تقرير: سراج الدين مصطفى 3فبراير2022م
(1)
(عوضية سمك) اسم أصبح مألوفاً ومعروفاً لغالبية سكان ولاية الخرطوم.. كيف لا وهي التي اشتهرت بمحلها الشهير لبيع الأسماك في أم درمان.. اسمها بالكامل عوضية عبد الله عبده آدم الشهيرة بـ(عوضية سمك) تعود أصولها لولاية جنوب كردفان، وهي من أكثر المناطق تأثراً بالحرب، حيث ولدت في مدينة الخرطوم عام 1951م.. وبعد سنتين من مولدها أصيبت بمرض شلل الأطفال الذي سبب لها الإعاقة في إحدى قدميها أثر على حركتها وعدم المقدرة على المشي، لكنه لم يؤثر على عزيمتها وكفاحها وإرادتها.
ثم بدأت تتدرّج في رحلة الحياة، حيث نشأت في أسرة بسيطة وميسورة الحال حاصرها الفقر، شأنها شأن كثير من الأسر، فقررت الخروج لسوق العمل لتساعد أسرتها وزوجها، حيث بدأت ببيع الحبوب وقصب السكر، كما عملت في مصنع البسكويت لفترة، بعد ذلك أقنعتها زميلتها بالعمل معها في مجال بيع الشاي والزلابية على ضفاف النيل لصائدي الأسماك، لكن حملات الشرطة ظلّت تُطاردها ولم تتركها وشأنها، لكن كانت تلك نقطة تحول في حياة هذه المرأة المناضلة.
(2)
حيث أصبحت عوضية سمك ذات شهرة خاصة واسماً أكثر خصوصية.. وكعادة النجاح لا يأتي مصادفة فهي تقول (قصتي مع تحمير السمك بدأت قبل 17 سنة على شاطئ النيل بمحاذاة الموردة مع “السماكة”، بدأت ببيع الشاي والزلابية، ثم تدريجياً انتقلت إلى العمل في مجال الأسماك، لأن العمل في مجال الشاي غير مريح.. والبداية بالنسبة لي كانت صعبة جداً أولاً لأنني امرأة، وثانياً لأنني أعاني من إعاقة حركية.. ولكن قوة الإرادة والعزيمة والتوكل على الله هي التي أعانتني على تحقيق هدفي، إضافة إلى المساعدات العظيمة التي قدمتها لي منظمة تحدي الإعاقة من تجهيز الشواية بهذا الشكل الذي يرضي كثيراً من الزبائن وشكل الشواية والمطعم واحدة من الحاجات التي حققت لي النجاح).
(3)
عوضية في تصريح لها لجريدة “الشرق الأوسط” قالت، إن سر نجاحها ليس الخلطات أو «التتبيلة»، كما يقال، بل هي «بركة من عند الله وحرصي على الإشراف بنفسي على كل صغيرة وكبيرة.. بدءاً من اختيار نوع السمك ومنه إلى طريقة تتبيل السمك وقليه.. وصولاً إلى التحكم الكامل في مستوى الجودة والنظافة والاهتمام المباشر والشديد بالبيئة لحساسية رائحة السمك. ولذلك رفضت فتح أي فرع لمحلي هذا لأنني أدرك سلفاً عجزي عن إدارته بالكفاءة العالية نفسها». غير أن عوضية تسعد بالقول إن زبائنها يقدمون اقتراحات كثيرة، وهي دائماً ترحب بها وتأخذها في الاعتبار، وهو ما ساعدها جداً على تطوير المحل، وأسهم في ذيوع شُهرته «من دون الحاجة إلى الاستعانة بالدعاية والإعلانات لجذب الزبائن». أما عن الأسماك المُفضّلة عند زبائن محلها، فقالت عوضية: «إنّ السودانيين يُفضِّلون كل أنواع أسماك النيل.. وهي تصلنا طازجة يومياً إلى المحل».
(4)
وأكد بعض رواد المكان أن الازدحام في المحل يدل على مدى تميز طعم السمك هنا، بالإضافة إلى أن كمية السمك الموجودة في الوجبة كبيرة والسعر مناسب وينافس كل المحلات المشابهة.. وما يزيد من تميز المحل شوربة السمك التي تشتهر السيدة عوضية بصنعها بشكل فريد، والتعامل الراقي من قِبل صاحبة المحل المعروف عنها أنها شخصية عصامية بدأت من الصفر، وها هي اليوم تدير محلاً يدر عليها آلاف الجنيهات يومياً، ويقال «إن دخلها اليومي يقدر بـ10 آلاف جنيه». ومن جهة ثانية، أكد عبد القادر علي، وهو تاجر، أن «من يأكل من أسماك عوضية لا بد أن يعود مرة أخرى، وهذه ثاني زيارة لي إلى المحل. أحياناً تتصور أنك في أول أيام العيد نظراً لكثافة أعداد الناس والحركة النشطة وهمهمات الزبائن وضحكاتهم، وسط رائحة السمك المقلي وهي تعبق المكان. ثمة حميمية وإلفة.. ثم إن الأسعار مغرية».