المحكمة تعلن براءة (كِبر) ومدير مكتبه السابق
المحكمة: الاتهام لم يأت بأدلة ترقى لإدانتهما
الخرطوم: محمد موسى 11يناير2022م
قابل ذوو النائب الأول للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف (كِبر)، إعلان
المحكمة ببراءته ومدير مكتبه التنفيذي السابق من القضية الشهيرة بمخالفات
مالية في الحساب الخاص لرئاسة الجمهورية بالتهليل والتكبير التي هزت قاعة المحاكمة، بينما اختار (كِبر) ومدير مكتبه السابق تعبيراً عن فرحتهما
لبراءتهما من القضية بالسجود شكراً لله داخل قاعة المحكمة، في وقت سمحت فيه الشرطة القضائية أمس لكبر بان يتوجّه الى ذويه المتواجدين حضوراً بقاعة المحكمة بتلقي تهاني إعلان براءته منهم يداً بيد وتتساقط دموع الفرح.
ورصدت (الصيحة) بأن كبر كان طيلة تلاوة قاضي المحكمة لحيثيات براءته، كان ينصت بكافة حواسه لقرار المحكمة ويبتسم بين الحين والآخر كلما أعلنت المحكمة تبرئته من أية تهمة في الدعوى الجنائية.
وأعلنت المحكمة الخاصة المنعقدة بالقاعة الكبرى لمحكمة جنايات الخرطوم
شمال برئاسة قاضي الاستئناف عمر أبو بكر محمود، أمس، براءة النائب السابق للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف كبر ومدير مكتبه السابق في القضية التي كان يواجه الاتهام فيها الى جانب مدير مكتبه التنفيذي السابق
بمخالفات مالية تفوق الـ(41) مليون جنيه من الحساب الخاص برئاسةالجمهورية.
في وقت أمرت فيه المحكمة بإطلاق سراح (كبر) ومدير مكتبه السابق فوراً ما لم يكونا مطلوبين على ذمة إجراءات بلاغ آخر، وقررت المحكمة كذلك فك حجز أي أموال أو ممتلكات تخصهما على ذمة الدعوى الجنائية وتسليمها لهما فوراً.
وبررت المحكمة، قرارها بتبرئة المتهم الأول النائب السابق للرئيس المعزول
كبر، والمتهم الثالث مدير مكتبه السابق التجاني حسن من الاتهام في
الدعوى الجنائية وذلك لعدم تقديم الاتهام عن الحق العام نيابة مكافحة
الفساد ومخالفات المال العام اي بينات تؤكد اتهامهما على ذمة القضية.
لا مسؤولية جنائية لـ(كِبر)
في ذات السياق، قالت المحكمة إنها كذلك توصلت الى تبرئة (كِبر) ومدير
مكتبه السابق من مخالفة نص المادة (177) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م التي تتعلق بخيانة الأمانة، وذلك بعد أن اتضح لها بأن
المبالغ موضوع الدعوى الجنائية هي مال عام عبارة عن نثرية شهرية مُصدّقة من وزارة المالية يتم تسليمها للمتهم الثالث مدير مكتبه السابق عبر الأمين العام للقصر الجمهوري عن طريق شيكات، اضافة الى تصديق مبلغ آخر قدره (1.5) ملايين جنيه عبارة عن نثرية يتم تسليمها لـ(كِبر) عند أي زيارة رسمية له بالولايات، واكدت المحكمة بأنه قد توصلت في قرارها بأن صرف مبالغ النثرية تمت أوجه الصرف المحددة بالقانون بحكم وظيفته والظروف التي شغل المنصب فيها ، اضافةً الى ان الاتهام لم يثبت اي بينة تؤكد تعدي اي من المتهمين المبرأين على المال العام او ثبوت مسؤولية جنائية عليهما بذلك.
صرف و(7) بنود
وحول تبرئة المتهم الأول (كِبر) من مخالفة نص المادة (29) من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية، قالت المحكمة بأنه قد ثبت لديها بأن (كِبر) قد تصرّف في المبالغ موضوع الدعوى الجنائية وهي مبلغ النثرية الشهرية البالغة (3) ملايين جنيه وفقاً للقانون وذلك استناداً لـ(7) بنود وهي (ضيافة، إعانات تبرعات ومكافآت وحوافز ومرتبات للموظفين بمكتبه في القصر وعاملين بمنزله الخاص الذين يفوقون (30) حرساً شخصياً وأكثر من (20) عاملاً وموظفاً لديه، وشراء صحف ووقود، وتأهيل وصيانة منزله، وبرامج مصاحبة)، وشددت المحكمة على أن ذلك ما اكده (كِبر) ذات نفسه في استجوابه بالمحكمة، الى جانب إثبات ذلك من خلال أقوال شاهد الاتهام الأول وعدد من شهود الدفاع موظفون بمنزل (كِبر)، من بينهم نائب مدير منزله، كما نبهت المحكمة في حيثيات قرارها إلى أنه قد ثبت لديها بان المتهم الأول (كِبر) لم يتم منحه منزلا حكوميا للسكن فيه طيلة فترة تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية منذ 10 سبتمبر 2018م وحتى 10 أبريل 2019م، إضافة الى أنه لم يُمنح بدل سكن، بل ظل يستخدم منزله الخاص في الأعمال الرسمية للدولة ومقابلة الوفود الداخلية والخارجية، وذلك ما يؤكده وجود (كرفانات) لحراسته الشخصية للحرس الجمهوري، اضافة الى ثبوت إقامة ما يفوق الـ(29) شخصاً بمنزله بصورة دائمة ويتلقون رواتبهم وإعاشتهم من ذات مبلغ الأمر المستديم.
