البرهان وحميدتي بالفاشر: هل انتهى جدل الترتيبات الأمنية؟!
تقرير: وفاق التجاني 6فبراير2022م
وصف عدد من المحللين والخبراء العسكريين، أن ما يجري من إجراءات لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية بالمعقد. وقالوا هنالك خطوات لا بد منها لإغلاق الملف الأكثر جدلاً على طاولة حكومة الفترة الانتقالية. واكدوا أن تنفيذ الملف على أرض الواقع قد يواجه تحديات جمّة ليس فقط فيما يتعلق بالتدريب والحصر والدمج والتسريح، وانما بأهلية تلك الحركات ورضائها بشروط القوات المسلحة، بجانب توفر المال للقيام بتنفيذ الترتيبات، فهل الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الفريق اول البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) في الفاشر كافية لإنفاذ بند الترتيبات الأمنية؟
إخلاء المدن
رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان عقب اجتماع للمجلس المشترك للترتيبات الأمنية الذي عقد في مدينة الفاشر، أكد أنه تم الاتفاق على إخلاء المدن من كل القوات المسلحة خلال اسبوع لتتم تهيئتها لملف الترتيبات الأمنية، مبيناً أن المجلس الأعلى المشترك للترتيبات الأمنية أصدر جملة من القرارات، من شأنها فرض هيبة الدولة، ووضع حلول نهائية تضمن عدم تكرار التفلتات الامنية، مشيراً الى أن هذه القرارات سيبدأ تنفيذها من وقت إصدارها والتي تعتبر بداية حقيقية لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية. وأرجع البرهان، التلكؤ في تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية إلى بعض التحديات اللوجستية، مبيناً أن ذلك أضر بالعملية السلمية، ومواطني دارفور وكل السودان.
أهم القرارات
من أهم القرارات التي أصدرها المجلس الأعلى المشترك لتنفيذ الترتيبات الامنية، إعادة تسمية قوة المهام الخاصة لقوات حفظ الأمن وحماية المدنيين وإعادة تجميع الحركات المسلحة خارج المدن، وتنظيم حملات لمحاربة المظاهر المسلحة بالإقليم، ومنع استمرار حركة الدراجات النارية والسيارات غير المقننة.
ولفت الخبير العسكري عبد الرحمن ارباب أن الملف يواجه تحديات كثيرة غير التحديات اللوجستية، وهي الترتيب وانصهار الحركات المسلحة داخل الجيش الوطني، والذي يجب أن يكون وفق شروط معينة، وتابع ارباب في حديث لـ(الصيحة): “من المهم جداً أن تكون للقيادة العسكرية رؤية واضحة فيما يتعلّق بماذا بعد الترتيبات الأمنية، ووضع حلول لكافة السيناريوهات المتوقعة، وشدد أنه من الصعب دمج حركات مسلحة مع حركات كانت تحارب ضدها والتي منها جزء نظامي وغير نظامي، ولفت أن القضية ايضاً لها بُعد إداري ومالي فيما يخص الجنود المضافين مؤخراً، والذي يتوقع أن تكون رتبهم من الدرجات الكبيرة، والتي تحتاج لبدلات ورواتب عالية، مشيراً الى أن معظم المندمجين سيكونوا من أصحاب الرتب العالية، كما أشار أنه يجب أن تضع القوات المسلحة شروطا قاسية ليتمكن الأفراد المؤهلون للاندماج، واستطرد قائلاً “الشرط الوحيد الذي اطلعت عليه ألا يتجاوز عمر الضابط ١٨ عاماً”، مبينا أن هذا الشرط غير كافٍ لابد أن تتوفر عدة شروط، من بينها الأهلية العسكرية والبدنية، كما أن الاعمار الكبيرة ستكون عالة على القوات المسلحة وسترهق الهيكل الاداري والتنظيمي بالمؤسسة. وشدد على ضرورة وجود لجنة لتفنيد المتقدمين للاندماج والتسريح وتقوم بمتابعة غير المؤهلين وادخالهم في الخدمة المدنية اذا كانوا مؤهلين أكاديمياً او توفير أعمال حرفية ليتمكنوا من صناعة وضع مادي مستقر.
مناخ ملائم
أمّا المحلل السياسي كباشي ابراهيم وصف ما يجري من تمهيد للترتيبات الأمنية بالمُعقّد، وأشار لـ(الصيحة) أن القضية الآن اكبر من ترتيبات سلام على أرض الواقع، ووصف المناخ السياسي الحالي بـ(المعطوب)، مبينا أن الترتيبات الأمنية تحتاج لوضع سياسي مستقر ومناخ ملائم، مستفهماً عن الوضع في إقليم دارفور بعد ابداء النية في تنفيذ الترتيبات الامنية، واستدرك قائلاً: “كيف ستكون هذه الأخبار على انسان المنطقة، وهل ستحقق فعلياً استقراراً على أرض الواقع. كما لفت لإمكانية الحركات المسلحة وقدرتها للسيطرة على الوضع في إقليم دارفور او المنطقتين، مشيراً لعدد من التحديات من بينها اقتناع الحركات المسلحة بضوابط وشروط الجيش الوطني، لافتاً لوجود عدم ثقة بين المكونات السياسية وحملات واسعة للتخوين لتلك المؤسسات.
تنفيذ الترتيبات
غير ان المحلل السياسي عبد الباسط الحاج لفت لضرورة الاقرار بوجود إشكالات في تنفيذ الترتيبات الأمنية قبل البدء في تنفيذها, وأشار لـ(الصيحة) إلى أهمية أن تتطرق الى عملية إعادة الهيكلة لإدماج قوات الحركات، مبيناً أن الترتيبات الأمنية تُستخدم في القطاعات ذات النزاع المسلح المحدود أو الذي ينتشر على رقعة محدودة بعكس الذي يحدث في السودان.
قوات مشتركة
يُذكر أن الحركات المسلحة وقعت اتفاقاً لإحلال السلام ضمن تحالف “الجبهة الثورية”، فيما تخلّفت عن الاتفاق “الحركة الشعبية ـ شمال” بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة “تحرير السودان” بقيادة عبد الواحد نور، والتي تقاتل القوات الحكومية في دارفور. وتضمنت الترتيبات الأمنية أيضاً، تشكيل قوات مشتركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة تحت اسم “القوى الوطنية لاستدامة السلام في دارفور” لحفظ الأمن وحماية المدنيين في الإقليم السوداني.