الخرطوم: نجدة بشارة 19يناير2022م
في ظل تصاعد التوترات الأمنية بالبلاد، واضطراب الأحداث مؤخراً، اتخذ مجلس الأمن والدفاع التابع لرئاسة مجلس السيادة، (6) قرارات في اجتماعه الطارئ، والذي ترأسه رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، ناقش خلاله الاوضاع الامنية بالبلاد.
وأوضح بيان للجنة أن القرارات من شأنها اعادة الاستقرار للبلاد، وشملت توجيه قوات حركات الكفاح المسلح بالخروج والتجمع خارج الخرطوم والمدن الرئيسية في مناطق التجميع بغرض الحصر وإنفاذ الترتيبات الأمنية، واستكمال اجراءات التحري والتحقيق ومحاسبة المتورطين في الأحداث وحسم التفلتات التي تُصاحب المواكب وفقاً لقانون الطوارئ والقانون الجنائي، وتأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب ومجابهة التهديدات المحتملة، إضافة الى الالتزام بوقف إطلاق النار وتجديد الدعوة للمُمانعين بالانضمام الى السلام، واستمرار فتح المعابر الحدودية مع دولة جنوب السودان في المواقع المتفق عليها، فضلاً عن الافراج عن المشتبه فيهم والذين لم تثبت إدانتهم بالتورط في أعمال إرهابية.
كبش فداء
في الأثناء، فسّرت الجبهة الثورية، قرار اخراج قوات الحركات الى خارج المدن بتوجيه أصابع الاتهام لهذه القوات مباشرة بممارسة العنف في التظاهرات، وتبرأت الجبهة الثورية من عنف مُورس من قبل قواتها على المتظاهرين، واوضحت في بيان لها: (قواتنا بريئة من العنف الذي يقمع به المتظاهرون، واكدوا انهم مازالوا في انتظار عملية الترتيبات الأمنية وهيكلة القوات النظامية حتى تصبح جيشا واحدا تخدم ارادة الشعب، واضاف البيان، الا ان كل هذا باء بالفشل وذلك بسبب بعض الإجراءات التي قام بها المجلس العسكري وحده ورأت ان الإجراءات التي قامت بها وزارة الدفاع يُراد بها تلبيس التهمة على قوات الحركات المسلحة، مشددين بأن قواتهم ستظل باقية داخل العاصمة السودانية وكل الأماكن التي خُصِّصت لها، وزاد البيان على إخوتنا في القوات النظامية استخدام صوت العقل مع المتظاهرين وعدم استخدامهم كبش فداء).
مخالفة الترتيبات الأمنية
قطع الامين العام للحركة الشعبية خميس جلاب لـ(الصيحة)، عدم مشاركة حركات الكفاح المسلحة في التظاهرات الشعبية التي تنتظم بالبلاد، واوضح (قواتنا لم تشارك في التظاهرات ولم تترس)، وزاد: لا يد لقواتنا في الفوضى والعنف الممارس في التظاهرات.
واوضح ان قوات الكفاح الموجودة داخل الخرطوم تمثل قوات (حراسات) للقيادات فقط، وان القوات الرئيسية متواجدة فعلياً في معسكرات خارج ولاية الخرطوم، وفقا لبروتوكول الترتيبات الامنية الموقع في اتفاقية السلام ، والذي ينفذ على مرحلتين، وقال إن قرار اللجنة الأمنية بإبعاد هذه الحراسات يخالف الترتيبات الامنية، وبيّن جلاب أنّ التنظيمات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا ، يتم التعامل معها بموجب بنود إنفاذ هذه الترتيبات ، واماكن تواجد هذه القوات، واضاف على اللجنة الامنية أن تناقش انفاذ هذه الترتيبات بدلاً من الحديث عن اخراج قوات لا وجود لها على ارض العاصمة، وأكد بأن تأخير تنفيذ البروتوكول خلق استياءً واحباطا كبيرا وسط قوات الحركات في مناطقها، واردف: لا استبعد حدوث عدم انضباط واضطراب وسط هذه القوى.
تنظيمات سياسية
في السياق، اتهم جلاب، بعض التنظيمات السياسية والحكومة الانتقالية المحلولة بتعطيل تنفيذ بنود اتفاقية السلام، لا سيما بند الترتيبات الأمنية مما نتج عنه الفوضى الحالية، وأردف: الحركات شاركت في الحكومة وفقاً للعملية السلمية، وقال: نحن طالبنا بحدوث التوافق وتنفيذ اتفاقية السلام ونحث الاطراف للالتزام بالوثيقة الدستورية واتفاقية السلام.
