في تقديري الخاص كمتابع للحركة الفنية أنّ الدكتور الفنان إبراهيم عبد الحليم يعتبر واحدا من التجارب الفنية النادرة التي تحمل قيماً جديدة وغير مطروقة.. واعتبره سفارة سودانية جائلة في القارة الأوروبية .. فهو يمثل ملمحاً سودانياً أصيلاً في تلك الأصقاع الباردة والبعيدة وهو تجربة غنائية تستحق الوقفة والتأمل والتفكر في كل أبعادها الغنائية والأيديولوجية والإنسانية.. (الحوش الوسيع) حاورت الدكتور الفنان ابراهيم عبد الحليم وتوقفنا بعمق في تجربة المرثية التي لحّنها وقدمها في ذكرى رحيل محمود عبد العزيز ووجدت ذيوعاً كبيراً في أوساط معجبيه.
كيف كنت تنظر لتجربة محمود عبد العزيز؟
اولاً أترحم على الراحل المقيم الفنان النادر محمود عبد العزيز وأعزي أسرته الكريمة كما أعزي في كل من فقدناهم من قبيلة الفنانين.وحقيقة لظروف الاغتراب عن الوطن لم أكن من المحتكين بتجربة الفنان الراحل عبد العزيز، وكانت علاقتي به عبر بعض انتاجه لشرائط الكاسيت آنذاك وأذكر أنني ما زلت معجبا جداً بشريطي “سكت الرباب والحجل بالرجل”.
إلى أى مدىً تتفق مع مقولة (سمح الغنا في خشم محمود)؟
الراحل محمود كان أكيد فلتة نادرة وتربع لسنين طويلة على عرش الأغنية الشبابية بحكم صوته الفريد من نوعه وتنوُّع ادائه وغنائه، أضف لذلك خبرة وحنكة في التطريب، وكذلك كرم الكثير من رواد الفن السوداني وكان شديد الانتاج وشديد التواضع فأحبه الناس. وفُجعوا برحيله المؤسف.
برأيك لماذا تعلق الناس وكل الشباب تقريباً بغنائية محمود؟
يا ريتني لو املك اجابة قاطعة لهذا السؤال.. اعتقد هذا الفتى الأسمر ود البلد ذو التواضع الجم ومن حي خرطومي عريق هو حي المزاد الذي امن برسالته التي بدأت من برنامج جنة الاطفال وانطلق يغني أغنيات مسموعة، ثم أغنيات خاصة رددها معه جمهوره بعشق وجنون، استطاع ان يسحر الناس باستايله ونظر اليه الكثيرون من الشباب بمنظار من الدهشة واتخذوه كقدوة ومثالاً.
هل أضاف شيئا جديداً من حيث الاداء والتطريب؟
نعم. وإلا لما تربع كل هذه الفترة الطويلة على عرش الأغنية الشبابية. وأنا استمعت له وهو يقول إنه تأثّر بمدرسة الأستاذ الهادي حامد ود الجبل ومن ثم انطلق منها ليشق طريقه ومدرسته الغنائية التي تركها لنا.. انظر كم من فنان يقلد محمود ومتأثر باستايله.
انت كمغن وموسيقي كيف تصنف صوت محمود عبد العزيز؟
صوت محمود باريتوني مائل للغلظة به جرس ساحر. هو صوت قوي جدا وضخم. محمود كان يتمرن اليوم كله، بيصحى غناء وينام وهو يغني. هذا صقل صوته وأعطاه براعة وخبرة وحنكة ودراية مهولة.
كيف تلقيت نبأ رحيله؟
كما قلت لك صادقا أنا لم اكن داخل البيت الحواتي ولم أكن حواتياً. علاقتي بفن محمود غير مباشرة في بعض ما يقدم من قنوات كبرنامج مع محمود بقناة الشروق تابعته عدة مرات فأدهشني بتواضع وروح وفائه لزملائه الفنانين وتكريمه للرواد منهم. عند رحيله اذهلني هذا الرحيل المفاجئ اياما وكان الحوت مافي.. أكثر ما لفت انتباهي هو هذا الجمهور المفجوع المصدوم. هذا الجمهور المحب صحى ما بين ليلة واخرى ليجد ان حلمه وامله الكبير تبخر ودفن مع الاسطورة الحوت محمود عبد العزيز.. هذا الجمهور الضخم وهو يضع يده على رأسه محتارا ماذا يفعل، لم يجد من يواسيه فآلمني المنظر يا سراج جداً، وده كان السبب الحقيقي الخلاني اسعى لإنجاز هذه المرثية ملحمة حواتة حتى تكون سلوى وتعزية لجمهور الحواتة والراحل محمود عبد العزيز.
هل برأيك أحدث فراغاً يصعب سده؟
نعم يا سراج.. المتابع للساحة الفنية حالياً يجيب بالإيجاب. مصداقية محمود وايمانه بفنه واحترامه الكبير وتواضعه الشديد لجمهوره اكسبه ثقة الناس فيه.. وهو كان اهلا لهذه الثقة، كل مازاد الناس في حبه زاد هو في وفائه واحترامه.. انظر لعلامة الحواتة اليست هي ذاتها وفاء بحالها. “محمود كان بيجلس في الواطة وتواضع مع جمهوره”.