زيادة أسعار الوقود.. صب الزيت على النار!!
الخرطوم: سارة 7فبراير2022م
رسمت موجة الارتفاعات الأخيرة لأسعاراسعار الوقود، صورة قاتمة وسط المواطنين إثر تخوفهم من زيادات كارثية بخطوط النقل والخدمات، فيما حذروا من مغبة استمرارها، مطالبين السلطات بالتراجع عنها، متخوفين من تفاقم الضغوط التضخمية وانعكاسها على الأوضاع المعيشية.
** تطبيق القرار
وامس الأول، طبقت الحكومة قرار الزيادات الجديدة في أسعار الوقود، بمحطات الخدمة بولاية الخرطوم، وارتفع سعر لتر الجازولين من (347) جنيهاً إلى (390) جنيهاً، بينما ارتفع سعر لتر البنزين من (362) جنيهاً إلى (408) جنيهات.
وقالت مصادر لـ(الصيحة) ، إن قرار زيادة أسعار الوقود مشترك بين وزارتي الطاقة والمالية والشركات المستوردة للوقود، مؤكدة أن قرار زيادة أسعار الوقود الذي دخل حيِّز التنفيذ اليوم كان يفترض تطبيقه قبل (3) أشهر.
وأكدت المصادر أن الشركات المستوردة أصبحت تبيع بالخسارة نتيجة لعدم مواكبة الأسعار العالمية والتي بناءً عليها تم تعديل الأسعار، وأضافت “هناك اتّفاقٌ مُسبقٌ مع الشركات أن يتم تعديل الأسعار مع بداية كل شهر”، وأردفت “الدولار لم يؤثر على الاستيراد لأن الاستيراد تم عبر المحفظة التابعة لبنك السودان المركزي”.
** السعر العالمي
إن السعر العالمي لبرميل الجازولين في نهاية يناير بلغ (87) دولاراً للبرميل واليوم بلغ (103) دولارات، فيما ارتفع طن البنزين من (715) دولاراً إلى (847) دولاراً.
وتوقعت المصادر أن تظل الأسعار ثابتة طوال شهر فبراير، وقالت “السعر الجديد هو تراكمي لثلاثة أشهر ماضية ولو كنا طبّقنا الزيادة في وقتها لكان السعر سيكون مناسباً للمواطن ولكن الأوضاع السياسية حالت دون ذلك”، وأشار إلى أنه في حال اعتمدوا على الإنتاج المحلي، فإن إنتاج الجازولين يبلغ 40% والبنزين 60%، وتابع “ولسد الفجوة لابد من الاستيراد”.
**استياء وسخط
في رد فعل سريع على زيادة اسعار الوقود، نفّذ عدد من اصحاب المركبات العامة زيادة تعريفة المواصلات وسط استياء وسخط وغصب شديد من المواطنين استنكاراً للزيادة الجديدة وغير المعلنة فيما اختار الكثيرون الصمت أمام تلك الزيادات العالية!!!
**مُعاناة المواطنين
وصف محمد عبد اللطيف موظف في إحدى الدواوين الحكومية، تعرفة المواصلات العامة بالخرطوم بأنها عالية، وأرجع الأسباب الى عدم وجود رقابة عليها من الحكومة، وطالب بوجود أفراد من الشرطة في مواقف المواصلات لتحديد التعرفة، وقال إن أصحاب المركبات العامة يفرضون الأسعار التي تناسبهم ويسيرون في الخطوط التي تناسبهم دون أن يجدوا من يردعهم، مشيرًا إلى أن الحكومة غير مُهتمة بمُعاناة المواطنين.
** أوجاع المُواطنين
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي ان الحكومة الانتقالية لم تعد في حاجة إلى تمهيد لقراراتها الاقتصادية أو تفسير لأسبابها ودوافعها، وغير عابئة بتوصيل رسائل تبرر خطواتها في رفع أسعار سلعة معينة بعد أن تخلّت عن رفع الأسعار بطريقة مبالغ فيها ودفعة واحدة، ولجأت إلى أسلوب العرض والطلب وقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، واضاف ان المشكلة الحالية تتمثل في الزيادات المضطردة في أسعار الأغذية والخدمات العامة التي تجعل الزيادة في سعر البنزين عبئا إضافيا على أوجاع المواطنين، ولفت إلى انّ ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار، وبالتالي يقِل الطلب على المنتجات المعروضة بالسوق، فيقِل الإنتاج، وهو ما يؤدّي لتسريح العمالة وزيادة البطالة، والتي تؤدّي بدورها لتقليل الطلب، وهكذا نصِل إلى الهدف الرئيسي لإلغاء الدّعم، وهو وأْد الصناعة المحلية، واشار فتحي في حديثه لـ(الصيحة) الى ارتفاع موجة التضخم العالمية التي أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج، والقرارات الحكومية المتعلقة بتحريك أسعار دعم السلع المهمة التي كانت مدعومة (المحروقات) والتي ما زالت تدعمها الحكومة (الخبز والكهرباء)، خاصة ان النشاط الاقتصادي المحلي سجل معدلات نمو منخفضة مع انخفاض الطلب المحلي وانخفاض إجمالي الاستثمارات المحلية، إضافة إلى ذلك، تظهر المؤشرات الأولية لاستمرار انخفاض الأداء في معظم القطاعات الاقتصادية.
** الاضطرابات الأمنية
وواصل فتحي حديثة قائلاً: إن اعتماد السودان على الاستيراد لتلبية نسبة كبيرة من حاجاتها الأساسية، بدءاً بالقمح، مروراً بالمحروقات وانتهاءً بالأدوية، ادى لنقص العملات الأجنبية إلى تداعيات متتالية، إذ تباطأ استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، مَا انعكس سلباً على قطاعات الصناعة والتجارة والتصدير، كما أنه بسبب النقص الحاد في العملات الأجنبية الناجم عن الاضطرابات الأمنية والسياسية منذ الإطاحة بعمر البشير، ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء إلى 490 جنيهاً، في حين كان سعره الرسمي 60 جنيهاً، فضلاً عن ان ارتفاع التضخم في الدول التي تعاني من نزاعات سياسية أمر طبيعي، في ظل تراجع قيمة العملة المحلية.
سياسة تحرير سعر الصرف التي مضت فيها الحكومة دفعت بقيمة الجنيه لمزيد من التراجع مع ارتفاع معدل التضخم وحاولت الحكومة الحصول على تمويلات دولارية من مؤسسات دولية، إلا أنّ تلك الجُهُود لم تسفر عن مبالغ يمكن الاعتماد عليها، خاصّةً مع ارتفاع الأسعار وإلغاء الدعم الحكومي على المواد الأساسية، مَا فاقم حدة الأزمة الاقتصادية العميقة التي نعيشها الآن، لذلك أخذت الحكومة في الاعتبار تدهور سعر صرف الجنيه، وارتفاع التكاليف التشغيلية لارتفاع اسعار النفط عالمياً، فكثير من احتياجات البلاد من المشتقات النفطية والقمح والدقيق يتم تأمينها بالعملة الأجنبي عن طريق الاستيراد وستؤدي هذه الخطوة إلى ارتفاع أسعار أغلب المواد الغذائية والزراعية والصناعية والنقل.