6 فبراير 2022م
اسمه هكذا..
وهو ليس مسلماً كي نقول إن الاسم مستمدٌّ من سورة القلم في القرءان..
بل هو قبطي من أثرياء بلدتنا..
كما لا نظنه يعني الحوت؛ كما فسر البعض حرف النون في السورة هذه..
وقالوا إن النون هو حوت يحمل الأرض..
وقلنا – نحن – إن هذا يدعم دعوتنا إلى عدم تحنيط تفاسير كتاب الله الكريم..
عدم النظر إليها كآثار في متحف الجمهور..
فهم بشرٌ يصيبون ويخطئون؛ وكل مجتهدٍ من بعدهم يصيب ويخطئ أيضاً..
وربنا يطالبنا – جميعاً – بالتفكر… والتدبر… والتأمل..
ولم يقل ان الاجتهاد العقلي – الديني – وقفٌ على بعض الأولين دون الآخرين..
المهم اسمه نون… ومتجره في ضخامة النون..
أي في ضخامة الحوت… ويلتقم كل ما في أسواق بحري وقبلي من بضائع..
ونعني ببحري شمال الوادي… وقبلي جنوبه..
والعريس الذي شيلة عرسه ليست من محل نون فلا يحق لنسيبته أن تفخر..
وقد رأيت حوت نون هذا لماماً..
أيام إجازاتي القليلة – النادرة – للبلد… وما كنت أظنه يشتهر بمحلٍّ آخر..
ونأتي لذكر المحل هذا بعد خلفية موجزة..
أو بعد مقدمة مختصرة – ربطاً للحديث – بمثابة فلاش باك… كما في الأفلام..
فقد قادتني الظروف لولوج مسجد ببحري..
وعقب الفراغ من الصلاة أفادني مضيفي بمعلومة تاريخية عن الإمام..
قال إنه أقدم على فعلةٍ شهيرة في زمنٍ مضى..
واشتهر هو بفضل شهرة فعلته تلك… وما زال يباهي بها إلى يومنا هذا..
أما الفعلة فهي هدم بار نون..
وكان ذلك عقب إعلان النميري قوانين سبتمبر… وإهراقه الخمر في النيل..
وكان هو طالباً ببلدتنا… وذا جلبابٍ قصير..
فقاد مظاهرة من المدرسة حتى بار نون هذا وهو يهتف بجنون محموم..
يهتف ويصرخ: ملعون ملعون… يا بار نون..
ولم يهدأ له بالٌ إلا بعد أن رأى – ومرافقوه – البار وقد صار حطاما..
ولا أدري إن كان رأى محال خمورٍ أخرى أم لا..
وأعني محلات الخمور البلدية… وما أكثر اللاتي كن يصنعنها أيام ذاك..
أم اللعنة انحصرت فقط – يا ترى – في بار نون؟..
أما أنا فلا أذكر أنني رأيت بار نون هذا مطلقاً…. إبان زياراتي البلدة..
غير أني رأيت ما لا يقل لعنةً عن البار..
سواء في زمان نميري الشمولي ذاك… أو أزمنةً من بعده لا تقل شمولية..
رأيت فساداً… وقهراً… وقتلاً… وتنكيلاً.. وتعذيبا..
ولكني لم أر – مطلقاً – ذوي جلابيب قصيرة يخرجون في مظاهرة ضد ملعون..
ولهم في ذلك رأيٌ تبريري..
وهو أن الخروج على الحاكم حرام… وإن بلغ فساد – وإفساده – حجم نون..
ونعني بكلمة نون هنا الحوت..
أما نون – صاحب البار – الذي يفسد العقول فالخروج عليه واجبٌ شرعي..
وفاتني أن اسأل مضيفي ذاك عن شيءٍ مهم..
وهو؛ هل مكث هادم بار نون هذا بالبلدة حتى بلغ أوان إكمال نصف دينه؟..
فإن فعل؛ فمن أين اشترى مستلزمات شيلته؟..
وأغلب الظن أنه شابه كثيرين مثله… يلعنون بلاد الكفر تقرباً إلى الله..
فإذا ما ضُيِّق عليهم بديارهم تقربوا إلى بلاد الكفر هذه..
يخرجون إلى دول الكفار هذه هرباً من حكامٍ لا يخرجون عليهم أبداً..
فمثل هذا الخروج – داخلياً – هو حرام..
هو في حرمة تعاطي ما كان يُباع بمحل نون الثاني بخلاف محله الأول..
بخلاف متجر نون… الذي في ضخامة النون..
أما الحلال – والمجلب للثواب – فهو الخروج الغاضب على مثل بار نون..
ثم الهتاف – زحفاً – إلى حين بلوغ معسكر العدو:
ملعون…… ملعون..
يا بار نون!!.