التبرز في العراء.. ظاهرة تهدد الصحة بجنوب دارفور
تقرير: حسن حامد 9يناير2022م
ظلّت قضية التبرز في العراء تُشكِّل هماً وهاجساً صحياً على مستوى العالم أجمع، حيث تشير التقارير إلى أن هناك حوالي اثنين مليار من سكان العالم يمارسون ظاهرة التبرز في العراء، أو ليست لديهم إمكانية الحصول على مراحيض.
في السودان، مازالت الظاهرة تُشكِّل تحدياً كبيراً للسلطات الصحية من واقع انتشار الأمراض التي لها علاقة بالتلوث الناتج عن التبرز في العراء، فكانت الجهود مُتواصلة للقضاء على الظاهرة تحقيقاً للسلامة العامة للمواطنين.
استراتيجية شاملة
وفي هذا الإطار، ظل مشروع الإصحاح البيئي والتوعية الصحية بوزارة الصحة بجنوب دارفور والشركاء يبذلون، جهوداً كبيرة للقضاء على الظاهرة من خلال استراتيجية شاملة وضعها المشروع، يأمل من خلالها الوصول إلى ولاية خالية من ظاهرة التبرز في العراء. ففي الأيام الماضية كنا شهوداً على إعلان خلو منطقتي بانت وأم دلوكة بمحلية بليل من ظاهرة التبرز في العراء، وتسليم الأهالي شهادات بذلك في احتفالٍ مشهودٍ، تداعى إليه الأهالي من كل مكان، ويرجع إعلان خلو تلك المناطق إلى مستوى الوعي الذي وصل إليه الأهالي حتى نالوا شهادة خلو مناطقهم من ظاهرة التبرز في العراء، وضع الحكومة أمام تحدي استكمال الخدمات الأساسية التي طالب بها المواطنون.
فاتحة خير
وقال عمدة المنطقة عبد الله حسن سليمان، إن الأهالي كانوا نازحين وعادوا طواعية في العام ٢٠٠٥م، لكنهم ظلوا ينشدون الإعمار وتوفير الخدمات المتمثلة في الصحة والتعليم والمياه، وتابع (أعلنتم خلو مناطقنا من ظاهرة التبرز في العراء ولكننا نحتاج للخدمات، ونأمل أن تكون زيارة وزارة الصحة لنا فاتحة خير لذلك) ، وأضاف العمدة عبد الله أنّ مناطقهم ليس بها ولا مركز صحي والتعليم متدهورٌ وتوجد مدرسة وحيدة مُشيّدة من القش تُغلق عاماً وتفتح عاماً، بجانب معاناتهم مع المياه، واختتم حديثه بالشكر للقائمين على أمر مشروع الإصحاح والمنظمات الداعمة، مشيراً إلى أن وضع الأطفال والنساء يحتاج للرعاية في مجالي الصحة والتعليم.
خدمات الصحة
إلي ذلك، قال ممثل الشباب الهادي عيسى إبراهيم، إنّ الأهالي وبالتضامن مع القائمين على أمر مشروع الإصحاح والتوعية الصحية تمكّنوا من تشييد (450) مرحاضاً ودّع من خلالها المواطنون قضية التبرز في العراء، مشيراً إلى أن منطقتي البان وأم دلوكة هما تجميع لتسع قرى عودة طواعية وإعلانها خالية من التبرز في العراء، جعلهم يتقدمون بالعديد من المطالب من بينها ضرورة إنشاء مركز صحي بالمنطقة وتدريب القابلات، لجهة أن المناطق التسع ليست بها قابلة واحدة قانونية، بجانب حاجتهم الماسة لخدمات المياه، مشيراً إلى وجود (6) مضخات متعطلة وتحتاج للصيانة، علاوةً وعلى وجود سد بمنطقة بانت بدأ العمل فيه منذ العام ٢٠م عبر شركة سوني الهندسية لكن العمل توقف فيه ولم ير النور حتى الآن.