الوضع الأمني
وبالعودة الى قرارات اللجنة الامنية، نجد انّ المجلس استمع الى تقارير الأجهزة الأمنية حول الوضع الأمني وتطورات الاحداث، وتأسف المجلس على الفوضى التي نتجت جراء الخروج عن شرعية التظاهر السلمية واتباع منهج العنف وبروز تيارات مقيدة لحرية ممارسة الحياة وتتعدى على المُمتلكات العامة كظاهرة خطيرة تهدد الأمن والسلم الوطني والمجتمعي وتتجاوز الخطوط الحمراء لسيادة الدولة، واشاد المجلس بالحنكة التي تعاملت بها الأجهزة الأمنية والتزامها بالقواعد والأساليب والأدوات المشروعة، وكذلك التحلي بضبط النفس والتصرف بحكمة حيال المواقف لحماية المدنيين.
وترحّم المجلس على شهداء الأجهزة النظامية والأمنية، الذين قدموا الأرواح فداءً للوطن، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، وقدّم التعازي لأسرة فقيد البلاد والشرطة العميد شرطة علي ابراهيم حماد بريمة الذي راح ضحية العنف، كما قدم المجلس تعازيه لكل الأسر السودانية التي فقدت فلذات أكبادها خلال التظاهرات الأخيرة، واشاد المجلس بالجهود التي بذلتها عناصر المخابرات العامة في تفكيك الخلايا الإرهابية بعمليات استباقية ضد المخططات التي تستهدف أمن واستقرار الوطن، واشاد بالدور الذي ظلت تضطلع به قوات الشرطة لاستتباب الأمن من خلال عمليات الأمن الداخلي وتحمُّل مسؤوليتها دون مشاركة او مساندة وسعيها المستمر لتطوير قُدراتها وأساليبها لمواجهة الأحداث، وحثّ المجلس جموع الشعب السوداني للتحلي بالمسؤولية الجماعية تجاه أمن وسلامة البلاد وعدم الالتفات للشائعات المغرضة تجاه أجهزة الدولة النظامية والأمنية وعزل الاستهداف الممنهج الذي تقوده فئة غير وطنية.
مزيد من الصلاحيات
ورغم أن مثل هذه القرارات الأمنية قد تهدف الى ضبط الاضطرابات واعادة الاستقرار، غير ان مراقبين آخرين يرون انها جاءت بهدف منح السلطات مزيداً من الصلاحيات التي بموجبها تتخذ اجراءات صارمة تجاه الثورة السلمية. وفي هذا الشأن يرى المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية عبدالله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) أن مثل هذه القرارات الامنية تمثل امتدادا لمزيد من الصلاحيات المقيدة لسلمية الثورة، وأردف بأن بسط هيبة الدولة تتم بالحد من ظاهرة العنف والانتهاكات، اما فيما يتعلق بقرار اخراج الحركات الى خارج الخرطوم، قال إن هذا ليس القرار الاول، حيث سبق وصدر قرار بإبعادهم العام السابق، واوضح ارى ان بعض مجموعات الجبهة الثورية من حركات الكفاح والتي سبق وساندت ودعمت قرارات البرهان ليلة الخامس والعشرين من أكتوبر، ايضاً انتهكت بعض نصوص العملية السلمية الموقعة في جوبا، وانتهكت الوعي السوداني الذي افرزته ثورة ديسمبر، وبالتالي ارى ان قرار اللجنة الامنية باخراج القوات الكفاح الى خارج العاصمة يجب ان يُنفذ بالتراضي بين الشركاء من المكون العسكري والجبهة الثورية، حفاظاً على أرواح المواطنين العزل بالداخل، لا سيما وان ثورة ديسمبر لا تزال تحمل النقائص التي تسعى بإرادة الشارع لاكمالها بالمطالب ، فيما رأى أنّ القرارات الأمنية قد تسهم في الاستقرار وبسط هيبة الدولة في حال تم تطبيقها وفق أسس سلمية، وبالمحافظة على سلمية الثورة، مع ضرورة محاربة العنف الذي أصبح يُنتهج ويُمارس مؤخراً مع الحراك المُنتظم.