العسكري والتغيير.. في انتظار خارطة الطريق
تقرير: صلاح مختار
قَادَ التّبايُن في وجهات النظر بين المجلس العسكري من جهةٍ وقُوى الحُرية والتّغيير من جهةٍ ثانيةٍ إلى تَوقُّف عملية التفاوُض بين الطرفين لأكثر من مرّةٍ, وتَرَاجَع معه سقف التّفاؤل في مُقابل صُعُود سُقُوفات الخَوف والقَلق من العَودة إلى المُربّع الأول.
شخصيات قومية وسياسية وأكاديمية مُحايدة قد تدخّلت وطرحت خارطة طريق يبدو كأنّها طريقٌ ثالثٌ لتَجَاوُز الأزمة الحالية، رغم أنّ بعض تلك المُحاولات رَفضت ابتداءً مثل تلك التي نَادَت بتشكيل مَجلس للأمن والدفاع مُوازٍ للسُّلطة السِّياديَّة.
حَل وسط
توقّفت المُفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في نقطة الخلاف حول رئاسة المجلس العسكري ونسب التمثيل بين المَدنيين والعَسكريين، ويَرَى مُراقبون ضرورة وجود حلٍّ وسطٍ يجمع بين الطرفين ويُقرِّب الهوة التي بدأت تتراجع للخُرُوج من الأزمة.
مُقترح مَرفوض
أول لجنة وَسَاطة ضَمّت خمس شخصيّات وطنيّة دفعت بمُقترحات للمجلس العسكري الانتقالي، وقُوى إعلان الحرية والتّغيير لتجاوُز خلافاتهما بشأن تشكيل المجلس السيادي. وتردّد أنّ لجنة الوساطة قدّمت مُقترحاً يشمل مجلساً سيادياً قوامه (7) مدنيين و(3) عسكريين، برئاسة رئيس المجلس العسكري الانتقالي، ونائبين أحدهما عسكري والآخر مدني. وأوضحت المصادر أنّ المجلس السيادي يختص بالسلطات السيادية كما ورد في الإعلان الدستوري، لافتاً إلى أنّ الوساطة اقترحت أيْضَاً مجلساً يُسمّى بالأمن والدِّفاع القَومي من (7) عسكريين و(3) مدنيين بحكم عُضويتهم في مجلس الوزراء، وهم: رئيس الوزراء، ووزيرا المالية والخارجية. وأوصت تلك اللجنة بأن يتبع جهاز الأمن للمجلس الذي يَختص بكل شؤون الدفاع والأمن ويرأسه رئيس المجلس العسكري، بيد أنّ المجلس رفض الوَسَاطَة خَاصّةً ما يتعلّق بتشكيل مجلس للدفاع والأمن.
شاردة وواردة
المُؤتمر الشعبي قدّم مُبادرة أو تَصوُّراً كاملاً بكل تفاصيل الحكم، فيه وثيقة الحُقُوق والحُريات.
وبحسب القيادي بالمؤتمر الشعبي السفير إدريس سليمان قال لـ(الصيحة): لم نترك شاردة ولا واردة إلا قدّمنا فيها تَصوُّراً أو رُؤية في الحَـــل وهي مَشروعٌ شَاملٌ ومُتَكَامِلٌ، إذا أراد الناس فعلاً الخُرُوج بالسُّودان إلى بَـــــــــــرّ الأمان ينبغي الأخذ به.
مُعالجة الخِلاف
وقال سليمان، إنّ المُقترح عالج نقاط الخِلاف في الوَثيقة التي انتهت إليها مُفاوضات المجلس العسكري وقُوى الحرية والتغيير، وأضاف: نحن نريد مجلس سيادة من (7) أعضاء تتّفق عليه القوى السياسية والثورية، وإذا لم تَتّفق القوى السودانية على هذا التشكيل، لن تكون هناك موثوقية لأيِّ مجلس تقيمه مجموعة أو فئة أو شريحة ولن يكون محل إجماع أو اتفاق، بالتالي الأفضل أن يستمر المجلس العسكري الانتقالي، وأكد على مجلس سيادة مدني ولكن اشترطنا في هذه المَسائل التّوافُق السِّياسي والوَطني والتراضي، وبخلاف ذلك سندخل في مشكلة الإقصاء والعزل والشمولية والديكتاتورية.
غاية السُّهولة
ونظر رئيس تجمُّع الوفاق السوداني محمد الحسن الصوفي في حديثه لـ(الصيحة) من زاويةٍ، أنّ المشكلة في غاية السُّهولة باعتبار أنّ نصف رأيك عند أخيك، وقال للخروج من الأزمة، دعا قوى إعلان الحرية والتغيير التّنازُل عن موقفها والنُّزول إلى إخوانهم في القُوى السِّياسيَّة الأخرى التي شَاركت الثورة ولكنها لم تُوقِّع على إعلان الحرية والتّغيير، غير أنه طالب بأن تُمنح رئاسة المجلس السيادي للعسكريين، لجهة أنهم شريكٌ أصيلٌ في الثورة ولا يُمكن أن نظلمهم بل الدفاع عنهم، كما دعا أن تكون النسب في المجلس مُناصفةً بين العسكريين والمدنيين، وطالب بأن تكون الفترة الانتقالية ليست طويلة، وقال انّ مجلس الوزراء يَكُون من المَدنيين عدَا وزارتي الدِّفاع والدَّاخلية، ودعا الصوفي إلى زيادة مَقَاعد المَجلس التّشريعي أو البرلمان لاستيعاب القُوى السِّياسيَّة والدّستوريين بشرط أن لا يكونوا من المُؤتمر الوطني.
