محمد عكاشة يكتب : امرأة من وراء محمد وردي!!
22يناير2022م
(وقتها..
قبل خمسة عشر عاماً أخرج من مباني كلية الموسيقى والدراما (عصراً بدري) إلى الكلاكلة.
الميدان الفسيح أمام البيت الكبير له قصة وحكايات يرويها البسطاء والمساكين في شهر رمضان.
كانت تنتظره..
أكبر أولادها وأصيحابه بصينية الغداء ووجهها طلق وثغرها بسام ثم هي تستجيب لأسئلتي عن الذي “ملأ الدنيا وشغل الناس” وهي التي كانت برفقته قريباً من سبعين عاماً ترقبه في (مواسم الشوق الحلو) وفي (الأعياد وفي أحزان عيون الناس) دون ملل.
كان حديثها عنه ببيتها الذي قضيت به أياماً عديدة حديثاً مدهشاً.
تلك الونسة = وهي لا تتحدّث كثيراً = صارت حواراً مصوراً لصحيفة (الصباحية) التي كلفني الأستاذ محجوب عروة أن أكون مديراً لتحريرها برئاسة الصديق الأستاذ نبيل غالي جرس وكان يوصينا أن نجعل منها ساحة للخير والجمال.
ثم…
صورتها = السيدة = وحفيديها التوأم (نهاد ونصار) يتصدرون الصفحة الأولى.
صورة لامرأة كانت عبر السنوات من وراء كل ذلك الجمال في روعة سحر الأسطورة.
الحديث عن وردي يبدأ ولا ينتهي..
الإعلامي علم الدين حامد حزين وقد هاله الفقد العظيم.
يبكي ويجتر الذكريات يوم أن أخذه محمد وردي من بيته ليكون أسبوعاً بحاله في ضيافته بفندق قصر الصداقة ليشهد توقيعاته وهو يستعد لتقديم رائعة عمر الطيب الدوش البديعة.
ولما تغيب عن الميعاد..
بفتش ليها في التاريخ
وبسأل عنها الأجداد..
بسأل عنها المستقبل ال لسه سنينو بعاد..
بفتش ليها في اللوحات
محل الخاطر الما عاد
وفي الأعياد
وفي أحزان عيون الناس
وفي الضل الوقف ما زاد
بناديها…
بناديييها
علم يبكي ويبكي معه جموع الناس ويقول: (نحن لم ندفن محمد وردي بمقابر فاروق وإنما زرعناه بها).
رحل وردي والسيدة ثريا صالح زوجته العظيمة كانت من ورائه امرأة قليلة الكلام كثيرة العمل.. جميلة الصبر.
مع وردي شهدت ميلاد كل اللوحات التي ظل وسيظل الناس في بلدي وفي العالمين يعملون لفك أسرارها ويطربون وينظرون سيرة الرجل وعبقريته.
السيدة ثريا كذلك تحمّلت رجلاً كبيراً في مواقفه.. وفي مشكلاته وعظيم المساهمة في التاريخ الإنساني.
وقفت بكل إباء وشموخ خلف الرجل الذي يعد الفنان في فكره وتجربته (طليعياً) يتقدم شعبه نحو مغاني الحرية ومعانيها وشعابها ولذا لم تكن تجزع والعسس كل حين يتسورون بيته ويرمون به في غيهب السجن وهي لا تبالي.
السيدة ثريا صالح والموسيقار وردي يخرج مغاضباً أول عهد الانقاذ تقعد ببيته ترعاه وترعى تاريخه وولده.
في حوار (الصباحية) أجابت وهي تتحدث عنه:-
(إنهما تربيا في بيت واحد بقرية صواردة.
كان طفلاً مختلفاً عن بقية أطفال القرية.
حالة من السرحان والقوة.
يجيل النظر إلى النيل وهو يجري بالحياة يصحو باكراً ثم يقوم إلى (الربابة) وهو يجيد العزف عليها وهو طفل السنوات السبع).
ثم سؤال حول من هو الأشبه به في طفولته من أولاده؟
سيدة ثريا تجيب على الفور وحفيدها نصار عبد الوهاب محمد وردي يجلس في حجرها.
أجابت بأن حفيده نصار هو الأشبه بوردي في طفولته دون أولاده.
رحل وردي واسمه يلمع في الخافقين ولقد أسمع صوته الدنيا وقال جملته بوضوح وثقة.
كان في كل مراحل حياته أكثر إثارة للجدل سوى أنه يلتزم مواقفه لا يحيد عنها قيد أنملة..
هي تقول ذلك عنه وتعرف أكثر.
السيدة ثريا صالح حسن وردي زوج الراحل الكبير امرأة عظيمة.. وفية.. برة تقية.
لطالما أكرمتني ببيتها وأنا أجلس ليومين أو أكثر كل شهر بصالون وردي بالكلاكلة في مؤانسات بديعة مع صديقي عبد الوهاب وردي.
الصالون الذي شهد إعلان معظم الأعمال الكبيرة للعملاق محمد وردي.
قضيت أياماً وليالٍ ببيت وردي وحاجة ثريا تسرف في الكرم وتسعد بالناس.
أكتب في حضرتها أعزيها عزاء كبيراً لفقدها الجلل.
العزاء يبلغ.. صباح.. عبد الوهاب.. حافظ.. جوليا.. مظفر وكل أهل (صواردة) والذين كنت بينهم قبل أيام من الرحيل.
أعود منهم لأجلس الى محمد وردي.
جلست إليه بحديقة بيته في المعمورة لترتيب زيارته إلى (البلد) ليغني لأهل صواردة في حفل حدد مكانه بالميدان قبالة مدرسة صواردة التي تعلم بها وعلم الناس