الخرطوم- الصيحة
بات واضحاً للمراقبين للوضع الانتقالي في السودان، أن تداعيات الصراع الداخلي في البلاد اتخذت صدىًّ دولياً يعمل على تأسيس رؤى ومصالح جهات دولية، عبر الدبلوماسية أو منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي جعل فئات وأعداد كبيرة من الشعب السوداني تنظر له على أنه فرض للوصاية.
ويقول الخبراء والمحللين، إن المتغيرات الداخلية في كثير من الدول، لم تعد بعيدة بأي حال من الأحوال عن مصالح الدول الكبرى وأطماعها الاقتصادية والسياسية والأمنية، بل أصبحت هي المحرك الفاعل لكل أشكال الاتجاهات والصراعات السياسية والأمنية للمكونات الهشة في دول العالم الثالث.
وقد ارتفعت الأصوات المنادية بمنع التدخل الخارجي في الشأن الداخلي السوداني ومطالبة بضرورة إفساح المجال للسودانيين لإدارة وتسوية خلافاتهم بأنفسهم بدلاً عن صب الزيت على النار من قبل السفيرين البريطاني والنرويجي بالخرطوم اللذين ظلا يشكلان تهديداً مستمراً لوحدة الشعب السوداني.
ويرى السودانيون أن ما تقوم به سفارات بريطانيا والنرويج وأمريكا في السودان، تدخل غير حميد، وبأنهم يتحدثون فقط عن الواقع الراهن بشكلٍ غير مرضٍ، وفي الحقيقة أنهم لم يفعلوا شيئاً لصالح الشعب السوداني وإنما فقط يقومون بتأجيج الأوضاع.
وقال المحلل السياسي د. محمود تيراب، إن الشعب السوداني يمر بلحظة صحوة ضمي، وقد بات ينظر إلى التدخلات الخارجية من قبل بعض السفارات الغربية باعتباره تدخلاً يتطلب وضع حد له، ولهذا فقد انتظم حراك شعبي يرفض سلوك بعض السفراء الغربيين كونه يمهد لوضع بلادهم تحت الانتداب، ويفوت عليهم فرصة حل مُشكلاتهم بأنفسهم، وتشير المعطيات إلى اتساع دائرة الرفض الشعبي وسط السودانيين لتحركات السفير البريطاني والسفير النرويجي، حيث أعلنت جهات عن وقفات احتجاجية أمام هاتين السفارتين لإبلاغ بلدانها بخروج دبلوماسييها عن الأعراف الدبلوماسية.
ونبه تيراب إلى خطورة التدخلات الخارجية وتأثيراتها على الأزمة السودانية وتعقيد فرص الحل.
بينما أشار د. حسين النعيم، إلى أن السودان ظلّ لفترة ليست بالقصيرة تحت الضغط الدولي سياسياً واقتصادياً وأمنياً، لعبت فيه عوامل عديدة تم توظيفها بعناية لمزيد من تعقيد المسألة. كما نوه إلى الاستقطاب والصراع الدولي الكثيف الذي شهدته الساحة السياسية.
ويجمع المراقبون على أن ظهور وجهة نظر سودانية تطالب بمنع التدخلات الأجنبية المضرة بالأمن القومي السوداني، مؤشر جديد يصب في صالح وحدة السودانيين وتعزز من قدرتهم في إدارة شؤونهم.