19يناير2022م
تشهد بلادنا، أزمة سياسية حادة ومُتفاقمة نتيجةً للخلافات السياسية والأجندات المُتعدِّدة بين شركاء الفترة الانتقالية، ودفع المواطن البسيط الثمن باهظاً في حياته المعيشية وتعليم أبنائه، وتراجع عمُلته الوطنية، والمُتابع لسُوق العُملات الأجنبية يُلاحظ ارتفاعاً تدريجياً يومياً لسعر الدولار في السوق المُوازي ويتّجه نحو (500) جنيه مُقابل الجنيه، ولم يجد المواطن أي خدمات تنموية، ودونكم حال الطرق والمُستشفيات وكافة المرافق الخدمية، وهذا كله كومٌ والأرواح التي تُزهق يومياً كومٌ آخر، حيث فقدت البلاد عدداً مُقدّراً من شبابها وقُوّاتها النظامية والمئات من الثُّوّار جرحى ومُعتقلون، وهذه الأزمة التي دخلت فيها البلاد وعجزت الوساطات الوطنية المحلية في حلها، وكذلك خلافات الفرقاء السودانيين وطموحات القوى السياسية، عقّدت المشهد، وفتحت الباب للتدخُّل، فظهرت مُبادرة فولكر والتي بدورها تُمهِّد للتدخُّل الأممي فهي في آخر المطاف وتصل بنا إلى البند السابع، والبعثة بوضعها الحالي تحتاج إلى حماية لإنفاذ مهامها وذلك سيكون بداية التدخُّل، كما أن الشعب السوداني أصبح لا يثق في القوى السياسية، ويعتقد أن العسكر طامعون للاستمرار في السُّلطة، وأصبحت المُتاجرة بالمواقف هي التجارة الرائجة، وكذلك الانتصار بالشارع، والمُبادرات الخارجية أضحت أملاً وغايةً للبعض، وتعطّلت الدولة الآن بسببها، وفقدت البلاد المستثمرين الأجانب والدعم الدولي والمشاريع التنموية، والحال وصل إلى أن هاجر بعض المواطنين بأسرهم إلى تركيا ومصر بحثاً عن التعليم والأمن والعلاج، وهو أمرٌ في غاية الخُطورة في وطن يفترض أن يُهاجر إليه شعوب العالم نتيجةً لموارده الكثيرة، ولكن ما يحدث الآن العكس.!
مطلوبٌ الآن من الفرقاء التوافق على برنامج حد أدنى للوصول بالفترة الانتقالية إلى الانتخابات والتحوُّل الديمقراطي المنشود.
على كلِّ حال، الشعب يعيش الآن مرحلة اليأس والإحباط، والخُبراء الاستراتيجيون عجزوا عن قراءة ما يحدث غداً، وكثرت المخاوف من انزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية الشاملة والتي سوف يدفع ثمنها الجميع بدون فرز، وأي حرب المُنتصر فيها خسران، فعلينا كشعب سوداني أن نُراقب ما حدث للعالم من حولنا ونستفيد من الدروس وعِبر التاريخ.
كل الذي حَدَثَ ليس ببعيد عنا، وكانت البداية بالتشاكُس والعناد والتشبُّث في المواقع وعدم قبول الآخر، والتوظيف السِّياسي الذي يجب مُحاربته، لأنّ بعض عناصر القوى السِّياسيَّة لا تعرف عملاً أو وظيفة غير التكسُّب السِّياسي والارتزاق من عرق الشّعب السُّوداني، ويَعتقد أنّ السِّياسي في آخر المطاف يجب أن تُوظِّفه الدولة، وهو أمرٌ مُؤسفٌ، وإذا لم تتغيّر هذه العقلية سوف نَظل في هذا المُربّع.!