نموذج إنساني رفيع لقيمة الفنان أحمد المصطفى .. وقبل الغناء أخلاقا!!
كتب: سراج الدين مصطفى 15 يناير 2022م
الزمن الجميل:
صحيح إننا لم نعشه حينما أطلقوا عليه (الزمن الجميل) وهو بالطبع زمان غير زماننا هذا .. يختلف في كل شئ .. ذلك الزمان الذي وثق له صديق الكحلاوي بأغنيته الفارعة والحاضرة (ريدة زمان) ومع أنه اقتطع جزئية معينة ولكنها في ذات الوقت تعبير دقيق وتوصيف بديع عن حال الحب في زمان ما .. الزمن الجميل أرّخ له محمد المكي ابراهيم (في جيلي أنا) التي تغنى بها الراحل العملاق محمد وردي.. كلهم كتبوا عن (زمانهم الجميل) .. ولكن ماذا عسانا لأن نكتب عن زماننا هذا.. زمن فنان الصافية .. وقنبلة واضربني بمسدسك وغيرها من الترهات والتشوهات والمعيبات التي لا تُحصى أو تُعد.
شبابنا وشبابهم:
تبدو الفوارق جلية وواضحة ما بين (شبابنا وشبابهم).. ومن يلتفت للتاريخ قليلاً لابد له من الوقوف عند سيرة عظماء أمثال الراحل عميد الفن (أحمد المصطفى) .. حيث قال الأستاذ الشاعر والمؤرخ السر قدور (كان أحمد المصطفى من الأوائل الذين سعوا الى قيام تنظيم الفنانين يجمع شتاتهم ويحقق مصالحهم ويحمي حقوقهم ويرتفع بمستواهم الاجتماعي والفني .. وقد بذل أحمد المصطفى جهداً يفوق جهد جميع زملائه لتحقيق هذه الغاية واستحق عن صدق لقب العميد بعد رحيل الحاج محمد أحمد سرور).
الاهتمام بالغير:
ويضيف السر قدور (كان أحمد المصطفى يكتسح انتخابات النقابة بفضل دعم العازفين له، فقد كان أحمد لا ينظر الى العازفين كأعضاء نقابة فقط، ولكن كان يعتبرهم أبناءه وهو شديد الاهتمام والعناية بمشاكلهم وأسلوب معيشتهم ويتدخل في حل مشاكلهم العملية والأسرية ويشارك في مناسباتهم ويهتم بهم عند المرض ويبحث عنهم إذا غاب أحدهم، وقد بادلوه حباً بحب ومودة بمودة).
لقد استطاع أحمد المصطفى بالصبر الطويل والإخلاص أن يحتل مكاناً كبيراً في قلوب الناس في حياته، ومن المتوقع أن تستمر هذه المكانة لعدة أجيال قادمة وذلك لعدة أسباب، أهمها صدقه الشديد وذكاؤه الفني وصوته المعبر وحبه وإخلاصه لفنِّه، فقد كان نُموذجاً رائعاً للموهبة والإخلاص والدقة والاتقان، وكان من أكثر الناس حرصاً على ما أعطاه الله من نبوغ فني، فكان يرعى صحته ووقته وعقله ومشاعره, كما كان شديد المحاسبة مع نفسه، الى جانب ذلك يتمتع بقدر كبير من الثقافة والوعي السياسي والاجتماعي والإنساني.
التمسك بالتقاليد:
الإذاعي المخضرم خلف الله حمد كتب ذات مرة عن أحمد المصطفى وتوجه بحروف غاليات قال فيها (لقد تطرق قبلي كُتّاب وأدباء ونُقّاد من محبي الفن الغنائي والموسيقى بالكتابة عن أحمد المصطفى الفنان والمجدد والملحن والمؤدي، ثم تطرقوا أيضاً لأخلاقياته ومسلكه مع معحبيه ومستمعيه وزملائه، كما أشاروا وأشادوا بالتزامه كفنان واحترامه لفنه وتقديسه لرسالة الفن وإيمانه بتلك الرسالة التي تسمو بالإنسان وتدفعه للعمل لرفعة وطنه وحريته واحترام ترابه والتمسك بتقاليده وبتعاليم دينه وشريعته السمحاء).