25يناير2022م
والجمال نسبي..
ونسبيته هذه تشتبك مع معطى آخر متعلق به هو الذاتية والموضوعية..
بمعنى هل يكمن جماله في ذاته؟..
أم يستمده من الآخر؟…من الراصد؟..
وهل الراصدون هؤلاء يتفقون على تذوقٍ له بعينه؟..
أم كلٌّ منهم قد يكون له إحساسه الخاص به؟….ونظرته الخاصة له؟..
فما هو جميلٌ عندك قد يكون قبيحاً لدى غيرك؟..
والشيء ذاته ينطبق على كلمتنا اليوم…أو على ما نراه فيها من وجه جمال..
أو على جماليات السياسة عموماً..
فما يبدو منيراً كما البدر لدى البعض قد يراه آخرون الجانب المظلم منه..
إذن فهنا أيضاً تجلٍّ من تجليات النسبية..
ولكن الأكثر جمالاً ألا يؤدي مثل هذا الاختلاف إلى ما هو نقيضٌ للجمال..
إلى بعض الذي نراه في راهن مشهدنا الآن..
وعرمان أعجبني منه شيءٌ جميل قبل أيام…امتدادٌ لجوانب جمالٍ أخرى..
وذلك منذ محاوراتي له – ومعه – لأكثر من عشرين عاماً..
بعضها هاتفي عندما كان بعيداً عن أرض الوطن..
وبعضها كفاحاً حين لبث فينا من عمر حياته السياسية – والنضالية – سنينا..
وأحد أوجه هذا الجمال ما قاله السبت الماضي..
قال إنه لا يمانع من الجلوس إلى البرهان نفسه متى ما طلب منه ذلك..
يجلس معه من أجل الوطن…لا المناصب..
فهو – بخلاف كثيرين غيره ممن سطوا على الثورة – زاهدٌ في الكراسي..
ومن ثم في امتيازاتها…ونثرياتها…ومخصصاتها..
بل لم أُفاجأ حين علمت أنه تنازل عنها طوال فترة شغله وظيفته الأخيرة..
وظيفة مستشار سياسي لحمدوك..
ومن لا تهمه مزايا المناصب لا يهمه إن أتت به صنايدق الاقتراع أم بغيره..
إن حكم هو أم حكم غيره..
شريطة أن يحكم غيره هذا وفقاً لمطلوبات ديمقراطية حقيقية لا لبس فيها..
وهنا فياسر عرمان جميل…جميلٌ جداً..
فالخلاف من أجل الخلاف – أو من أجل المناصب – هو منتهى القبح السياسي..
ثم هنالك جمالٌ من تلقاء لجان مقاومة ود مدني..
فقد وضعت تصوراً لحل سياسي شامل خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية..
فالمهم المضي خطوة إلى الأمام..
بغض النظر عما إن كان هذا التصور قاصراً….أم كاملاً….أم معيبا..
وتبقى الانتخابات هي الغاية..
ومن تفرزه صناديقها فائزاً يتسلم السلطة…لا بطريقة اللاءات الثلاث هذه..
لا تفاوض…لا شراكة…لا شرعية..
طيب ما هو المطلوب في الحالة هذه؟…أن يتم تسليم السلطة وخلاص..
تسليمها لمن؟….لا إجابة منطقية طبعاً..
فهم متشاكسون ؛ كحال تشاكسهم حين كانوا يتربعون على الكراسي غصبا..
ثم إقصائيون ؛ فكل من ليس معهم فهو ضدهم..
ثم شموليون ؛ أباحوا لأنفسهم كل الذي كانوا يعيبون نظام الإنقاذ عليه..
أوقفوا صحفاً…واعتقلوا صحافيين…وضيقوا الحريات..
ثم هاجموا أيما صيحة تجمعية يحسبونها عليهم ولو كان تجمعاً دينيياً..
فهذه فرصتهم الوحيدة ليحكموا..
ويعلمون – علم يقين – ألا بارقة أمل لهم ليحكموا عبر صناديق الاقتراع..
ونعم ؛ الحال بعد قرارات (25) أكتوبر لا يسر..
ولكنه قطعاً أفضل مليون مرة مما كان – من قِبل هؤلاء – وما سيكون..
وبالمناسبة ؛ تاريخنا يعيد نفسه في هذه الجزئية..
فقعب ثورة أكتوبر أرادوها فترة انتقالية لا نهاية لها ؛ وهم فيها الحاكمون..
وعندما أٌجريت انتخابات فضحت حجمهم..
وكذلك الأمر – بحذافيره – بعد ثورة أبريل ؛ فأحجامهم في حلاقيمهم..
هم أصحاب حلاقيم ضخمة…ثم لا شيء..
فشكراً جميلاً الجميل عرمان..
وشكراً جميلاً لجان مقاومة ود مدني الجميلة…رفيقة حنتوب الجميلة..
ونتمنى أن ينداح مثل هذا الجمال..
لنعبر…ونمضي…وننتصر…ونقول بعد طول معاناة عبثية لا لزوم لها:
جميلٌ جداً !!.