الخرطوم: صلاح مختار 30يناير2022م
يبدو أنّ المجلس السيادي يتجه نحو اتخاذ إجراءات ضد بعض الدبلوماسيين المقيمين في الخرطوم، بعد أن استمع رئيس المجلس الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان الى افادة من وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق حول انشطة بعض البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم ومخالفتها للاعراف الدبلوماسية والمنتهكة للسيادة الوطنية للبلاد, وعبر المجلس عن قلقه من نشاط “بعض” البعثات بالخرطوم، واعتبرها “مخالفة للأعراف الدبلوماسية ومنتهكة لسيادة البلاد”، في وقت تستعد فيه بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) لأسبوع رابع من “المشاورات الأولية” للعملية السياسية في البلاد.
وقالت عضو مجلس السيادة الانتقالي والناطقة الرسمية باسم المجلس سلمى عبد الجبار المبارك -في تصريح صحفي مساء أمس- “إن الاجتماع استمع أيضاً إلى إفادة من وزير الخارجية المكلف علي الصادق حول العلاقات الخارجية وأنشطة بعض البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم والمخالفة للأعراف الدبلوماسية والمنتهكة لسيادة البلاد”، رغم أنها لم تذكر أسماءً بعينها، لكنها قالت ان المجلس أعرب عن قلقه إزاء النشاط المخالف لهذه البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم.
فهل ملاحظات السيادي حول البعثات الدبلوماسية هي خطوة نحو التصعيد أم للفت نظرها؟
إثارة الفتن
سبق أن اتهم البرهان، في ديسمبر من العام الماضي، بعثات دبلوماسية بإثارة (الفتنة والتحريض) ضد الجيش، محذراً من اتخاذ إجراءات في مواجهتهم، وقال خلال خطاب في ختام المشروع التدريبي للجيش السوداني (أحفاد تهراقا) بمنطقة المعاقيل العسكرية بولاية نهر النيل قال: نرى البعثات الدبلوماسية تتجول بكل حرية في الخرطوم (…)، بعض البعثات الدبلوماسية (لم يسمها) تعمل على الفتن ضد الجيش ونحن لا نتركهم، ونحذرهم وسنتخذ إجراءات (لم يوضحها).
وقف التدخلات
ويرى المحلل والاعلامي صلاح التوم من الله أن الخبر لم يوضح ماهية السفارات التي ستشملها الإجراءات أو التي انتهكت السيادة الوطنية ومن هم الدبلوماسيون الذين خرجوا عن العرف الدبلوماسي, غير انه قال لـ(الصيحة) ان الاجراء اذا تم سيتم طرد بعض الدبلوماسيين، ولكن على العموم ان البرهان غير راض عن تدخلات السفارات ويشعر باعتباره رئيساً للدولة ان يتخذ اجراء لوقف تلك التدخلات، ولكن يضع في اعتباره الدول الخارجية التي تشكل ضغطا كبيرا عليه، ولذلك لا يريد ان يتخذ اي خطوة تصعيدية تضر بمصلحة البلاد ويكون لها رد فعل عنيف، وأضاف قائلاً: من المتوقع ان يتم طرد بعض الدبلوماسيين على خلفيات واضحة لأنهم انتهكوا السيادة الوطنية سواء كانوا من السفارة السويدية او البريطانية، غير انه قال قد لا يشمل القرار اي دبلوماسي امريكي، واكد ان الدول ترفض العقوبات على الدبلوماسيين والسودان ظل في حصار لوقت كبير ولذلك الإفادة جاءت بعد طلب مجلس السيادة من وزير الخارجية تقديم تقرير بذلك، وقال ان التنوير بداية لاتخاذ قرار يمنع الدخل في السيادة الوطنية.
أزمة دبلوماسية
وكشف مصدر دبلوماسي لـ(الصيحة) فضّل عدم ذكر اسمه، وجود انتقادات بسبب الطريقة التي تم بها تنوير المجلس السيادي، وقال من المفترض ان يتم استدعاء الدبلوماسيين المُخالفين للإجراءات السيادية، واضاف الاجراء برمته خطأ ومخالف للعرف الدبلوماسي, ورأى أن أي تدخل في الشأن الداخلي يفترض ان يتم من خلال وزارة الخارجية, حيث تستدعي البعثات التي يقوم افرادها بأدوار تمس السيادة الوطنية واستنطاقها بعد ذلك تقوم الخارجية بإصدار بيان في ذلك الشأن, ثم ترفع تقرير الى مجلس الوزراء في حالة وجوده، اما في حالة العدم تخطر المجلس السيادي، مبيناً ان الاجراء الذي تم يعتبر مُخالفة, وتدخلاً من السيادي في شأن الخارجية, وقال ربما طلب من الخارجية تقديم تنوير لجهات اراد السيادي ارسال رسائل لها. ويرى مصدر آخر ان عملية استدعاء الدبلوماسيين طبيعية في حال وجدت تصرفات تشكل تدخلاً في الشأن الداخلي للدولة، وأكد أن بعض الدول قد لا ترضى ان تمس رعاياها ولذلك قد تشكل اي خطوة بادرة ازمة دبلوماسية اذا تمت، وقال خلال الفترة الماضية لاحظ الجميع تصرفات البعثات الدبلوماسية في الخرطوم، واسترجع بأن تلك التصرفات كانت واضحة منذ اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة وامتد الى الآن، واضاف ان بعض الدبلوماسيين تصرفوا كأنهم في دولتهم دون معايير تضبطهم، وعزا ذلك الى الهشاشة السياسية والخلافات والتشتت في الساحة، والتي قال انها فتحت الباب أمام التدخل الأجنبي، وانتقد المصدر بشدة هرولة بعض القوى السياسية نحو لقاء بعض السفراء، واعتبر أن ذلك عمالة.
معايير دولية
ولكن المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، قال إن الأعراف الدبلوماسية معروف عندها معايير دولية واساليب مختلفة ورأى ان الدبلوماسية اصبحت جزءا من المجتمع المدني وما عادت تلك الدبلوماسية التقليدية التي مورست إبان الحرب العالمية الثانية، وقال لـ(الصيحة) الدبلوماسية السائدة اليوم هي التي لها علاقة بالشعوب ولا تنفصل عنها، وبالتالي لا مجال للحديث عن مخالفة للمعايير الدبلوماسية او الدولية، وقال للاسف على مدى الـ(30) عاما الماضية غابت عن السودان الدبلوماسية الجديدة، لجهة ان الدولة كانت محاصرة وخارجة عن اطار الدبلوماسية الجديدة الدولية، وهناك مشاكل في التعاون الدولي. واضاف: الآن يجب ان نتعلم كيف نطور وسائلنا، وراى أن خلاصة الكلام اذا قامت الحكومة بأي إجراء يمس بالإجراءات الدولية سيخسر السودان بالتأكيد والبلاد ستدفع الثمن, مشيراً الى أن السودان حالياً في مرحلة تعلم اكثر منه مرحلة تقييم وندية, ولذلك ينظر للاعراف الدبلوماسية بمعايير المحلي التي لا ترتقي للمعايير الدولية. وختم قائلاً: بالتالي اما ان نختار التوجه إلى الأمام ونكون جزءاً من المجتمع الدولي الإنساني أو أن نرجع مرة ثانية للوراء في العمل الدبلوماسي والإعلامي الاقتصادي.