في سوق الأحذية الجلدية.. الدبيب (يغدر) بالقِرِنتي والنمر.. حاج عبد الرحيم: الحكومة كسرت الصناعات المحلية وفتحت الباب أمام الاستيراد!!
الخرطوم: سراج الدين مصطفى 26يناير2022م
على مَرّ العصور كانت المنتجات التي تخرج من ثنايا الفلكلور أو تلك التي تشير إليه بطريقة أو بأخرى تجد حظها مضاعفاً من اهتمام الناس على اختلاف سحناتهم، وعلى تباين انتماءاتهم وفي هذا فإن هناك الكثير من المهن التي درج بعض الناس على امتهانها من وحي البيئة التي يقطنون فيها او من ارتباطهم الوثير بالمنتجات البلدية يعشقها هواة الركون إلى خيار التاريخ العريق, وكمثال لذلك نجد أن مهنة صناعة الاحذية الجلدية تلاقي شيوعاً كبيراً وقبولاً متعاظما يجعل الكثير من هواة رسم الدهشة واتقان الإبداع يلجأون إلى امتهانها ويحرصون على الاستمرار فيها.
وبرغم قلة العوائد حالياً مقارنة مع عوائدها في الفترات السابقة, خصوصاً في حالة الانفتاح الكبير الذي يشهده سوق الأحذية، الأمر الذي جعل افخم منتوجات الاحذية العالمية تتراص في فترينات العرض بأسعار تبدو معقولة وفي مقدور الجميع. جلسنا إلى الحاج عبد الرحيم الطيب الذي يعتبر من اشهر صانعي الأحذية بمختلف أنواعها والمنتجات الجلدية بصورة عامة في الخرطوم، فأخبرنا انه جاء إلى العاصمة منذ عام 1959، وبدأ عاملاً صغيراً حتى تعلّم صنع الأحذية الجلدية مثل المركوب الذي أصبح أحد أشهر صانعيه في السودان، وبعد أن كان “نُقلتي صغير” أصبح الآن خبيراً في هذا المجال، تعالوا لنعرف بعض خفايا حرفة صناعة الأحذية والملبوسات الجلدية:
يا حاج عبد الرحيم كيف وصلت لهذه المهنة؟
أنا حضرت للخرطوم صغيراً وكنت بفرش خردوات وأقمشة في المنطقة التي تقع فيها كافتيريا النافورة الآن.. كان معي مجموعة من الحلب، عملنا مع سيد داؤود المراش وشربت الصنعة من الحلب وأصبحت الآن من أمهر صانعي الأحذية الجلدية في السودان.
بتصنع شنو الآن؟
بصنع ليك أي حاجة يمكن ان تتشكّل من الجلد.. المركوب والشنطة والجزمة والأحذية المختلفة والوشاحات المُختلفة وكذلك (جراب المسدس).
ما الفرق عندكم بين زمان والآن؟
زمان الحياة كانت بسيطة .. كنا بنفرش عشرة جوالات مراكيب وبنبيعها كلها في اليوم نفسه، الآن نحن ما قادرين على مصاريف اليوم.
السبب شنو؟
“السبب إنو الحكومة كسّرت الصناعات المحلية وفتحت الباب أمام الاستيراد” وأصبحت البضاعة التي تأتي من الخارج اكثر وفرة وبتكلفة أقل من البضاعة المحلية في بعض الأحيان.
يا حاج، “يمكن الشباب الموجود الآن لا يرى في صناعتكم ما هو جميل عشان كده اتجهوا للأحذية الإيطالية والأجنبية”؟
السودانيون ما عندهم قضية بالموضة هم فقط عندهم قضية مع السلعة التي تكون ذات تكلفة أقل.. يعني الناس هنا بتحب الحاجة الرخيصة.
طبيعة منتجاتكم توحي أن أغلب زبائنكم من الأجانب، ما مدى صحة هذا القول؟
نحن محلاتنا كلها شمس وطين والأجانب لا يمكن أن يأتوا إلى هنا في الشمس والغبار.. لابد أن تكون لدينا مكاتب ومحلات ومواقع جميلة وواضحة نعرض فيها بضاعتنا حتى يأتوا الينا ويشتروا منتجاتنا.. “ما في خواجة بحضر لينا في السخانة والطين دا”.
ما هي اغلى أنواع الأحذية؟
مركوب النمر هو أغلى الأحذية الجلدية لأنه يُصنع من جلد النمر بألوانه وفروته الجميلة وهو أنواع، وهنالك نوع نبيعه بـ100 ألف جنيه، ونوع آخر 15 ألف جنيه والكلام بالعملة الحالية. وبصورة عامة كان مركوب النمر هو سيد الكلمة الأخيرة، لكن الآن فإن الأغلى من مركوب النمر هو مركوب الدبيب والأصَلَة في الوقت الحالي.
من هم أشهر زبائنكم الذين يُشَكِّلون حضوراً دائماً؟
يتردد على المحل كثير من الزبائن، واذكر ان عميد الفن المرحوم أحمد المصطفى كان زبوناً دائماً للمحل، وتقريباً كل المشاهير يأتوا هنا وخصوصاً “فناني اليومين ديل عشان بحبو القَشرَة واللبس البلدي شديد”.
عُمر المركوب الافتراضي مفروض يكون كم سنة؟
المركوب ما عنده عُمر مُعيّن ممكن يعيش خمسة أعوام وممكن ينتهي في شهر حسب (الرجل) البتلبس المركوب.. (في ناس كراع برّه وكراع جوّه).
هل أنتم راضون عن واقع السوق الآن؟
نحن بضاعتنا ما فيها كلام.. “مرّة فى زبون اشترى مني حذاء وسافر أمريكا وبعد فترة رسّل ليهو واحد من هناك عشان يشتري ليهو حذاء تاني مني وعرفت فيما بعد أنه قام بإهدائه إلى أحد الأمريكان فتسبّب في زعل باقي أصدقائه الأمريكان، عشان كدا اشترى كمية ليرضيهم”.. والمغتربون الآن، “أي مغترب يسافر بشيل معاه مركوب وأصحابه من أهل البلد بوصوه وبقولوا ليهو جيب لينا أحذية جلدية من السودان”.
المادة الخام بتحضِّروها من وين؟
“السودان بطبيعته فيه تعدد في المناخ والبيئة، عشان كده بتكون فيه موارد مختلفة، لكن المادة الخام والجلود التي نستعملها أغلبها يأتي من الجنوب”.