خطوة مُوفّقة
النذير حسين الجزولي منسق مشروع الإصحاح البيئي والتوعية الصحية، قال إن خلو القريتين من التبرز في العراة خطوة مُوفّقة من شأنها الإسهام في الحفاظ على صحة المواطن، مشيدا بأن ما قام به أهل قريتي بانت وأم دلوكة يحتاج لعمل كبير من وزارة الصحة وبقية المؤسسات الحكومية في تقديم الخدمات للمواطنين. واشار النذير إلى أن قضية التبرز في العراء مشكلة عالمية، وأن هناك حوالي اثنين مليار من سكان العالم يُمارسون ظاهرة التبرز في العراء أو ليست لديهم إمكانية الحصول على مراحيض، مشيراً إلى أن هذه المشكلة ممتدة حتى على مستوى السودان، وحوالي ثلث سكان السودان يمارسون الظاهرة وخاصة في القرى والمناطق الريفية، وتابع (وفيات الأطفال على مستوى السودان، ١١% منها نتيجة للإسهالات التي ترتبط بتدني الإصحاح الناتج من عدم التخلص السليم من الفضلات، كذلك حالات سوء التغذية، وعندنا في السودان حوالي اثنين مليون طفل مصابين بسوء التغذية وما يمثل المليون منهم نتيجة للأمراض التي لها علاقة بتدني الإصحاح). وقال النذير إن تدني الإصحاح مشكلة مؤرقة، وإنهم في المشروع لديهم استراتيجية للقضاء على هذه الظاهرة بمشاركة المجتمع، ونأمل أن تصبح الولاية خالية من ظاهرة التبرُّز في العراء بنهاية الاستراتيجية. وأثنى النذير، على جهود أهالي قريتي بانت وأم دلوكة ومبادرتهم بحفر المراحيض التي سيودعون عبرها الأمراض الناتجة عن التبرز في العراء.. وداعاً لتدني الإصحاح ووداعاً لتلوث المياه وحالات سوء التغذية التي لها علاقة بالإصحاح، مشيداً بدور لجنة الصحة بالقريتين وفريق الإصحاح البيئي على مستوى الولاية والمحلية لمُتابعتهم للمشروع حتى وصلت القرى لإعلان خلوها من التبرز في العراء. وقال إن المطالب التي تقدم بها المواطنون مشروعة خاصة بعد وصول القريتين لصفرية التبرز في العراء. وطالب السلطات الحكومية بتشييد المدرسة بالمواد الثابتة وفصول لمحو الأمية، بجانب مشاريع مُدرّة للدخل وورش في مجال الصناعات الحرفية للنساء
شهادة خلو
منحت مدير إدارة صحة البيئة بالولاية تهاني أحمد موسى، المواطنين بالمنطقتين شهادة خلو من ظاهرة التبرز في العراء، وأعربت عن سعادتها بالوصول لهذه الخطوة التي وصفتها بالمهمة كأولى القرى في محلية بليل تُمنح هذه الشهادة وهذا يدل على وعي المجتمع.
وأشادت تهاني بجهود القائمين على أمر المشروع، وقالت إن ظاهرة التبرز في العراء تترتّب عليها مشكلات صحية كبيرة، وبهذه الشهادة يضمنون عدم حدوث التبرز في العراء بعد اليوم مما يعني الحد من الأمراض والمهددات الصحية، وقالت تهاني إن المطالب التي تقدم بها الأهالي مشروعة، وإنهم في وزارة الصحة سيضعون ما يليهم في قائمة الأولويات من تدريب للقابلات والمعاونين الصحيين عبر الإدارات المختصة، بجانب تدريب شباب من المنطقة حول كيفية المُحافظة على مصادر مياه الشرب وتزويدهم بمعينات الكلورة.
سلامة المُواطنين
المُشرف الاتحادي عبد المنعم أبو بكر الذي شهد المناسبة عبر عن تقديرهم كوزارة صحة اتحادية للقائمين على أمر مشروع الإصحاح ومجتمع منطقتي بانت وأم دلوكة بالوصول إلى هذه المرحلة المهمة التي تضمن سلامة المواطنين من الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي، وقال إن أهم ما يملكه الإنسان صحته ولكن عندما تختل هذه الصحة لا يستطيع أن يعطي، وتابع: (نحن في الصحة الاتحادية يشرفني أن أكون شاهداً على هذا الإنجاز وخروج أهل المنطقتين من ظاهرة التبرز في العراء)، وأضاف أن التبرز في العراء مشكلة كبيرة ولها أضرار جسام على صحة الإنسان، وبهذه المراحيض التي شيدت نكون قد كسرنا حلقة انتقال الأمراض، لأن هنالك أكثر من (٢٠٠) مرض تبدأ من الإسهالات إلى السرطانات بسبب الأمراض المعدية ونحن الآن في قريتي بانت وأم دلوكة نكون مطمئنين تماماً في وداع قضية التبرز في العراء، وأوصيكم بالاهتمام بغسل الأيدي بالماء والصابون والمحافظة على المرحاض بطريقة سليمة تحفظ الأطفال وكل أفراد المجتمع من كل الأمراض المعدية