العسكري في انتظار الزلزال
*دائماً يقود شُح المعلومات وغيابها إلى تفريخ الشائعات وشيوعها، وملئها الساحة وتسيّدها، معروف علمياً أن الطبيعة تأبى الفراغ، ومن ثم أي مساحة لا تملأها المعلومات تملأها الشائعات.
*كان الظن أن العهد الجديد الذي دخلناه بثورة، ألا يكون هناك غَبَش في المعلومات ولا تغطِية على الحقائق ولا تمويه لها، وإنما نشرها وإذاعتها، وإتاحتها للناس للتعرّف على الحقائق من حولهم، ولن تُفسّر بحسن نية أي محاولات لإخفاء الحقائق وطمسها.
*من أول يوم قلنا لأهل المجلس العسكري، إن الناس يتشكّكون في من تم توقيفهم، ومن تم حبسهم واعتقالهم، وقُلنا إن على اللجنة الأمنية أن تذيع على الناس بياناً رسمياً بمن جرى توقيفهم، وأكثر من ذلك أن ترتب زيارات حيث محبسهم، حتى يطمئن الناس أن الأمر جد لا يداخله هزل، حتى يوم الناس هذا، ما زلنا في حيرة من أمرنا، ومما عزّز من شكوكنا أن العبّاس الذي قِيل إنه تم توقيفه، ذاع بين الناس أمر هروبه، دون أن تخرج علينا رواية رسمية تشرح لنا الذي أشكل فهمه علينا، والذي أدى إلى تواتر روايات متناقِضة زادت من البلبلة التي تُحيط بنا، وليس لأحد أن يقطع على وجه اليقين، أين يُقيم البشير، أهو في محبسه أم في بيت ضيافته أو في مأمنه؟
*وبينما كانت الرواية الرسمية تقول، إن مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق تحت الإقامة الجبرية، طالعنا تقارير صحفية تكشف أن قوش غادَر البلاد في جولة خارجية، بدأها بمصر مروراً بالولايات المتحدة الأمريكية وانتهاء بـ (أبوظبي)، وأنه في كل تلك المحطات أجرى محادثات، ولم يتسن لنا أن نعرف ما إذا كانت محادثات أجراها بصفة شخصية، أم بصفة رسمية، ثم من بعد ذلك اعترضت قوة مسلحة قيل إنها تحرسه، النيابة التي كانت بصدد التحقيق معه، وأرجعتها على عقبيها، وبدا المسلسل (هندياً)، إذا كان (قوش) خارج البلاد، فمن تحرس هذه القوة، وهل الأمر كله من باب التمويه، تروج هكذا رائجات، دون أن يجد المجلس العسكري في هذا، ما يستوجب إصدار توضيحات، أو تقديم تفسيرات، ليترك الناس في لُجّة هذه الروايات، وفي عَتَمة هذه التخريجات.
*ثم يروج أن المجلس العسكري قد أخطر المنظمات أنه بصدد إجراء انتخابات مُبكّرة، وأن قوى الحرية والتغيير إن لم تعدل عن موقفها ولم تتراجع عن وجهة نظرها، فإن الخيار أمامه أن يمضي إلى هكذا وجهة، وسط هذا كله، لا تخرج علينا جهة رسمية لتُبيّن لنا، ما هو مستقبل المفاوضات، وهل ثمة وساطات، أم ثمة مقترحات، بل تلوذ كل الجهات بصمتها، ولا تقدّم تفسيراً لإمساكها عن الحديث وصيامها.
*وإذا كان مفهوماً استقالة ثلاثة من أعضاء المجلس العسكري من قبل، بسبب أن قوى الحرية والتغيير قد طعنت في مواقفهم وفي حياديّتهم، لكن لم نفهم لماذا استقال الفريق أول مصطفى محمد المصطفى عضو المجلس العسكري رئيس اللجنة الأمنية والدفاع، ولعل الذي يُبيّن أهمية موقعه أنه جرى تعيين بديل له على وجه السرعة، لا أحد يُقدّم تفسيرًا للذي جرى، مع أن هذا يؤشّر إلى خلخلة ضربت بُنيان المجلس العسكري.
نريد أن نفهم ما الزلزال الذي ينتظره المجلس العسكري، حتى يخرج ببيان علينا؟.