حقوق الإنسان اليوم على طاولة (جنيف).. ماذا ينتظر السودان؟
تقرير: نجدة بشارة 9فبراير2022م
تستمع مفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة بـ(جنيف) اليوم الأربعاء التاسع من فبراير ويوم الجمعة القادم الى تقرير المراجعة الدوري الخاص بحالة حقوق الانسان في السودان. ويأتي التقرير في دورته التاسعة والثلاثين في وقت حرج بالنسبة للسودان الذي يمر بأزمات سياسية خانقة للفترة الانتقالية، وتعسر في عملية التحول الديمقراطي ، بجانب عودة الاحتجاجات والتظاهرات الى الشارع ، و قتل أكثر من 70 شخصاً ، وهنالك مئات الجرحى بسبب هذه الأحداث.
آخر تقرير
ولعل آخر تقرير قدم كان قبل الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير عام 2019، وكان مقررا استعراضه في الأسبوع الاول من نوفمبر من العام المنصرم ، ولكن بسبب قرارات البرهان في 25 اكتوبر تأخر استعراض التقرير.
في الأثناء، يتساءل متابعون للشأن السوداني، هل سوف يضمن في التقرير الأحداث الاخيرة بالسودان أم ستُخصّص الجلسة للفترة المحددة منذ آخر دورة وحتى 2020م؟ وما هي الأجندة المتوقع مناقشتها خلال الجلسة؟ لا سيما وان السلطات في السودان كانت قد أجلت زيارة للخبير المستقل لحقوق الانسان نهاية شهر يناير من العام الجاري.
موضع مساءلة
وترى الخبيرة في مجال حقوق الإنسان د. منال عبد الحليم في حديث لـ( الصيحة) ان هنالك استثناءات، واضافت بالقول (حسب علمي هنالك دول عدلت حالتها متماشية مع أوضاعها الراهنة)، لكن بينت في ذات الوقت، ان الاستعراض الدوري الشامل يضع جميع الدول موضع مساءلة عن التقدم أو الفشل وما حققته في تنفيذ التوصيات. وزادت وعندما يحين الوقت للاستعراض الثاني لدولة ما، فإنه يتوجّب عليها أن تقدم معلومات عمّا قامت به لتنفيذ التوصيات المقدمة في الاستعراض الأول قبل أربع سنوات، حيث يقدم المجتمع الدولي المُساعدة في تنفيذ التوصيات والاستنتاجات فيما يتعلق ببناء القدرات والمساعدة التقنية، بالتشاور مع البلد المعني, أضف إلى ذلك يعمل الاستعراض الدوري الشامل على تقييم مدى احترام الدول لالتزاماتها إزاء حقوق الإنسان المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ أضف إلى ذلك صكوك حقوق الإنسان التي تكون الدولة طرفاً فيها معاهدات حقوق الإنسان التي صدقت الدولة المعنية والتعهُّدات والالتزامات الطوعية التي قدمتها الدولة.
أهداف
وقالت منال إن التقرير الوطني يهدف للاستعراض الدوري الشامل في تحسين أحوال حقوق الإنسان بالسودان وكل البلدان المصادقة ، موضحة أن الاستعراض الشامل مصمم لتعزيز ودعم وتوسيع نطاق تعزيز وحماية حقوق الإنسان على الطبيعة. ولكي يتحقق ذلك، ينطوي الاستعراض الدوري الشامل على تقييم سجلات الدول بشأن حقوق الإنسان ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، وبالنسبة للسودان، تشير الى ان اعداد التقرير عملاً بقراري مجلس حقوق الإنسان 5/1 ، و21/ 16، ويشمل التقرير تجميع للمعلومات الواردة في تقارير الهيئات والمعاهد والإجراءات الخاصة وغيرها من وثائق الامم المتحدة, وتوصيات الخبير المستقل بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي لم يصادق عليها السودان بعد . بما في ذلك اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية مُناهضة التعذيب، والاتفاقيات قيد المصادقة، واتفاقية النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998م، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم لسنة 1990م، إضافة الى بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا لسنة 2003م.
مشاركة مُتوقعة
وعلمت (الصيحة) أن وكيل وزارة العدل المكلف هدى علي سوف تترأس اسفيرياً وفد السودان المشارك في الاجتماعات. فيما عمم مجلس حقوق الانسان في جنيف نشره تذكيرية لكل الأعضاء الدائمين لديه بجنيف للمشاركة في الجلسة. ويتوقع مشاركة السفير عثمان ابو فاطمة القائم بالأعمال، والذي سيكون حضوراً في الاجتماعات بجنيف بعد ان تم اعتماده رسمياً قائماً للاعمال بالبعثة السودانية الدائمة بجنيف.
تقدم ملحوظ
ويرى خبراء أنّ هنالك تقدماً ملحوظاً في تقرير السودان بشأن حقوق الإنسان لا سيما التصديق على المعاهدات الدولية، وبعض الاتفاقيات التي قدمت كتوصية في التقرير الثاني ووجدت طريقها الى المصادقة، ومنها المصادقة على اتفاقية (سيداو)، حيث أجاز مجلس الوزراء اتفاقية الأمم المتحدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مع التحفظ على 3 من موادها، كما صادق السودان على قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وهي خطوة كما قال المراقبون تفتح الباب أمام مثول الرئيس السوداني السابق عمر البشر أمام هيئة المحكمة للتحقيق في جرائم حرب وإبادة جماعية اُرتكبت في إقليم دارفور خلال ولايته.
تطورات سياسية
وبالنظر الى التغييرات السياسية التي أوجدتها قرارات البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر ، نجد انها اعادت مشهد الاحتجاجات الى الشوارع، ودفعت في ذات الوقت بمجلس حقوق الإنسان بعد أسبوعين فقط من هذه القرارات في جلسته المنعقدة بتاريخ 5 نوفمبر ، الى تعيين الدبلوماسي السنغالي أداما دينغ، كخبير في مجال حقوق الإنسان لدولة السودان. ولاحقاً أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بياناً بخصوص تأجيل زيارة أداما دينغ للسودان, وجاء فى البيان: تم تأجيل أول زيارة ميدانية لخبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان، أداما دينغ والتي كان من المقرر إجراؤها في الفترة من 22 إلى 27 يناير 2022، بناءً على طلب السلطات السودانية. بينما علّق دينغ قائلاً (أتابع بقلق عميق تدهور حالة حقوق الإنسان في البلد منذ تعييني في نوفمبر 2021)، وفي ظل هذه التطورات، شعرت بأن زيارتي كانت ستكون في الوقت المناسب، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً أن جميع ترتيبات الزيارة قد وضعت في صيغتها النهائية بالتشاور مع السلطات، بما في ذلك إصدار تأشيرات الدخول لي ولفريقي. وأضاف دينغ: كنت اتطلع كثيرا إلى إجراء محادثات صريحة مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. ومضى دينغ أدعو السلطات في السودان إلى تحديد موعد زيارتي المُقبلة في أقرب وقت ممكن. وفي غضون ذلك، سأواصل العمل مع طيف واسع من الجهات الفاعلة، بما فيها المجتمع المدني، لرصد وتقييم حالة حقوق الإنسان في البلد عن كَثبٍ، ومع هذا وذاك تظل التساؤلات مشروعة عن ماذا ينتظر السودان في جلسة اليوم في جنيف، وهل سيعكس التقرير الدوري تحسناً في حقوق الإنسان في السودان أم سيعود بالبلاد الى المربع الأول ما قبل سقوط نظام الإنقاذ المُباد..؟