تقرير: عوضية سليمان 7فبراير2022م
مُحاولة جديدة لنهب مقر اليوناميد بمدينة الفاشر وقعت أمس الأول من قبل قوة متفلتة مسلحة, تلك المحاولة تعتبر امتدادا لاحداث دارفور الدامية ولمقر اليوناميد. المحاولة التي باءت بالفشل تصدت لها القوة المكلفة بحراسة المقر, سقط فيها قتلى وجرحى, حيث اسفر الاشتباك عن استشهاد الملازم اول محمد الحبيب الذي يتبع للدعم السريع بالاضافة الى اللواء مليك من قوات التحالف السوداني, فضلاً عن مقتل قائد المجموعة المتفلتة.
وأكد بيان للمكتب الصحفي للقوات المسلحة سقوط قتلى وجرحى في الأحداث, وتمت السيطرة على الموقف, وقال البيان: جار التحقيق في الحادث. ولأن الحدث يأتي عقب اجتماع للجنة الترتيبات الأمنية بالفاشر, والتي أمرت بإبعاد قوات الحركات المسلحة من المدن, بجانب تشكيل قوة مشتركة لحفظ الامن, لم تمض لقراراتها سوى بضعة ايام, حتى هاجم مسلحون مقر اليوناميد.
الحديث يعتبر امتدادا لتساؤلات حول الوضع الأمني بالولاية وفي مدينة الفاشر والاقليم على وجه الخصوص, دفع الحدث بلجنة امن الولاية توجيه القوات المشتركة للتعامل مع الحادث بالحسم.
تفسير الحادث
عقب الاحداث الدامية, عقد والي شمال دارفور نمر عبد الرحمن, مؤتمرا صحفيا بمدينة الفاشر, وقال ان مجموعة مسلحة بقيادة محمد ابراهيم (ابو جمبة), اقتحمت مقر اليوناميد بهدف نهب الممتلكات, وعندما تدخلت القوة المشتركة لحماية المقر, أطلقت عليها المجموعة المتفلتة النار, مما أدى الى مقتل الملازم اول “محمد الحبيب” من قوات الدعم السريع, والقائد “فضيل المليك” من التحالف السوداني، بينما قُتل في الاشتباك قائد المجموعة المهاجمة محمد ابراهيم (أبو جمبة) . وأضاف نمر: المجموعة المسلحة التي يقودها (أبو جمبة) هاجمت المقر بعربات دفع رباعي مسلحة واثنين بطاح لحمل المعدات, وذكر أن قائد المجموعة (أبو جمبة) متهم بعدة جرائم اُرتكبت داخل الولاية, ووجّه الوالي, قوات حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا البقاء بمواقعها خلال الـ(72) ساعة القادمة.
تهميشٌ سياسيٌّ
يرى مراقبون أن الوضع الأمني بدارفور يحتاج لتكثيف المساعي من القوة المشتركة المعنية بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية في الإقليم، بما فيه تشكيل (20) ألف جندي مُناصفةً بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح لحماية المدنيين بالإقليم. وكانت دارفور قد شهدت منذ العام 2003م, حرباً عنيفة خلال حكم النظام السابق خلفت (300) ألف قتيل ونزوح ولجوء الآلاف نتيجة لتهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً، ورغم تراجع القتال في السنوات الأخيرة لحكم المخلوع عمر البشير، إلا أن العُنف ظلّ يتجدّد في بعض المناطق من حين لآخر بسبب النزاعات المنتشرة بين الرعاة والمُزارعين، في ظل انتشار السلاح بأيدي المواطنين.
