في كرة القدم حينما يكون الفريق مَهزوماً في أرضه ووسط جمهوره، كثير من المُشجِّعين يبتهلون إلى الله ويقولون: (يا الله مطرة)، هذا قبل تعديل (الفيفا) الذي كان يلغي المباراة ويعيدها خلال (24) ساعة، أمّا القانون الحالي فتتوقّف المباراة، ومتى ما بدأت، تبدأ من حيث انتهت في الزمن والنتيجة.
نحن نقول اليوم (إن شاء الله مطرة)، مطرة كتلك التي تؤدي إلى إغلاق الشّوارع بالمياه وتُعيق دولاب الخدمة المَدنية، وتُعلِّق الدراسة.
الهدف من تلك المطرة هو عدم قراءة ثيرمومتر الإضراب المُعلن عنه اليوم من قِبل تجمُّع المهنيين السُّودانيين، وذلك لأنّ نتيجة الإضراب في كلا الحالتين سَواء النّجاح أو الفشل تترتّب عليها نتائج يُمكن أن تصف بالكارثية، لذا نقول (يا الله مطرة).
نُريد للمجلس العسكري وقُوى الحُرية والتّغيير مَزيداً من الوقت، صَحيحٌ إنّ ما مَضَى وقتٌ كثيرٌ في التفاوُض، ولكن ينبغي أن يَتَحَلّى الطَرفان بـ(طُول البَال)، وأن لا يُفكِّرا خارج صندوق المُفاوضات وهو ما نشهده اليوم.
فالمجلس العسكري ابتدر زيارات إلى كُلِّ من مصر والإمارات والسعودية، وقَادَ تَنويراً داخلياً لعددٍ من وحدات الجيش لتطوُّرات الأحداث ومآلاتها، في المُقابل تَحرّك تجمُّع المهنيين أيضاً والتقى بالسفيرين السعودي والبريطاني ومُمثل الاتحاد الأفريقي.
الإضراب اليوم بأيِّ حالٍ من الأحوال سيزيد من عدم الثقة بين المجلس العسكري وقُوى التّغيير، باعتبار أنّ كلاً منهما يضع متاريس للآخر لعدم العُبُور بالبلاد إلى بر الأمان.
المُؤسف أنّ قُوى التّغيير والمجلس العسكري شَريكان في عَمليّة التّغيير التي تَمّت، فلولا أيِّ طَــرفٍ لَمَا تمّ التّغيير، فبالتّالي هذه النقطة الجَوهرية التي يجب أن تقوم عليها أيِّ عملية تفاوُضية، فأي تشكيكٍ أو تخوينٍ أو اتّهاماتٍ من أيِّ طرفٍ لآخر لن تقود إلى حَلٍّ بل ربما تُعيد الوضع إلى ما قبل الحَادي عشر من أبريل.
الإضراب المُعلن اليوم أيّاً كانت نتيجته رغم أنّنا (نسأل الله مطرة)، فإنه يجب أن لا يُؤثِّر في العمليّة التفاوُضية بين المجلس وقُوى التغيير، لأنّ الكُل على قَنَاعةٍ بأنّه لا سبيل أو مَخرج إلا بالتّفاوُض.. البون ليس شاسعاً بين الطرفين والإرادة مُتوفِّرة، يجب النظر إلى الماضي، ومن ضحُّوا بأرواحهم من أجل الثورة لعُبُور الجِسر، بعيداً عن الإقصاء والتخوين والتشكيك.
ليس أمامنا اليوم إلا أن (نسأل الله مطرة).