ليس ذاهباً إلى تظاهر، بل ذاهب إلي مناسبة اجتماعية، وهذا يوضح لك اختلاف المبادئ والأخلاق عند الصادق المهدي، وقال إن المهدي يضع ولداً له في الأنصار والآخر في نظام الرئيس المخلوع وابنة أخرى في عضوية الحرية والتغيير، ووصف الصادق المهدي بالعربة التي تقف في نصف الطريق.