استغلال الوضع
وأشار مصدر لـ(الصيحة) الى وجود بؤر أمنية وسياسية في دارفور، وقال, كل ولاية بها مشاكل مختلفة، وهناك خلايا نائمة, وأضاف تفاجأنا بمشكلة جبل مون, وان الحاكم وقف في زيارة ميدانية على الوضع, ووضع من القرارات للحد من التجاوزات التي حدثت، وأقر بأنّ شمال وغرب دارفور بها مشاكل أمنية يقودها أشخاص استغلوا الوضع السياسي المترهل والمناخ الديمقراطي الأيام الماضية وحدثت تحركات نهب هنا وهناك، وقال إنّ اللصوص هم أُس المُشكلة، بجانب بعد الحكومة عن الحدث، وتطور الأمر من قتل شخصا أو نهب إبلا إلى حرب قبلية وأخذت طابعاً اثنياً بسبب تراكمات وُرثت منذ الاستقلال وليس من الإنقاذ فقط، عصفت بإقليم دارفور وتسبّبت بمعظم التهتكات الموجودة الآن.
بين نارين
ويرى مقرر الجبهة الثورية محمد إسماعيل في حديثة لـ(الصيحة) بأن بعض الحركات تسعى لتفشيل الوالي بشمال دارفور لحسابات بينهم, ونوه بان ما يحدث الآن من احداث ادت الى القتل كان بسبب مقر اليوناميد بالفاشر, قد يؤدي الى خلق جو من التشاؤم تنعكس على عملية السلام بصورة عامة. وأضاف لا بد من جلوس الحركات الموقعة على اتفاق السلام ومراجعة الأمر, ولفت بأن ما يحدث السبب الرئيسي له هو التأخير في إنفاذ الترتيبات الأمنية, منوهاً بأن المواطن في دارفور أصبح بين نارين (الغلاء والأمن), وشدد على ضرورة مُراجعة السياسات الأمنية بالعاصمة والولايات, وقال لا بد من تدارك خُطورة الأمر, وأضاف المواجهات وعمليات النهب لم تجدِ نفعاً الآن في الإقليم. وبالتالي كل ذلك المتضرر الوحيد منه مواطن الإقليم, بجانب ذلك الحدث يخلق اجواءً من التوتر والترقب وسط الجميع. وقال هناك تساؤلات تبدو مطروحة من الرأي العام عن وضع قوات الحركات الموقعة على سلام جوبا، وتابع حقيقة ما يجرى باسم السلام من اطرافه يهدد بانفراط الأمن وتحويل نعمة السلام الى نقمة وكراهية وبغضاء, ستشعل حروباً جديدة. منوهاً بأن الصحيح الاعتراف بالخطأ والشروع في التصحيح وليس السكوت والتمادي فيه والفتنة.
رفض تفاوض
وفي السياق، نفسه يقول المحلل السياسي عبده مختار لـ(الصيحة) ان احداث الفاشر تعتبر واحدة من تداعيات اتفاق جوبا, الذي لم يتم تنفيذه بالطريقة الصحيحة, ولم يكن سلاماً شاملاً لأنه لم يشمل كل الحركات المسلحة, وأضاف من المفترض لا تكون هنالك مفاوضات، لأن الأمر لا يحتاج الى وساطة, واتفاقيات خارجية, لان الجهة التي كانت تحاربها تلك الحركات قد ذهبت وهو نظام البشير, وتبقى الشعب. وبالتالي هنالك خطأ منهجي من البداية, وكان من المفترض ان تضع تلك الحركات السلاح والانضمام الى الصف الواحد في مؤتمر جامع لتنمية شاملة عادلة لكل أقاليم السودان مع التميز الإيجابي الى مناطق الحرب، دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق والشرق، لذلك ما يحدث في دارفور نتائج لبدايات خطأ, وكان على المكونين المدني والعسكري أن يرفضا أي تفاوض من الخارج.
تداعيات الأزمة
وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) إن ما حدث في مدينة الفاشر امرٌ مؤسفٌ، وأوضح: لم تكن كل التفاصيل معروفة في الأحداث, وانما محصورة في المجموعات المتفلتة والمسلحة. ومن المأمول ان تنهي بوجه زمني قريب ولا تعكر صفوة السلام مرة اخرى.