استطلاع: مَعَزَة حقار 26يناير2022
لم تعد الأخبار التي تنشرها الصحف السودانية، عن “ضبطيات” نفّذتها شرطة مكافحة المخدرات، تجذب إليها القراء، فقد باتت أخبار تفكيك شبكات المخدرات مكررة، بحيث لا يكاد يمر يومٌ دون أن تزين صفحات الصحف، الأمر الذي يُثير قلق المهتمين، ومن واقع عدد الضبطيات فإن ظاهرة الإتجار والتعاطي وسط الشباب أضحت مُتمدّدة وليس من المصلحة غمض العين عنها، لأنّ تفكيك هذه الأعداد الكبير من الشبكات يكشف الارتفاع المُضطرد في أعداد المدمنين، فضلاً عن الضالعين في المُتاجرة بها، خاصّةً في صُفُوف الفئات العُمرية الشابة، وهناك من يرى مؤشرات عديدة تدل على أن الأمر وراءه جهة ما لا تريد لشباب السودان ولا لمُستقبله خيراً.
مُعدّلات البَطَالَة
تُشكِّل فئة الشباب، الضحية الأولى للوقوع في فخ الإدمان، وبعض الدراسات المحلية أرجعت تفشي تعاطي المخدرات وسط الشباب الى المشاكل والأزمات التي تمر بها البلاد وارتفاع مُعدّلات البَطَالَة بين الشباب والتفكك الأسري ورفاق السُّوء والتعليم السالب والتجريب والمُحاولة لإثبات الشخصية والبُعد عن الدين، كل هذه الأسباب ساهمت في تفشي الظاهرة، فأين الحلول؟
مؤشرات مقلقة
ولدى الحديث عن عوامل تفشي هذه الآفة وسط الشباب، يقول احد منسوبي شرطة مكافحة المخدرات واسمه علاء الدين عماد الدين لـ”الصيحة”: ظاهرة انتشار تعاطي وتجارة المخدرات وسط الشباب، تعود لجملة أسباب مركبة ومتداخلة؛ أهمها البَطَالَة والفقر وانسداد الآفاق أمام فئة الشباب، وهي مخاطر خطيرة جداً على الشباب والأجيال الصاعدة ولا بد من تضافُر الجُهُود بين الجهات المختصة للمكافحة وكافة منظمات المجتمع للحد من ظاهرة انتشار المخدرات بين الشباب والتبليغ الفوري عن كل من يُساعد في نشرها بين الشباب، ولا بد من وضع استراتيجيات لمُحاربتها ودرء مخاطرها، ويجب التركيز على الشباب في أي عملية لمحاربة التعاطي، لأن هذه واحدة من المداخل الصحيحة لمعالجة الظاهرة، باعتبار أن أكثر ضحايا الإدمان من شريحة الشباب.
شعورٌ بالضياع
ويقول الشاب أحمد صابر: إن المخدرات تدمر العقول وتؤدي لهلاك الجسد، ولا بد لنا نحن كشباب واعٍ أن نبتعد عنها وعن أصدقاء السُّوء الذين يتعاطونها، فالصديق السيئ يجبرك على السوء بقصد أو بغير قصد، وأنا كشاب لا أفكر ابدا في تعاطي المخدرات ولا اقدم على تجربتها ابدا في حياتي وهذه قناعة مني بذلك، وأنا أعرف ضررها واسأل الله عز وجل أن يهدي جميع الشباب، ويضيف: في هذه الظروف الحالية يعيش الشباب حالة من الشعور بالضياع، وانعدام طعم للحياة لذلك ينجرف الضعيف منهم الى جهة المخدرات.
الحياة جميلة لا تستحق أن نُدمِّرها
من جهته، يقول المواطن مناع عبد الرحمن: أنا شاب متزوج ولديّ أسرة وأطفال، وأرى ان الحياة جميلة لا تستحق أنا نُدمِّرها بالتعاطي رغم صعوبة وقساوة المعيشة، إلا أن هذا لا يجبرني على تعاطي المخدرات لأنها لن تحد من مشاكل الحياة، بل تزيدها صعوبة والوقوع في شرك الخمور، ونحن نعلم أن الخمر في المقام الأول حرام لأنها تُذهب العقل والمال، لهذا علينا التحلي بالصبر على مصاعب الحياة، وبالعزيمة والإصرار نستطيع أن نحقق المستحيل، ويجب علينا كشباب أن نفهم جيداً أن الله دائماً مع الحق طالما نسير على الطريق الصواب.
السُّم القاتل
أما عبد الرحمن حسن، يتحدث عن “الترامادول”: ويقول إنه الأكثر انتشاراً بين الشباب وهو ما يُعرف بالسُّم القاتل، فقد لاقى هذا المخدر إقبالا مفرطا من قبل الشباب بصورة مخيفة وزاد الإقبال عليه بغرض الإدمان والتخلص من اعباء المعيشة ونتيجة للعطالة والضغوط النفسية، وكلنا نعرف ان “الترامادول” تحوّل من دواء مُسكِّن للآلام الشديدة إلى خرشة إدمان.
جامعات لا تُبالي
الى ذلك، يقول الطالب الجامعي عزو بريمة: قد تفشت ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة وتدخين الحشيش بين طلاب الجامعات، ونحن نرى ونلاحظ عدم المبالاة من إدارات الجامعات في تفشي تلك الظاهرة، ونرى أيضاً تفشي ظاهرة التعاطي في المدن الحضرية اكثر من الأرياف، فهل هذه حضارة أم أنّ هنالك ايادٍ خفية وراء تدمير عقول الشباب الواعي والمُتحضِّر لتفكيك النسيج الاجتماعي والثقافي وهدم القيم والمبادئ الأخلاقية؟! لأنّ مُعظم الجرائم يرتكبها المدمنون، لهذا نؤكد ان مكافحة المخدرات عملية تضامنية بين فئات المجتمع كافة، بجانب الجهات الحكومية المعنية، ما يتطلب توعية متكاملة، ولا بد للجنة القومية لمكافحة المخدرات من دق ناقوس الخطر.