(1)
ـ لماذا يقدم السر قدور في برنامجه الرائع أغاني وأغاني أغنيات من الأمس القريب لشعراء أقل قامة من الراحل محمد يوسف موسى وكجراي وعمر الدوش.. ليت قدور أسمعنا يوماً صوت المساء بصوت هدى عربي وجمال فرفور وأعاد لنا ألق سيد خليفة وهو يشدو:
يا صوتها لما سرى عبر الأثير معطرا
وتدفقت كلماتها دفئاً ندياً أخضرا
عبقاً يضوع براءة وشذى يفوح تخفرا
يا صوتها لما أتى سكراً ولا كأساً ترى
إنها كلمات من ذهب رددتها حنجرة سيد خليفة الذي وصفه الراحل عبد المنعم قطبي بأنه طبعة أخيرة من كتاب الفن نفدت من الأسواق، ولم يتبق منها إلا صدى الصوت.. وأغاني وأغاني مساحة لرد الجميل لمطربين رحلوا من دنيانا وتركوا إرثاً خالداً في المكتبة، ترديد وغناء الشباب لهذا الموروث الفني يعتبر تكريماً لهم وتذكيراً بفضلهم.. ولكن البرنامج في حلقات رمضان الحالي قدم وجوهاً لا تستحق الإطلالة من خلاله، وقد فجع المشاهدون في تقديم شاب يدعى (بوتو) وآخر يدعى مزمل كلاهما جاءت بهما العلاقات الخاصة.. ولولا وجود ياسر تمتام وهدى عربي في بعض الحلقات لفقد البرنامج الجماهيري الأول أراضيه.. ولكن شخصية السر قدور التي تجمع عدة شخصيات ممثلاً وشاعراً وصحافياً ومقدم برامج لأنصرف الناس عن (الأغاني والأغاني) وهي تقدم أغنيات لا تجد من يرددها أمام الشاشات!!
(2)
ـ نهار أمس الخميس، والساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً، وفي قلب الخرطوم وشمس مايو قد (شوت) الجلود ورمضان (دخل العظم) وجدته في الشارع يمشي في كبرياء (الرجال الرجال).. بجلبابه الأبيض وعمامته التي تشبه عمامة الراحل ود الجبل.. وشاربه الكثيف إنه الناظر عيسى الهادي دبكة.. ناظر عموم قبيلة البني هلبة في السودان.. المد الثوري والجهادي للإرث الأنصاري القديم.. وبدت على الرجل علامات الحزن على الوطن والخوف من تصدعه وتشتيت شمله وذهاب ريحه في مناخ الانقسامات الحالي والصراعات بين العسكري وشركائهم من قوى الحرية والتغيير.. الناظر تحدث عن مبادرة الإدارة الأهلية لوحدة الصف وتجاوز الخلافات التي نهشت عظم الشراكة قبل أن تبدأ.. وكشف الناظر معلومات عن اللقاءات التي جرت بينهم كزعماء للإدارة الأهلية بدارفور ومكونات الساحة السياسية من حزب الأمة والاتحادي والحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي بكل أجنحته العديدة.. واقترب زعماء الإدارة من انتزاع اتفاق وشيك بين العسكر وشركائهم من قوى الحرية والتغيير.. مبادرة زعماء الإدارة الأهلية تختلف في بنودها ومقاصدها عن بقية المبادرات التي طرحها بعض المخلصين.. وجوهر الاختلاف في أنها حفظت للمجلس العسكري دوره في التغيير ومسؤوليته في استدامة الأمن والاستقرار وتركت للحرية والتغيير مجلس الوزراء بأجمعه لكنها تحفظت على نسبة الـ 67% من أعضاء البرلمان (المعين)..
الناظر دبكة الذي تقدم والده الكبير بتثنية مقترح الاستقلال من داخل البرلمان قال ضاحكاً وساخراً إذا رفض السياسيون من قوى الحرية والتغيير نحن في الإدارة الأهلية بدارفور لدينا السلطة على ابننا محمد حمدان دقلو ومستعدون لمطالبته بحزم حقائب السفر و”ضرب صفارة” لجمع قواته ومغادرة الخرطوم، ونحن معه لنعود لدارفور ونترك الخرطوم وشأنها “عشان الجماعة يعرفو حاجة”.. ضحك الناظر بطريقته الساخرة ووعد بزيارة الأسرة قبل مغادرة الخرطوم في الأيام القادمة.. لكن قلت له إذا خرج حميدتي من الخرطوم “كيكي بتخبر كاكا”.. وهو مثل لأهلنا البقارة ليت البرفويسور أبو القاسم قور حامد الأستاذ بجامعة الخرطوم شرحه من خلال مقال في هذه الصحيفة الأيام القادمات..
(3)
ـ قرار صائب وواقعي أصدره المجلس العسكري بعودة الاتحادات المهنية والنقابات العمالية بعد تجميدها بعد الثورة!! وحيثيات قرار فك التجميد اقتضته مصلحة البلاد العليا لوجود كبير لقادة النقابات في الاتحادات الدولية والإقليمية مثل اتحاد الصحافيين الأفارقة والدولي والاتحاد الدولي للنقابات العمالية.. واتحاد المحامين العرب والأفارقة.. وأصاب القرار نقابات الظل السياسية “اتحاد المهنيين” بدوار البحر ووجع الرأس بعد أن حدثت نفسها الأمارة بالسياسة والانتقام على القفز على مقاعد الهيئات النقابية على وقع طبول الثورة والتغيير وأدرك المجلس العسكري أن الذين انحاز إليهم من نقابات الظل لا جدوى منهم بعد أن “تخندقوا” ضد المجلس العسكري وخططوا للإضراب والعصيان المدني لإسقاط “العسكر”، فنظر وتدبر وقرر إعادة الاتحادات المجمدة في خطوة زلزلت الشارع وأعادت رسم تضاريس الخارطة بالداخل..