شَيطنة الثورة والثُّوّار.. لمصلحة مَن؟!
الخرطوم: صلاح مختار 16يناير2022م
في الوقت الذي يقول فيه خُبراء ومُحلِّلون، إنّ الثورة حادت عن طريق السلمية، وان هنالك من عمل على شيطنة الثورة والثوار جرّاء ما شهدته التظاهرات الأخيرة من اقتحام لأقسام شرطة وإصابات وسط رجال الشرطة، رأي آخرون أن استمرار الثورة في السودان بهذا الزخم السلمي أثبت فشل مخططات شيطنتها، وفشل ما يُسمى بالثورة المُضادة ضد الحراك، مؤكدين أن المستقبل لشباب السودان الثائر رغم العثرات التي تعترض الطريق، بيد أن هناك اكثر من رأي بأن ما يجري من عمليات قتل وسط المتظاهرين او القوات الامنية او وجود ظواهر سالبة لا تعني بأي حال من الأحوال الثوار في شئ, لأنه حسب رأيهم ليس من مصلحتهم ولا مصلحة الثورة تبني ذلك الفعل, أو إيجاد مظاهر يُمكن أن تنفر المشاركين في الحِراك، وتضر في النهاية بالثورة وسلميتها، ولكن البعض يجزم ان هنالك مستفيدين واكثر من جهة من خلق تلك الأجواء وتحويلها الى مصالحها، وبالتالي تحقيق اهدافها، ولذلك تريد إلصاق تهمة القتل بالمتظاهرين، فأين هي الحقيقة من كل ما يجري على الساحة السودانية هذه الأيام ومن هم المستفيدون وما هي الجهات صاحبة المصلحة في ترويج تلك الاتهامات وشيطنة الثورة والثوار؟
مكاسب وخسائر
قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر, ان مثل هذه الأعمال لا تقرأ في اطار استراتيجي، وإنما في إطار المناورة بين المكاسب والخسائر، فالجانب الخاسر دائماً بدلاً من ان يصعد الى الأعلى, ويسعى للأمام يفشل ويتجه الى شيطنة الثوار والثورة، والتقليل من شأنهم والتقليل من سمعتهم وتحريك الرأي العام ضدهم, كما تفعل بعض الجهات مع حركة الشارع الممتد والمؤثر الذي فتح الباب واسعاً لحركة التغيير في مقبل الأيام، واضاف: بالتالي ذلك الأمر مجرد مناورة ونوع من الفشل النفسي والدعاية الفاسدة ولا تخرج من أنها أخطاء، وقال لـ(الصيحة) لا توصف شيطنة الثورة او الثوار بأنها صراع بين قوى مدنية وعسكرية، وانما بين مجموعة القوى المتطلعة للتغيير سواء مدنية او عسكرية وقوى تُريد العودة بالبلاد الى الوراء سواء كانت مدنية أو عسكرية، بالتالي هي مجموعة افكار في مواجهة افكار اخرى وسلوكيات، وان المسألة لا دخل لها بالمهن بقدر ما هي مُرتبطة بالكيفية التي تفكر بها بعض العقول الخاسرة.
شكل مباشر
بينما وجّه المحلل السياسي د. صلاح الدومة، أصابع الاتهام إلى الدولة العميقة الإنقاذيين وجانب من العسكر, وقال انها المستفيد من شيطنة الثورة والثوار.
وقال لـ(الصيحة)، ان الحديث الذي يُروّج له هو كلام ساذج أن تضع سيناريوهات فيها عدم الذكاء وفي كل مرة تلك السيناريوهات تصبح وبالاً عليهم، واضاف تكرر نفس المنهج ونفس الاساليب ويريدون نتيجة مختلفة وهو غير مُمكن, واستدل بنظرية انشتاين التي تقول (من الغباء تجري تجربة مختلفة وتتوقّع نتيجة مختلفة), ولفت الى مقتل العميد شرطة في نفس الوقت إعلان تفعيل قانون الطوارئ والاعتقالات من قبل رئيس المجلس السيادي، مما دفع الثوار الى تغيير موعد تسيير موكب الأربعاء الى الخميس, واكد ان محاولات شيطنة الثورة سوف تستمر ولكنها ستفشل.
نسج الأفكار
من جانبه، اتهم مصدر أمني لـ(الصيحة) بعض القوي السياسية، اليسارية علي وجه الخصوص، بنقل قوات تتبع لعبد الواحد والحلو للخرطوم وعلى الجيش أن يدرك ذلك، وأشار الى أن الاحتياطيات التي وضعتها القوات المسلحة على مقارها أشبه بالثكنة العسكرية وليس خوفاً من الثوار، وبالتالي المستفيد من شيطنة الحراك ليس الثوار، وقال على سكان الخرطوم ان يستعدوا بان الخروج في التظاهرات مُخاطرة، ولفت إلى ظهور أعلام لبعض الحركات المسلحة وسط المتظاهرين، بجانب عناصر تحمل أسلحة بيضاء، كلها عوامل تشير الى شيطنة الثورة, وأكد المصدر أن بعض القوى اليسارية لها ضلعٌ كبيرٌ في تشويه صورة الثورة والخروج بها عن سلميتها، ونوه الى منهجها السياسي في التعاطي مع مثل هذه القضايا، وبالتالي شيطنة الثوار والثورة أمرٌ واردٌ في ظل اختلاط الهَمّ الوطني بالمصالح الضيِّقة لبعض القوى من كل الأطراف عسكرية ومدنية.
وضعٌ خطيرٌ
في ندوة نظّمها مركز بروكنز الدوحة ومركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر، بعنوان محاولات لإنهاء الثورة السودانية بسبب التدخلات الخارجية.
اكد خبراء وأكاديميون أن الثورة بالسودان والجزائر أثبتت فشل مخططات شيطنة الربيع العربي، وأن المجتمع العربي يبحث عن مَخرج، وما حدث من حِراك في السودان والجزائر هو جُزءٌ من البحث عن مخرج وهو جزءٌ من المخاض الكبير الذي تمر به المنطقة وفي حال نجاحه سيحمي السودان والجزائر، وفي حال فشله سندخل في مرحلة أكثر سلبية تؤسس لدولة فاشلة.
تدخُّلات خارجية
وقال الدكتور عبد الوهاب الأفندي، عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، إن مسار الوضع في السودان يسير نحو منحى خطير خاصة بعد فض الاعتصام، وأضاف أن الثورة السودانية تمر بمرحلة حرجة، فهناك محاولة لإنهاء الثورة بسبب التدخُّلات الخارجية، وأشار الأفندي الى أن هناك دولاً إقليمية تدعم مليشيات قبلية في السودان وهذا يفتح الباب لصدام داخلي، وهناك محاولة في السودان لاستبدال الجيش بمليشيات خاصّة وهو وضعٌ خطيرٌ، وثمة استقطاب في المشهد السوداني، وعلى السودانيين أن ينسوا خلافاتهم في اللحظة الحرجة الراهنة إنقاذاً للسودان ومِمّا يُخطّط له.!!!