نحتاج لإعلام مُضاد يبرز مقدرات الشعب السوداني ويدحض الاتهامات المغلوطة
خالد الحبوب.. هو ليس مجرد موسيقي، ولكنه مبدع يضم بين جوانحه العديد من المواهب والإبداعات .. فهو عازف على آلة الفلوت والأورغن ويكتب الشعر ويلحنه ويغني في بعض الأحيان.. رحلاته الكثيرة وأسفاره المتعددة خلقت منه مرجعاً في التراث الشعبي للعديد من الدول الأفريقية، وهو يعتبر موسوعة في هذا المجال.. (الحوش الوسيع) جلست مع خالد الحبوب وقلّبت معه بعض الصفحات من دفتر حياته الملئ بالإبداع والإدهاش..
جلس إليه: سراج الدين مصطفى 11يناير2022م
أرجو أن تعرفنا عليك أولاً أستاذ خالد الحبوب؟
وأنا أقول أولاً أشكرك على الاستضافة في صحيفتكم (الصيحة) وحوشها الوسيع الذي يرى الأحداث كما تراها العين.. وأتمنى أن تظل عيناً (تشوف) لنا كل الأشياء بوضوح.. إذا أردت أن تعرف بطاقتي الشخصية فهي بسيطة.. تقول أنا خالد محجوب عثمان اشتهرت بلقب “خالد الحبوب” حتى ضاع اسم والدي .. ولدت في مديرية أعالي النيل بمدينة ملكال الحبيبة تحديداً .. وفيها بدأت حياتي الدراسية بمدرسة الليري غرب الأولية وكل المراحل التالية.
كيف بدأت علاقتك مع الموسيقى؟
وُلدت في مدينة ملكال ولكن نشأتي الحقيقية كانت في جبال النوبة.. هذه البلدة الساحرة ذات الطبيعة الخلابة كان لها أثر في تكويني الفني.. وهي بلدة تجبرك على أن تكون فناناً ولا تترك لك خياراً آخر.. وتلك المنطقة بغير جمالها الطبيعي، فهي تحتشد بالإيقاعات المختلفة وذلك نسبةً لأنها منطقة تداخل قبلي وهذا التداخل والتشابك نتائجه دائماً ثقافية وتعزز من قيمة الانصهار بين القبائل، لذلك تتكثف الأشكال الفنية.. وتلك البيئة وتداخلها وتمازجها كان سبباً في تكويني الفني والثقافي.
وكيف تواصلت المسيرة بعد جبال النوبة؟
بعد ذلك هاجرت الى دولة ليبيا.. ولكن قبل ذلك كنت قد شاركت في مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى عام 1996 وقد أحرزت في ذلك المهرجان الدولي المركز السادس.. وهذا المركز المتقدم دفعني معنوياً لأنني في المهرجان كنت سبباً في ظهور إيقاع (الكيسا) في أغنية “قزاز كلونيا” التي تغنى بها لاحقاً الفنان الكبير عمر إحساس.
ثم ماذا بعد مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى؟
بعد المهرجان اتّجهت صوب دولة تشاد في رحلة بحث عن الإيقاعات الأفريقية والشعبية.. وخلال وجودي في تشاد شاركت في فرقة (الباليه إنترناشونال)، كما أملك عضوية اتحاد الفنانين في تشاد.
وكيف تواصلت رحلة بحثك عن الإيقاعات؟
يا صديقي أنا في سبيل البحث عن الإيقاعات هاجرت للعديد من الدول.. فبعد دولة تشاد سافرت الى الكاميرون ثم بعدها نيجيريا والنيجر ثم غانا وموريتانيا والسنغال.. كل تلك الأسفار الطويلة بين الدول والشعب، كانت للبحث عن أشكال الغناء والإيقاعات في تلك الدول.. وفي خلال تجوالي ذلك عملت مع الفنان النيجيري (سعادي بوري) و(ساني أبو سام) ثم بعد ذلك ذهبت الى ليبيا وفيها انضممت لفرقة (شموس) للفنون الشعبية بمدينة مصراته وكنت أعزف على الإيقاع السوداني وقد كنت من المؤسسين لفرقة المركز السوداني الثقافي في ليبيا بقيادة الأستاذ سعد الدين الطيب.
من خلال جولتك تلك هل يمكن أن تجد الموسيقى السودانية جغرافية جديدة؟
في كل الدول التي تجوّلت بها وجدت أن الفن السوداني حاضر ومعظم دكاكين الأشرطة في تلك الدولة نجد أن رفوفها مليئة بالمطربين السودانيين الذين يتمعتون بجماهيرية كبيرة لا تتوافر لمعظمهم في السودان بين أهلهم.
ماذا ينقصنا اذن أخ خالد حتى تصل أغنيتنا لكل العالم؟
نحن شعب مبدع لا ينقصنا شئ.. فكل شئ جميل هو من إبداعنا.. ولكن تظل المشكلة أخي سراج في عدم الثقة رغم أننا مبدعون أصلاء أصحاب حضارات وتراث معروف على مستوى العالم.. ولكن غياب الشجاعة وإهمال الإعلام ساعد في أن نكون بعيدين.. وهذا الاعلام الذي يبث أخبار الحرب فقط عن السودان يجب أن يكون هنالك إعلام مضاد لها ليعرف العالم بأنّ الشعب السوداني مبدع وفنان وصاحب تراث فني وتاريخ عريض غير مُتاح للكثير من الشعوب.. فقط الشجاعة والثقة وبعض الدعم من الدولة سنصل لكل البراحات.