4 فبراير 2022م
مضت سنة ونيف منذ توقيع اتفاق السلام بجوبا، وإنسان دارفور يترقب أن تكون الاتفاقية بردا وسلاما لحالته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، علماً بأن الغالبية العظمى استبشروا خيراً بتوقيع السلام الذي كانوا يظنون بأنه سيأتي لهم بـ(عنب وتين وزيتون وتفاح) البلدان الشامية، فتتحوّل حياتهم المعيشية إلى الرفاهية والترطيب الكامل، فكان هناك شبه (عقد شرعي) بين حركات الكفاح المسلح بدارفور وأهلنا بمعسكرات النازحين واللاجئين امتدّت فيه شهور العسل الخيالية.
تأخّرت مخرجات اتفاق سلام جوبا بسبب الحالة السياسية العامة بالبلاد وأخيراً تمت ترجمة الاتفاق بتكوين نظام حكم إقليمي لدارفور والنيل الأزرق عن بقية انحاء السودان التي ظلت مستمرة بنظام حكم الولايات، وأيضاً تم الإبقاء على ولايات دارفور الخمس على هيئتها وأُضيفت ولايتا شمال وغرب دارفور الى اتفاق سلام جوبا وأصبحت حصرية مع نظام حكم الإقليم من نصيب حركات الكفاح المسلح بدارفور (مسار دارفور)، وتحرّك الجنرال نمر محمد عبد الرحمن والياً لشمال دارفور بالتزامن مع الجنرال خميس أبكر والياً لغرب دارفور، واستلموا ادارة ولايات اتفاق سلام جوبا والتحق بهم المارشال مني اركو مناوي حاكماً للاقليم بولاياته الخمس (شمال – غرب – جنوب – شرق – وسط دارفور).
بوصول حاكم الإقليم للعاصمة الفاشر وتنصيبه من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح السيسي كما قال مناوي في كلمته بمنصة التنصيب، منذ ذاك التاريخ السياسي الجديد أصبح مواطن الإقليم تتعالى سقوفات طموحاته وأحلامه ودخل في بيات مستمر وهو يستمع لخطاب الحاكم الجديد الملئ بالوعود الزاهية والجميلة والذي أتبعه بذرف الدموع بإستاد مدينة نيالا متأثراً بالتدافع الجماهيري الكبير الذي خرج لاستقباله حسب حديث المقربين منه.
جاءت محطات مدن الضعين والجنينة وزالنجى بلا تهويل إعلامي ومضت في ذاكرة النسيان في دفتر حضور مناوي الثوري، وباستمرار الوضع السياسي بالسودان كما هو عليه الحال الآن، تعرف أهل الإقليم على بعض الحقائق الصادمة والمؤثرة والمنفرة من قيادات الكفاح المسلح بدارفور، واصبحت آمال وطموحات وتطلعات سكان الإقليم يصيبها اليأس والبؤس، بسبب تردي الأوضاع السياسية والأمنية وبرزت بوصولهم الصراعات والاضطرابات الأمنية الساخنة، واصبح كل شيء ممنوع مباحا ومرغوبا، وشواهد حمل السلاح بأيدي المواطنين ساهم في تأزيم الحالة الأمنية، وتعطلت المصالح العامة بكثير من المناطق، والكل أصبح ينتمي لحركات الكفاح المسلح وضاعت هيبة الدولة بالتدخُّل السافر من أفراد الكفاح المسلح في الشؤون القانونية والعدلية، وتنامت ظواهر قديمة واصبحت الجريمة سمة بارزة في المشهد الجنائي.
عديد التدابير الأمنية اتّخذت للحد من تنامي الفوضى والعنف ولكنها تكثرت بالتواجد الكثيف لحركات الكفاح المسلح بالمدن، وتطورت أشكال العنف والاعتداء على معسكرات النازحين، الذين ظلوا آمنين بمعسكراتهم لفترات بعيدة، حتى أصبحوا جزءا أصيلاً من مجتمع المدينة بالتزاوج والانتفاع بخدمات التعليم والصحة وانفتحت اسواق رائجة بالمعسكرات اصبحت قبلة لزوار إقليم دارفور من الولايات السودانية الأخرى.
كل هذه التحديات والصعاب التي حدثت لإنسان الإقليم والذي كان لسان حاله يقول: (الصبر مفتاح الفرج)، وان السلام فاتورته كبيرة ويستحق هذا المهر الذي سيقود فيما بعد لحياة أفضل، ولكن بكثرة الامتحانات التي يضعها قادة الكفاح المسلح بدارفور (حاكم الإقليم وحكام الولايات والمركز المأزوم باضطراباته) أمام النازحين واللاجئين والمواطنين، اصبحت هناك اصوات عالية تنادي بالطلاق ووضع نهاية لشهر العسل الطويل مع حاكم الإقليم وحكام الولايات (شمال دارفور – غرب دارفور).
مازالت وزارات حكومة سلطة الإقليم معطلة، ومازال البحث جارياً عن وزير مالية إقليم دارفور، وحال مواطن الاقليم يقول سئمنا من الخطاب الواحد للكمرد مني محمد نور والأخت توحيدة أمين عام حكومة الإقليم شغالة شنو؟؟ زول عارف مافي.
أما الدكتور محمد مناوي عليو برضو شغال كلام والمواطن بدارفور دايرين نتائج ولا تعنيه احتفالات قاعة الصداقة ولا احتفالات شهداء الواجب الثوري لحركة تحرير السودان التي تجرى الآن بمحلية كرنوي بولاية شمال دارفور.
اللهم عافنا فيمن عافيت وتولّنا وأنت راضٍ عنا