الحسين أبو جنة يكتب : مَن سرق مركوب الحاكم؟؟
31يناير2022م
حذاء الطمبوري حجز لنفسه مساحة شاسعة على صفحات التاريخ المتداول عن الطرائف والغرائب في عالم السلوك الإنساني المتباين. وبذات القدر وجد مركوب حاكم إقليم دارفور حظه من الترويج والدعاية بعد سرقته التي تمت في أحد مساجد مدينة الفاشر التي دخلها مني أركو مناوي لأداء شعيرة الصلاة المفروضة، كما يدعي عبر منابر الاحتفالات السياسية.!!
كان بوسع حاكم الإقليم تناسي الحكاية وغض الطرف عنها تماماً، وذلك بالكف عن تناولها أو التعليق بشأنها من باب (أن الكبير كبير)، ويجب أن يكون كبيراً في كل شيء. كما عهدنا ذلك في كثير من القيادات الرفيعة التي شغلت ذات الموقع.!!
ورجلٌ في قامة حاكم إقليم مثل دارفور بلد الحكمة والإيثار، كان العشم أن يكون سقف تفكيره واهتماماته الشخصية أرفع من مستوى الغرق في فنجان موية سرقة حذاء لا يسوى شيئاً مُقارنةً بالهموم والتحديات والقضايا التي تُحاصر إنسان دارفور منذ عشرات السنين. ومعلوم بالضرورة أن مناوي مُدركٌ لها بالتفصيل حين يستدعي الأمس القريب وهو في الأحراش يثمِّن دوافع وأسباب تمرده على الحكومة المركزية!!
كانت مروءة وشهامة المنصب الرفيع تتطلب من السيد مناوي بصفته كبير القوم أن يبذل جهداً كبيراً في إجراء عملية تقييم محايد لمعرفة دوافع الجريمة. وكان من الأجدى والأنفع لسيادته اتباع ثقافة الصمت بدلاً من العواء و(شيل حال) أهل الفاشر الكرماء الأتقياء.
وليت الأخ الحاكم كان قد افترض حُسن النية، بأن الجوع كافر، وبأن معرفة الأسباب أهم من التسويق المُعمّم لتلك النتائج السالبة.
الدروس المُستفادة من قصة سرقة حذاء حاكم الإقليم، تؤكد صحة تعاليم الإسلام التي تحض على العفو، وعلى التسامح، وعلى عملية التدقيق والتمحيص عند اختيار القيادات الرفيعة التي يجب أن تتحلى بالحلم والتسامح والصبر على المكاره، وتأكيداً لذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحث المسلمين على طلب الخير من أبناء البيوتات الكبيرة.
اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق (الإمام علي بن ابي طالب).
وأخلاق الجوع هي أخلاق الفقر التي لا تعرف التسامح، وليس في أدبياتها غير المكيدة والمكر، ومحاكمة النوايا.!!