الخرطوم: الطيب محمد خير 27يناير2022م
وافق المجلس السيادي على طلب رئيس البعثة السياسية للأمم المتحدة لدعم الانتقال فولكر بيرتس بإمهاله (4) أسابيع لإكمال المشاورات وتجهيز مبادرته بصورتها النهائية، للخروج بصيغة موحدة تختصر المسافات، وتزيل الجفوة بين المدنيين والعسكريين، وتحقق المطلوب بتأمين ما تبقى من الفترة الانتقالية، لكن السؤال الذي يطرح بقوة هل مُهلة الأسبوعين التي حددها فولكر كسقف زمني لمبادرته تكفيه لإنجاز مهمته التي تبد شاقة ليس في جمع الفرقاء العسكريين والمدنيين في قاعة واحدة وإعادة تشكيل حكومة انتقالية مدنية متوافق عليها، التي تشكل اساس مبادرته، لكن الصعوبة تكمن في نجاحه في ملء وردم فراغات التباعُد الظاهرة للعيان بين صفوف القوى الفاعلة في الشارع وهي تجمُّع المهنيين، وقوى الحرية والتغيير والحزب الشيوعي، ولجان المقاومة، اذ تمثل الاخيرة الحصان الرابح في الراهن لجهة أنها تنظم الاحتجاجات.
التوافق والثقة
رغم انّ هذه القوى السياسية والمجتمعية الفاعلة في الشارع متفقة على مواصلة الاحتجاجات، إلا ان التوافق والثقة ينعدمان لديها لتشكيل رؤية قائمة على ميثاق أو إعلان سياسي موحد يجمع بينها لادارة المرحلة المقبلة، رغم الحديث الدائر باستمرار ولا يكاد ينقطع بصورة يومية عن إعلان مبادرة أو طرح ميثاق من قبل القوى السياسية والنقابية والمدنية للتوافق بين قوى الثورة رغم كثرة هذه المواثيق، إلا أنها ظلت محنطة لا تبارح مرحلة الإعلان عنها في انتظار موافقة تنسيقيات لجان المقاومة التي أصبحت أقوى عناصر قوى الثورة تحكماً في إعادة رسم صورة المشهد السياسي في المرحلة الانتقالية، بل النفوذ مستقبلاً ما بعد الانتخابات وهذا ما دفع القوى السياسية وتحديداً المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير للبحث عن مدخل يوصلها لتكوين تحالف يجمعها مع لجان المقاومة حول إعلان سياسي، وبرنامج وخطوات تقود إلى تأسيس سلطة مدنية كاملة لحكم الفترة الانتقالية وما بعدها، لكن يبدو أن الوقت ما زال مبكراً للوصول إلى هذا الاتفاق الذي ما زال في طور النقاش والتشاور حسب ما أكده القيادي بالحرية والتغيير جعفر حسن بأن النقاش بين قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة لا يزال في طور التشاور والحوار للوصول الى جبهة عريضة، وألمح للتقارب بينهما من خلال الأطروحات التي تقدمها لجان المقاومة التي أكد أنها تحوي كثيرا من نقاط التلاقي مع المجلس المركزي.
التحكم في القيادة
رغم ان قوى إعلان الحرية والتغيير ظلت تبذل مساعيها لإعادة الثقة بينها ولجان المقاومة بعد شبه انهيار جدار الثقة بينهما خلال فترة العامين التي حكمت فيهما قوى الحرية والتغيير، وهي تحاول إعادة هذه الثقة بطرحها لدعوتها لتكوين جبهة عريضة من القوى الثورية، وإن تم تأسيس هذه الجبهة تكون قد وفّرت جهداً ووقتاً ثميناً لرئيس البعثة السياسية للأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس في الدفع بمبادرته لتخطي اصبع العقبات التي تواجهها على صعيد لجان المقاومة التي أكثر تمسكاً بشعار اللاءات الأكثر تعقيداً في المشهد السياسي، في وقت لم تبرز فيه لجان المقاومة أي قيادة رأسية.