(كِبر) لم يستغل وظيفته
وخلال سرد المحكمة لحيثيات قرارها، أكدت بأنها توصلت كذلك الى تبرئة
المتهم الأول (كِبر) من مخالفة نص المادة (6/أ/ب ) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1996م، التي تتعلق بالثراء الحرام والمشبوه، وذلك لعدم تقديم الاتهام بينة تؤكد بانه قد حصل علي مال عام ومخالفته لأحكام القوانين والضوابط التي تضبط سلوك الموظف العام او تقديم الاتهام لبيِّنة تثبت بأن (كِبر) قد حصل على مال عام باستغلال وظيفته العامة عن الأغراض المحددة لها، كما بيّنت المحكمة في قرارها كذلك بأن الاتهام لم يقدم بيِّنة تثبت بأن المتهم (كِبر) قد حوّل الأموال العامة لمصلحته الشخصية، وأشارت المحكمة الى المتهم الأول النائب السابق لرئيس الجمهورية (كِبر) قد قدم دفوعات مقنعة تثبت مشروعية حصوله على تلك الأموال وتصرفه فيها وذلك وفقاً للقانون بحسب طبيعة وظيفته الدستورية كنائب لرئيس الجمهورية آنذاك، وشددت المحكمة على ان المتهم الاول قد حول جزءا من تلك مبالغ النثرية في حسابه المصرفي الخاص او حساب احد اقربائه وذلك كاستحقاق له، وذلك بعد ان قام بالتصرف من جيبه الخاص لتغطية نثريات زياراته لعدد من الولايات وذلك بسبب ندرة السيولة المالية التي كانت تعاني منها البلاد في تلك الفترة، بحسب ما ورد في تقرير شاهد الدفاع السابع المراجع القانوني، واضافت المحكمة بقولها بأنها قد أخذت علماً قضائياً عن تلك الأزمة المالية وعملت بها وفقاً لسلطاتها المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات السوداني لسنة 94م.
سلطة عليا وقبول
وقالت المحكمة في حيثيات قرارها بتبرئة النائب السابق للرئيس المعزول
عثمان محمد يوسف (كِبر)، ومدير مكتبه السابق، بأنها أخذت بشهادة شاهد الدفاع السابع المراجع القانوني من منطلق خبرته وفقاً لسلطاتها التقديرية وذلك، لأنها الأرجح بحد قولها، في وقت أفادت فيه بأنه وبالرغم من طعن ممثل الدفاع عن الأول مسبقاً في شهادة شاهد الاتهام الثاني المراجع بديوان المراجع القومي لعدم حصوله على تخصص في مجال المراجعة، كما طعن ممثل الاتهام في شهادة خبير المراجعة المالي شاهد الدفاع السابع لعدم اخذه إذناً من جهة الاختصاص بمراجعة المال العام وهو ديوان المراجع القومي أو تكليفه من قِبل المحكمة بمراجعة المبالغ محل الدعوى، وهنا أشارت المحكمة الى انه وبعد فحصها لطلبي الاتهام والدفاع حول شهادة المراجعين اتّضح بأنهما لم يطعنا في شهادة الشاهدين للولاء أو المصلحة – وإنما تركا الأمر للمحكمة باستخدام سلطاتها وفقا لنص المادة (34) من قانون الإثبات، ونبهت المحكمة الى ان حصول شاهدي الاتهام والدفاع المراجعين على تخصص المحاسبة او إذن المراجعه لا تعنيها في شئ، وأن ذلك لا يعني أن شهادتهما مردودة عليهما لا سيما وان محكمة الموضوع تملك السلطة العليا في قبول شهادة الخبير أو خلافه من عدمه حسب اطمئنانها اليه ومقارنتها بالوقائع محل الدعوى.
ابتلاءٌ وحَمدٌ
في ذات السياق، قال النائب السابق للرئيس المعزول عثمان محمد يوسف (كِبر) في تصريحات صحفية محدودة عقب إعلان براءته بأنه يحمد الله الذي أنصفه بالحق، لافتاً الى أن الابتلاء في مرات نعمة لكي تظهر براءته لاحقاً ، موضحاً بأنه يقبل ذلك الابتلاء من الله في قضيته ويحمد الله كثيراً
عليها، وظل (كِبر) وسط مقاطعة ذويه له بالمصافحة والتهاني اثناء تصريحاته داخل قاعة المحاكمة يردد قائلاً: (بأنه ومرات قد ينعم الله عليك بالبلوى وان عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم)، ووجه (كِبر) في خواتيم تصريحاته صوت شكر لكافة الأجهزة العدلية.
قضاءٌ مُحايد ونزيهٌ
في المقابل، لم يمر قرار براءة (كِبر) هكذا على محاميه للدفاع د. حافظ أحمد، حيث أفاد في تصريحات صحفية مقتضبة بأن قرار المحكمة بتبرئة موكله (كِبر) بشكله وحيثياته يؤكد بان القضاء السوداني لا يزال بعافيته ومحايد ونزيه، مشددا على ان قرار المحكمة يؤكد على انه لا يمكن باي حال من الأحوال (تسييس) القضاء السوداني باي حال من الاحوال مثلما تفتري كثير من المنظمات والاشخاص على القضاء السوداني بحد قوله، مؤكداً بان القضاء السوداني سيظل راسخا وثابتا بذات ما أريناه في قرار المحكمة في الدعوى الجنائية بحد تعبيره.