الخرطوم: وفاق التجاني 3فبرااير2022م
رجح عدد من الخبراء الاقتصاديين والمحللين السياسيين، أن تتسبب الموازنة المجازة للعام ٢٠٢٢، في ضائقة اقتصادية تنعكس آثارها سلبا على معاش الناس. ولأن القضية السياسية لا تنفصل عن الاقتصادية, رَهَنَ عدد من الخبراء السياسيين والاقتصاديين انجلاء الازمة بتشكيل حكومة مدنية ترضي جميع الأطراف، وطرح حلول إسعافية وخطط اقتصادية طويلة وقصيرة المدى تتماشى مع برنامج الحكومة الانتقالية.
تباشير الزيادة
الموازنة تمت إجازتها بتباشير زيادات مقدرة في أجور العاملين، بالدولة حتى تتناسب مع متطلبات الحياة على الرغم من أنه لم يذكر قيمة الزيادة أو أي ارقام للموازنة الجديدة، كما أشار وزير المالية جبريل ابراهيم أن الموازنة ركزت على استقرار سعر الصرف، لضمان الاستقرار الاقتصادي وعدم الاستدانة من الجهاز المصرفي.
معاش الناس
بيد أن العاصمة السودانية والاقاليم تعاني من التضخم وبالتالي ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الاستراتيجية، وزيادة تعرفة الكهرباء والخبز.
وكرد فعل لزيادات اسعار الكهرباء, تم إغلاق عدد من الطرق القومية من قبل محتجين كانت لها ظلال اقتصادية ومؤشرات سياسية سالبة, الموازنة اعتمدت على رفع الدعم عن كافة السلع الاستراتيجية والمحروقات والكهرباء، والاعتماد على الموارد الذاتية, في ظل توقف القروض وبرامج الدعم العيني وإغلاق الطرق وتوقف عجلة الإنتاج وضعف الموارد وحركة الاستيراد والتصدير كلها عوامل سوف تنعكس سلباً اقتصادياً وسياسياً على المواطن والحكومة على حد سواء.
حوار داخلي
وارجع المحلل السياسي والقيادي بحزب الأمة الفريق صديق اسماعيل, تداعيات القضية للجمود الذي يسود المشهد السياسي، وربط حل كافة القضايا بحوار سوداني من الداخل، ووصف الوضع السياسي والاقتصادي الراهن “بالمرتبك”, وقال لـ(الصيحة) ان القضية تحتاج لجهد جماعي يخرج السودان من نفق مظلم. وأشار خلال حديث “للصيحة”, ان البلاد ستعود لعزلة دولية، واردف: “نلاحظ توقف الدعم الدولي وبرامج النقد الأجنبي والذي سيؤثر سلبا على معاش الناس”، مشيرا لتوقف برنامج “ثمرات” والذي كان يدعم جزءا كبيرا جدا من الشعب السوداني.
ضعف الموازنة
ورهن اقتصاديون, الحل لمجابهة الأزمات الاقتصادية بوجود حكومة ترضي جميع الأطراف، كما شددوا على ضرورة وجود قيادات اقتصادية وسياسية تتسم بالكفاءة والقدرة على صناعة حلول، مشيرين لضعف الموازنة المجازة مؤخراً، واعابوا عليها الاعتماد على الموارد الذاتية.
وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير, إن حالة السيولة الأمنية والسياسية أثّرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي وانعكس ذلك سلباً على معاش الناس وخاصة محدودي الدخل, وشدد على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة لتسيير أوضاع البلاد، ولفت أن الموازنة الأخيرة وفي اعتمادها على الجبايات والضرائب، والرسوم التعسفية تؤثر بشكل مباشر على المواطن العادي، بالإضافة لاعتمادها أيضاً على رفع الدعم عن كافة السلع الاستراتيجية، والمحروقات والكهرباء في ظل ضعف الرواتب، مؤكداً أن هذه السياسات المستخدمة كلها تصب سلبا على أوضاع المواطنين العاديين. وأشار في حديث “للصيحة “أن معظم هذه السياسات تحتاج لآليات ضمان اجتماعي، مثل برنامج ثمرات والذي توقف بسبب الوضع السياسي الراهن.
انزعاج المواطنين
واعاب الخبير الاقتصادي عبد العزيز المهل، على الحكومات منذ سقوط النظام البائد انشغاله بالمحاصصات السياسية، وعدم اكتراثه الوضع الاقتصادي ومعاش الناس. وقال خلال حديثه “للصيحة”, إن المواطن العادي بدأ يتضجر من الوضع الاقتصادي الراهن في ظل عدم وجود أي نية حقيقية للحكومة السودانية بوضع حلول وخطط إسعافية بالتزامن مع توقف الدعم الدولي, مشيراً إلى أن الموازنة الحالية تعتمد على الجبايات الشيء الذي سينعكس سلبا على معاش الناس، خاصة بعد توقف عجلة الإنتاج جراء الإغلاق المستمر للطرق الاستراتيجية، كما لفت أن الموازنة للعام ٢٠٢٢ فرضت جبايات ورسوما حتى على القطاع الزراعي، وأكد أن مشروع الجزيرة “مشروع زراعي استراتيجي” يعاني حالياً من ضعف انسياب المياه وزيادة في تعرفة الإمداد الكهربائي والذي كان من الأولى أن تقوم بدعمه الحكومة السودانية كونه من أهم المشاريع السودانية والذي يعتمد عليه في التصدير والاكتفاء الذاتي. وأردف: “الطريقة المتبعة في اتخاذ القرار الاقتصادي غير علمية، كما أن الموازنة تُجاز بالتوافق مع عدد من الدوائر السياسية والاقتصادية بالبلاد, لكن وزير المالية تعامل معها على أنها شأن فردي، وشهدت بذلك الأسواق ارتفاعاً في الأسعار، وعودة لتجارة النقد وظهور الأسواق السوداء مجدداً, وفي تقديري تعتبر هذه الحكومة أسوأ من حكومة النظام البائد, فهي تعتمد نفس السياسَات في دعم الجهاز الأمني والعسكري مُتناسين بذلك المواطنين.
ورأى سياسيون أن الميزانية التي تم اعتمادها للعام 2022 اذا لم تجد حكومة فاعلة ومناخا مستقرا, فإنها ستؤدي الى كارثة اقتصادية يصعب الخروج منها, وذكروا أن السياسة لا تنفصل عن الاقتصاد واذا لم يكن هنالك استقرار فلن يكون هنالك انتاجٌ, خاصةً وان الميزانية ركزت على ايرادات الداخل دون الاعتماد على الخارج الذي اعتمدت عليه موازنة العام الماضي.
واوضحوا ان الوصول الى اتفاق سياسي من شأنه ان يعيد المجمد دولياً ليساهم في إحداث استقرار اقتصادي داخلي.