مُقترحٌ قانونيٌّ
ودعا الفاضل سليمان المحامي في مُقترح تمّ نشره في وسائل التواصل إلى مجلس سيادة من (3) مدنيين و(4) عساكر، وقال: (أنا أقترح مجلس سيادة من (3) مدنيين و(4) عساكر برئاسة مدنية، على أن تكون الشخصيات المدنية مُستقلة، ويشترط على أعضاء مجلس السيادة عدم التّرشُّح في الانتخابات القَادمة ويكون الـ(4) عساكر ممثلين للقوات النظامية المُختلفة، الجيش، الشرطة، الأمن والدعم السريع)، وأقترح الفاضل إنشاء مجلس تشريعي من (150) عضواً، (50) عضواً تمثيل مهني، (50) عضواً تمثيل جغرافي و(50) عضواً تمثيل أحزاب.
ليس بجديدٍ
ويُشير مصدرٌ فضّل حجب اسمه لـ(الصيحة) إلى أنّ المُقترحات السَّابقة كَانَت قَد أعطت المَجلس السِّيادي سُلطات تنفيذيّة وسياديّة وتشريعيّة، مِمّا قاد إلى مُحاولة مُعالجة الأمر خوفاً من تضارُب الاختصاصات بينه وبين المجلس التشريعي ومجلس الوزراء، وأضاف قائلاً: (ليس هناك جديد، بل تمّت العودة إلى ما قبل الحكومات العسكرية في السودان، أي ما قبل حكومتي الفريق عبود وجعفر نميري بوجود مجلس سيادي تشريفي في البلد).
قطع الطريق
وطبقاً “للجزيرة. نت” يقول الرشيد سعيد الناطق باسم هذه القوى، إنّها كانت فوّضت لجاناً للوساطة. لكن تسرُّب مُقترحها أوحى للمُتابع بأن ثمة شيئاً يُراد به قطع الطريق أمام وثيقة الحُرية والتّغيير التي تُنادي بتسليم السلطة بمجلسها الرئاسي للمدنيين، لكن المصدر ذاته بلجنة الوساطة، قال إنّ التّسابُق حول الكَسب السِّياسي يدفع باتجاهٍ غير سَليمٍ، وقد يقود البلاد إلى ما لا يَتَوَقّعه أحدٌ، مُناشداً في الوقت ذاته قُوى الحُرية والتّغيير باستعادة تماسُكها الذي بدأ يتضعضع.
تَضارُب الاختصاصات
ولأنّ الحديث المُتباين هُنا وهُناك حول مُقترح الوساطة، ذهب أستاذ القانون نبيل أديب بعيداً في تفسيره ذلك المُقترح؛ حيث لم يجد مُبرِّراً لاقتراح مجلس للسيادة وآخر للأمن (خوفاً من تضارُب الاختصاصات). وحسب رأيه، فإنّ مُستويات الحكم تظل ثلاثية من غير زيادة: تشريعية وتنفيذية وسيادية، مِمّا يعني أنّ المُقترح السِّابق يحتاج فعلاً لتوضيحٍ.
مُقترح المُعارضة
وكَانَت قُوى الحرية سلّمت، المجلس العسكري الانتقالي رؤيتها حول المرحلة الانتقالية وشكل الحكم، واقترحت في مُذكّرتها تكوين مجلس رئاسي يضم مُمثلي قوى الثورة الى جانب مندوبين عن المجلس العسكري. ويتحدث المقترح عن تكوين مجلس رئاسي من ممثلي قوى الثورة، مع تمثيل عسكري، وجرى تفصيل مهام هذا المجلس على أن تصدر قراراته بأغلبية الثلثين بحضور كل أعضائه. ورأت قوى الحرية تكوين مجلس الوزراء من كفاءات مشهود لها بالخبرة والنزاهة والوطنية والاستقامة والمهنية، وألا يتجاوز عدد الوزارات (17) تحت قيادة رئيس وزراء ونائبه. وأقترحت أن يقوم مجلس الوزراء بتنفيذ المهام المطروحة أمامه للبرنامج الإسعافي للفترة الانتقاليّة وفق تَصَوُّرات قُوى (إعلان الحُرية والتّغيير)، كما أشارت إلى أن يتم الاتفاق على طريقة تشاوُرية في اختيار مجلس الوزراء مع تحديد وزارتي الدفاع والداخلية للقوات النظامية.
وتضمن مُقترح الحرية تكوين المجلس التشريعي الانتقالي الاتحادي من (120) عضواً بنسبة (40%) على الأقل للنساء، وتُحدّد له ميزانية تُراعي الوضع الاقتصادي في البلاد.