11يناير2022م
كل شيء تعذَّر..
أو بات التعذر هذا عنوان راهننا في كل شيء؛ كل شيء..
وأنا نفسي تعذَّرت على كتابة كلمتي اليوم..
فالقلم قد يُصاب بالعي حين يكون الجو من حوله مفعماً بكل ما هو ثقيل..
ويصعب عليه – من ثم – أن يُمارس فعل الكتابة..
أو دون أن يطرأ على فعله المضارع ما يستبدل حرفه الأخير ميماً..
وكل الذي يفكر أن يكتب فيه يجده غير مُمكن..
وعدم الإمكان هنا مرجعه إلى انشغال المحل بحركة المُناسبة..
أو ربما منع من ظهور ما يفكر فيه (التعذّر)..
وجلست أبحلق في اللا شيء..
وأثناء بحلقتي هذه أبصرت فيما يبصر (الصاحي كالنعسان) جعفر نميري..
أبصرته وهو (يهز ويرز) قافزاً من ظهر عربة مكشوفة..
وأبصرته وهو يخطب في حشد (محشود) مستهلاً بعبارة (مواطني الثوار الأحرار)..
ثم أبصرت المواطنين هؤلاء وهم أحرار..
بعد أن لم يعد هو حراً..
وأبصرت أيضاً سلاطين باشا وهو يتسلّل هارباً من الخليفة؛ في جنح الدجى..
وأم درمان – وقتذاك – غشيتها عاصفة شتوية لها صفيرٌ..
وكأنما هي هدية شيطانية لـ(شويطين) لتعمي أبصار العسس… والملازمين
فهكذا كان يلقبه خليفة المهدي: شويطين..
ثم أبصرته وهو يعود إلى أم درمان ذاتها مرة أخرى..
ويربت على قفاه مرحباً بعض من كانوا يصفعونه على قفاه هذا..
وأبصرت (عاصفة) شكسبير وهي تعوي… وتزأر… وتتلوى؛ في عرض البحر..
وما ذاك إلا بفعل سحر بروسبيرو المظلوم..
وتجلب إليه أعداءه (لحد عنده) – في جزيرته النائية – بعد إغراقها سفينتهم..
وأبصرت بروسبيرو هذا وهو يعود لدوقيته المنزوعة بميلانو..
ومعه إحدى بناته… وهي الجميلة ميرندا..
وأبصرت خلال بحلقتي هذه زميلنا محمد صالح وهو يحاج أستاذنا للأدب العربي..
وينصب من نفسه نداً لأديبنا عبد الله الطيب..
وأبصرت بعد ذلك رسالة خطية أتتني مفادها (زميلك محمد صالح تعيش انت)..
لقد مات فجأة….. دون أن (يحاج) الموت..
وأبصرت الأستاذ هذا نفسه وهو يشرح لنا الإعراب التقديري..
وهو الذي يصاحب الاسم المقصور… أو المنقوص… أو المضارع المختل..
ويصعب – من ثم – ظهور الحركة..
سواء بسبب التعذر… أو الثقل… أو انشغال المحل بحركة المناسبة..
ثم أبصرت ما كتبته في حالة اليقظة والأحلام هذه لأجد ما كان سيُغضب أستاذنا..
لأجد قصوراً….. ونقصاً….. واختلالاً..
فقد منع من ظهور ما نود أن نقوله اليوم (التعذُّر)..
وتعذَّر على (بنات) أفكاري أن يهبنني سحراً يهب عاصفةً صوب جزيرتي..
جزيرتي المعزولة بفعل (ثقل) أناس… ووقائع… وأشياء..
حتى ميرندا!!.