اتّهام الشيوعي
رغم أن أصابع الاتهام تُشير ناحية الحزب الشيوعي بالتحكم في قيادة لجان المقاومة عن بُعد عبر كوادره رغم انكاره، لكن الاتهام تعززه تهديداته بتحريك الشارع التي اطلقها عقب تولي رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك لمنصبه مباشرةً، وتأكيداً لذلك سارع الحزب الشيوعي على الصفحة الرسمية للحزب بـ(فيس بوك) لنفي هذه الاتهامات وتبرّأ من أية علاقة تجمعه بلجان المقاومة، نافيا أن يكون الناطقون باسمها من عضويته، وانه لا يتدخل في نشاط لجان المقاومة ويحترم استقلاليتها وعملها النابع منها في تحريك احتجاجات الشارع التي قال هو جزء منها.
وتأييداً لعدم وجود صلة تنظيمية للحزب الشيوعي بلجان المقاومة وعدم معرفته بقيادة التظاهرات، قال عضو اللجنة المركزية للحزب صدقي كبلو في لقاء بقناة الهلال (البقودوا المظاهرات ما عارفنهم منو، ولينا أسبوعين بنتصل بيهم وما لامين فيهم، لكنه عاد ليقول إن قادة لجان المقاومة سيظهرون طال الوقت أم قصر، وتؤكد الدلائل وسوابق العمل التنظيمي للشيوعي أن بقاء هذه القيادات تعمل تحت الأرض، واحد من الأركان الأساسية لأدبيات العمل السر التي ينتهجها الحزب الشيوعي، لكن الشاهد هنا أنها ستشكِّل أكبر العقبات التي سيواجه فولكر وقد تدفعه صعوبة مهمة للوصول إلى قيادات لجان المقاومة لطلب المزيد من الوقت، ان لم تؤد لانهيار مبادرته بشكل كلي، لجهة ان لجان المقاومة تتمسك بقوة باللاءات الثلاثة التي تعني عملية تغيير جذري في طريقة الانتقال السياسي المعمول بها منذ ثورة اكتوبر ومروراً بأبريل لتجنب الصراعات بين مكونات الانتقال عبر توافق تقوده الكتل السياسية الكبيرة لتقاسم السلطات على أساس التوافق بمفهوم الصفقات السياسية المقترنة بتنازلات مُتبادلة لحلول وسط لقضايا التحول الديمقراطي والمحاسبة، وهو ما حدث في الوثيقة الدستورية وترفضه لجان المُقاومة التي أصبحت المتحكم الأهم في المشهد السياسي كقوى فاعلة في رسم خارطة الفترة بعد انهيار حكومة حمدوك لأسباب تتعلق بالتنافس السياسي واقتسام السلطة والموارد والنفوذ بين مكونات قوى الحرية والتغيير التي واضح انها لا تزال تُعاني من صعوبة التماسك ووحدة الصف وعاجزة عن تجاوز خلافاتها لتصل الى تحالف حقيقي ضمن كتلة سياسية واحدة.
علاقةٌ ظاهرةٌ
وفي ما يلي نفي الحزب الشيوعي لأي علاقة له بالتظاهرات ولجان المقاومة، قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة) إن الحزب الشيوعي مثل الأحزاب لديه مؤسسات سياسية واجتماعية يعمل من خلالها، وتمثل ظله دون رؤيته، وبالتالي من الصعوبة بمكان إثبات علاقة ظاهرة بين الحزب الشيوعي أو غيره وتنظيم هذه التظاهرات.
طريق الحكم الديمقراطي
وأضاف خاطر: أما يلي لجان المقاومة في واجهات لتعبير جماهيري تلقائي تبلور نتيجة التعسف والقهر الذي واجهه الشباب طوال حكم الإنقاذ، ولجان المقاومة استفادت كثيرا من ثورة الاتصالات والتواصل في تنظيم نفسها، أما الحديث عن أن لجان المقاومة غير معلومة القيادة، فهذا أمر طبيعي تكون غير موجودة بقياداتها في الإعلام لأنها ليست تنظيما سياسيا ولا منظمة مجتمع مدني، لكنها تداعيات شبابية وهي المستقبل، والآن حددت لجان المقاومة بأن يصبح السودان دولة مدنية ويذهب في طريق الحكم الديمقراطي عبر لا مركزية فدرالية، وسيادة حكم القانون.