حرب الوسائط والشائعات تضرب العلاقة بين مصر والسودان!!
الخرطوم: عوضية سليمان 1فبراير2022م
في ظل التطوُّر التقني والانفتاح على العالم، أصبحت الشائعات أكثر نشاطاً، كما أصبحت السلاح المتطور الذي تحارب به الدول الآن، حيث تعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة التي في عصرنا هذا، فهي تعتبر حرباً نفسية باردة وأخطر من الحروب المسلحة، دائماً ما يكون الغرض من الشائعات الإفشال والإعاقة وتعطيل المشروعات والإنجازات بتضليل الوعي، والانسياق وراءها وتفتقر هذه الشائعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار، وتمثل هذه الشائعات جزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها وبرزت مؤخراً في قضية تتريس الشمال وتوقف الشاحنات المصرية المحملة بالبضائع، وراجت الشائعات بأنّ العلاقات توترت بين البلدين، كما ان السودانيين المقيمين بمصر يتعرضون لمضايقات، فانتشرت كانتشار النار في الهشيم، وأصبح إعلاميو البلدين عبر ملحقياتها تنفي ما راج من شائعات، التي يراها البعض بأنها بقصد ضرب العلاقات بين الدولتين، والبعض الآخر يراها بمنظور مختلف بأن هناك من يحاول أن يصطاد في المياة العكرة وتنفيذ أجندة.
علاقة الدولتين
إن العلاقة بين الدولتين مصر والسودان، علاقة تكاملية وليست تنافسية، ويجب أن يكون أساس التعامل قائماً على أنهما يحتاجان إلى بعضهما البعض في تبادل المنافع والتجارة المشتركة حتى يتحقق التكامل، ولأجل ذلك ينبغي علينا تسخير طريق شريان الشمال للاستفادة منه في ذلك الأمر من خلال التجارة وصادرات وواردات البلدين، وبشكل عام لا توجد دولة مستفيدة أكثر من الأخرى من الطريق، فالمصالح متبادلة فالعلاقة بيننا تكاملية وشريان الشمال يهم البلدين.
انتشار النار في الهشيم
وفي تصريحات للكاتب الصحفي زهير السراج حول الشائعات بالوسائط بين مصر والسودان، قال أكاد أجزم أن الشائعات والحكايات والتحريض على مصر في السودان هو صناعة مخابراتية بامتياز، تقوم بها أطراف تريد أن تنسف التقارب السوداني المصري في أزمة سد النهضة، المؤسس على مصالح كل دولة وطبيعة الأخطار التي تواجهها بسبب المعابر البرية بين مصر والسودان هي الهدف الحالي للشائعات المؤسس على أن مصر تنهب السودان وخيراته وتضر السودانيين، بينما الحقائق الإحصائية تقول إن حجم العجز التجاري بين مصر والسودان لا يتجاوز 136 مليون دولار، بينما العجز التجاري السوداني مع العالم هو 5.3 مليار دولار، وفي هذه الحالة يكون السؤال المشروع من ينهب السودان مصر أم الدول الأخرى، المشكلة الأساسية التي تواجهها مصر في السودان هو الاستعداد الجاهز لدى الذهنية السودانية الشعبية لتصديق أي شائعة عن مصر ونشرها على قروبات “الواتساب” لتنتشر انتشار النار في الهشيم، وذلك في تقديري لأسباب ذهنية تعودت على أن (مصر هي شيطان كامن) في كل تطور سياسي سوداني تاريخياً، بسبب مجهودات المخابرات البريطانية والغربية المستمرة لضمان فرقة مصرية سودانية.
صُعُوبة القول
فيما يرى الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة، أن الشائعات بين مصر والسودان كثرت في الآونة الأخيرة في ظل الأحداث المشتركة بين البلدين. وأضاف لـ(الصيحة) لم تكن الشائعات وليدة لحظة وإنما منذ وقت طويل جداً وتحديداً في ما يربط بين الحدود مثل مثلث حلايب وسد النهضة والتبادل التجاري وغيرها من المواضيع التي تربط الطرفين، وقال مع كل هذه الشائعات فإن العلاقة متينة جدا على مستوى السكن والمعيشة لدرجة تجد أن لا فرق بين الدولتين، ولفت من الصعب أن تكون كل الشائعات خالية من الحقيقة، وأن الحقيقة غير معروفة وليس بمقدورنا أن نجزم بأن ما يجري حقيقه أم شائعة، ولكن لنتفادى مثل هذه الشائعات أن يسلم الأمر الى أجهزة الأمن ويكون هنالك قسم خاص يتابع الشائعة وينفيها في نفس الوقت لنقلل من حد الشائعات ومعرفة الحقيقة بعد التشريع فيها لأنها تؤثر على الجانبين السوداني والمصري، مؤكدا أن جهاز الأمن هو أقرب للحقيقة وبإمكانه نفي الشائعة او تثبيتها.
تأثير الشائعات
وفي ذات السياق، يرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن الشائعات المغرضة التي تُطلق هذه الأيام بشأن السودان ومصر ليس لها تأثير كبير، موضحاً بأن العلاقة متينة جداً بين مصر والسودان، وإن الشائعات الغرض منها سياسيٌّ وهذا دور تلعبه دول أخرى مع دول الجوار، وأضاف في حديثه لـ(الصيحة) ان السودان تحده دول جوار كثيرة ولكن دائما الشائعة تكمن في دولة مصر، لان هنالك خلافات سياسية واضحة ويريدون الفتن وتعكير الأجواء بين البلدين، ولكن المواطن السوداني او المصري يعي ذلك تماماً، وأشار الى أنه دائما ما نجد الشائعة ترتبط بالأحداث، فمثلاً الشائعة الآن عن اغلاق طريق شريان الشمال وهذا الطريق ليس جديدا ولا حتى التجارة فيه جديدة، لكن أصحاب الشائعات اختاروا الوقت المناسب لإطلاقها، وحول مضايقات السودانيين في مصر، قال هذا حديث عار عن الصحة، وهنالك جهات تأكدت من ذلك والشعبان السوداني والمصري مترابطان.
حملات مُمنهجة
ويؤكد عبد النبي صادق المستشار الإعلامي بسفارة جمهورية مصر العربية بالخرطوم، متانة العلاقات الشعبية والرسمية بين السودان ومصر وصعوبة التأثير عليها بواسطة الحملات الممنهجة الهادفة إلى دق إسفين بين البلدين بإثارة الشائعات المكثفة لتعكير الأجواء ببث أكاذيب غير صحيحة لتسميم العلاقات الثنائية بين القاهرة والخرطوم، ويقول صادق حسب صحيفة “السوداني”، إن هناك بعض المجموعات والجهات التي تسعى للوقيعة والاستفادة من حالة عدم الاستقرار بالسودان للوقيعة بين البلدين من خلال عمليات واضحة الغرض، وأضاف أن ما يجمع السودان ومصر من روابط ومشتركات وموروثات متميزة يندر وجودها بين أي شعبين آخرين في العالم تعتبر حصناً منيعاً للتصدي للباحثين عن تخريب العلاقات المتميزة بين الدولتين وشعبيهما، في اعتقادي أن كل من له مصلحة في تعكير العلاقات الثنائية وكارهٌ للشعبين السوداني المصري وعُمق العلاقة بينهما، يسعى لتعكير العلاقة بين البلدين وتدمير هذه العلاقات المميزة، وهذا لن يحدث لأنها علاقة متجذرة وسرعان ما تنتهي هذه الشائعات.