شاكر رابح يكتب : الانحدار نحو الكارثة
6يناير2022م
حاولت بقدر استطاعتي، استقراء الواقع السياسي لما بعد استقالة رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، كما حاول هو وفقاً لما ورد في خطاب الاستقالة تجنيب البلاد الانحدار نحو الكارثة، وفي تقديري أن الاستقالة تُعد موقفاً وطنياً شجاعاً ومسؤولاً بعد ان انسد الأفق تماماً أمام كافة الأطراف، سواء أطراف العملية السلمية وصناع الثورة والذين هم على الرصيف أو المبعدون قسراً من الأحزاب السياسية، ومما لا شك فيه أنّ استقالته تُعد كارثة في ظل ظرف مُعقّد ومشحون بالكراهية والبغضاء واستقطاب سياسي حاد للغاية، وهذه الظروف والمُلابسات سوف تُدخل البلاد في نفقٍ مُظلمٍ، وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، اتفقنا أم اختلفنا معه هذه الاستقالة آخر الخيارات المتاحة أمامه، بعد أن استنفد كافة الخيارات السياسية ابتداءً من مبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام)، ثم خارطة الطريق التي دعت الى وقف الانقسام والتخوين، ثم مبادرة خلية الأزمة التي دعت الى إجراء حوار بين كافة مكونات الحكم وقوى الثورة.
المُزعج حقاً هو انهيار الوثيقة الدستورية وبطلان الإعلان السياسي الذي وقع بين (البرهان – حمدوك) باستقالة أحد الأطراف، وبالتالي تظل كافة التدابير والقرارات المُتّخذة من قبل رئيس مجلس السيادة “باطلة” دستورياً بعد خروج قوى إعلان الحرية والتغيير باعتبارها الحاضنة السياسية والطرف المدني “الشرعي” المُوقّع على الوثيقة الدستورية، ثم خروج حمدوك كآخر ممثل شرعي للمكون المدني، صحيحٌ، إن «قحت» وحمدوك كانا جزءاً من الأزمة السياسية، وأدخلا البلاد في أزمات سياسية واقتصادية ولم يقدما أي حلول تشفع لهما أمام الشعب السوداني الذي ضاق الأمرين في فترة قصيرة من عُمر الحكومة الانتقالية، بالرغم من ذلك شئنا أم أبينا يظل وجودهما يضفي شرعية للفترة الانتقالية باعتبارهما جزءاً من المرحلة الانتقالية المُعترف بها دولياً ومحلياً.
على الجانب العسكري، تدارُك الأمر بوضع تدابير «تشرعن» لوجودهم في سدة الحكم، لأن الشارع ينظر لهذا الوضع بأنه مُختل وانقلابي، وسوف يتعقّد المشهد أكثر فأكثر والسودان على حافة الانهيار.
أعتقد بالضرورة أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم التاريخية، خاصة القوات المسلحة والدعم السريع وكافة القوى السياسية بتوسيع قاعدة المشاركة دون إقصاءٍ أو تهميش وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام نصاً وروحاً، والاهتمام بالأمن ومعاش الناس، ووضع مشروع سياسي وطني من الجميع وللجميع، حتى تخرج البلاد من حالة الاحتقان السياسي والسيولة الأمنية والتشظي المُجتمعي.
والله من وراء القصد وهو يهدي،،،