4يناير2022م
د. حمدوك خبيرٌ زراعيٌّ، عمل في منظمات الأمم المتحدة، جاء الى وزارة الفترة الانتقالية محمولاً على ثورة، وبتدبير خارجي قاد العمل التنفيذي في السودان لفترة قاربت السنوات الثلاث، شكّل حكومتين أولاهما تكنوقراط قولاً، وحزبية عملاً، ثم أخرى حزبية صرفة مُخالفة لنص الوثيقة الدستورية التي نصّت على أن تكون حكومة كفاءات مُستقلة غير حزبية، وكلتا الحكومتين جاءت بترشيح واختيار من حاضنة سياسية، نبعت من ميثاق قوى الحرية والتغيير والتي كانت مُجتمعةً حينها ولكنها تقلّصت إلى أن صارت رباعية. غلب عليها اليسار بفصائله المختلفة، وهذه الحاضنة شغلت كل مفاصل الدولة بكوادرها، وكان أكثر المستفيدين من ذلك الحزب الشيوعي الذي عمل بتكتيك معها وضدها، واستفاد الجميع من حراك الشارع الثائر الذي كان أغلبه غير حزبي، ولكن لأن الحزب الشيوعي هو الأكثر تنظيماً وتوجد كوادره مستقلة أو مزروعة في أغلب التجمعات النقابية والحزبية، بل موجودة في قيادة لجان المقاومة، ولذلك كان صاحب القدح المعلى في الحكومة ومعارضتها.
ثم تواجدت قوى الميثاق الوطني مكونة من الحركات المسلحة وتنظيمات مجتمعية وأهلية لفظتها قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي.
وأيضاً وجدت قوى سياسية ومُجتمعية وأهلية وطرق صوفية كانت في ميدان الاعتصام، ولَم تدخل قوى الحرية والتغيير وأخرى مع النظام وكانت موجودة باتفاقيات، ثم هنالك المكون العسكري.
في ظل كل هذه المكونات المتناطحة والمُتفرِّقة، قاد حمدوك الحكومة للفترة الماضية وهو لم يحقق الكثير، بل فشل أو فشل وتجاذبته أمواج السياسة العاتية، ثم كثرت عليه المظاهرات التي أرادت أن تُحقِّق أكبر قدر من المنافع الحزبية وأرادت عبرها أن تحقق بعض الدول منافع أيضاً، وبعضها هَمُّه إبعاد الإسلاميين والتيار الإسلامي العريض من السُّلطة ليقيم دولة علمانية خالية من الدين!
في ظل هذا الوضع، تواجد حمدوك وسعى ليحقق قدرا من الاستقرار والحكم ويدفع فاتورة الخارج الذي هو شَريكٌ بالإتيان به الى سدة الحكم!
هذا الوضع تجاذب الفترة الانتقالية وجعلها طيلة حكم حمدوك في مهب الريح الى أن جاءت قاصمة الظهر بتقديم الاستقالة بعد أن فشل في توحيد القوى السياسية حوله، وفشل أن يحيد أجندات العالم والقوى الدولية المتصارعة في السودان.
استقال حمدوك والبلاد في وضع مأزوم وغاية الخطورة، بل فيه ضبابية كبيرة ونُذُر مشاكل ضخمة كبيرة، وفِي ظل تشرذم كبير وسط مكونات المجتمع السوداني والقوى السياسية، بل في ظل كراهية شديدة، وفِي وجود سِلاحٍ مُنتشرٍ في العاصمة والأقاليم، بل في وجود أجهزة مخابرات عالمية تنخر في الوطن بأيدي بعض أبناء السودان وبتدخل مباشر في شؤون البلاد حتى غاب القرار الوطني والسيادة الوطنية!!!
الآن نحن في مشهد سياسي مُضطرب ومُرتبك، وحالة أزمة غير مسبوقة، كيف الخروج من ذلك؟ نحتاج الى بصير وبصائر وشعبٍ مُبصرٍ.
نكتب عن ذلك في المقال الثاني…