الخبير الاقتصادي د. صدقي كبلو ** لا أحدٌ يستعمل علاجاً مُجرّباً إلا في سبيل التمسُّك بالحكم
شهد العام 2021 تحولات واحداث اقتصادية عديدة، اختلف حولها الاقتصاديون بين مؤيد ومناهض، لكنهم متفقون علي قسوتهاعلي المواطن السوداني، الصيحة استطلعت أراء الخبراء ، د. صدقي كبلو الخبير الاقتصادي المعروف وهو من الاقتصاديين المناهضين لسياسة رفع الدعم ، والخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي وهو من المؤيدين لرفع الدعم، وخرجت بالحصيلة التالية.
——————–
الخبير الاقتصادي د. صدقي كبلو
** لا أحدٌ يستعمل علاجاً مُجرّباً إلا في سبيل التمسُّك بالحكم
** لماذا يريد وزير المالية الحالي تنفيذ التجربة الفاشلة دون أن يدفع الصندوق ثمن ذلك؟!!
** عقلية الأفندية سبب الأزمة التي تمر بها البلاد
حوار: سارة
** أقر الخبير الاقتصادي د. صدقي كبلو بفشل سياسة البنك وصندوق النقد الدووليين الخاصّة بسياسة رفع الدعم في البلاد، وتساءل لماذا الإصرار على التنفيذ ولمصلحة مَن؟ وقال إن المجتمع الدولي لا يقدم مساعدات على أساس إنساني بحت، وإنّما على أساس مصالحه وهم يُريدون تصدير الفائض الاقتصادي من دولتنا الى دولهم.
** سياسة رفع الدعم
لماذا الإصرار على تنفيذ سياسة رفع الدعم والسير في نفس طريق تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي الذي بدأها عبد الرحيم حمدي ابان حكم جعفر نميري، ومن بعده الصادق المهدي، وتلاهم عمر البشير، ولوّح بها وزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي ولم تنجح.
** الوضع المعيشي
هي روشتة تحتوي على مفهوم عجيب بأن رفع الدعم سيخلق توازناً اقتصادياً داخلياً وخارجياً وهذا فهم غير صحيح، المسألة ليست في وجود الدعم او عدم وجوده” وماذا ووين ومن اين تمويله”، وهل هو ضروري للحفاظ على مستوى الوضع المعيشي للمواطن وتحفيزه اذا كان ضرورياً، فكيف يتم تمويله، ولا سبيل للتمويل إلا على المجتمع الدولي، والمجتمع الدولي غير راغب في تمويل الاستهلاك وهم يعتمدون على التمويل الدولي ولا يسعون ويفجِّرون طاقات الموارد الذاتية المحلية بين الصناديق الأساسية للاستثمار والاستهلاك.
** نهضة اقتصادية
ستظل المسألة مستمرة، لان الاساس لأي نهضة اقتصادية هو الاستثمار على الموارد والتعاون المحلي، ولكن المسؤولين يريدون عكس ذلك، الاعتماد على المجتمع الدولي ليخطط لنا لنهضة اقتصادية وهذا يحدث لأسباب متعلقة بأن المجتمع الدولي لا يقدم مساعدات على أساس إنساني بحت، وإنما على أساس مصالحه وهم يريدون تصدير الفائض الاقتصادي من دولتنا عن طريق ارباح الديون والاستثمارات الأجنبية المباشرة وشروط التجارة غير العادلة، وعدت باستمرار تصدير صادراتنا خاماً ويظل الأمر يفقدنا دائماً قدراتنا الاقتصادية ونستثمر موارد مصنّعة.
** الأزمة الاقتصادية
وتنفيذ روشة البنك الدولي لا تخرجنا من الأزمة الاقتصادية، واذا كانت صحيحة اقتصادياً لأدت إلى إصلاح الأزمة التي لازمت نظام الإنقاذ المباد الذي نفّذ في السنوات الأولى من عمره سياسة رفع الدعم ولم يحدث تطور حتى بعد اكتشاف البترول لبناء الاقتصاد الداخلي واستمرار الاستيراد وتصدير الفوائد الاقتصادية والنهب والفساد، فضلا عن استخراج الفرص التجارية التي تصب في مصلحة المصدرين الذين كانوا يسرقون حصائل الصادرات السودانية. لماذا يريد وزير المالية الحالي جبريل أن يُكرِّر نفس التجربة الفاشلة بتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي دون أن يدفع الصندوق ثمن ذلك؟!!!؟؟
** سياسة العصا والجزرة
في الفترة الماضية قبل 25 اكتوبر، كان الصندوق يمارس سياسة الجزرة والعصا لعبد الله حمدوك والوعود التي لم تتحقق ودعم الميزانية بقروض ومِنح للبنية التحتية وهذا غير موجود الآن، فلماذا يصر وزير المالية جبريل على تنفيذ روشة صندوق النقد الدولي وهي الطريق الأسهل بأن تجني الدولة وتحقق مزيداً من زيادة الإيرادات، الدولة تكسب من المحروقات قبل رفع الدعم مبالغ طائلة مثل ضريبة قيمة مضافة من مكان انتاجه حتى المصفاة، فضلاً عن عقلية الأفندية في الحفاظ على موازنة بها عجز منخفض وعجز في طباعة العملة، وان رفع الدعم سيفاقم من زيادة تكلفة الانتاج وسيؤدي الى زيادة المرتبات والأجور وتكلفة الوحدة الانتاجية وهذا علاج مجرب وليس في بلدنا فقط، في اغلب البلدان التي تم تنفيذه فيها فشلت ولا أحدٌ يستعمل علاجاً مُجرّباً إلا في سبيل التمسُّك بالحكم.
:::::::::::::::::::::::::::::
**الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي
** رفع الدعم مقبولٌ في هذه الحالة
** الهشاشة السياسية والأمنية لا تُمهِّد وتخلق مناخاً اقتصادياً مُواتياً
** التدهور والأزمة الاقتصادية لم يشهدها السودان من قبل
حوار: سارة إبراهيم عباس
عُرف الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي بآرائه الجريئة وعدم مجاملته في الشأن الاقتصادي، وظل طوال الأعوام السابقة يحذر من الوصول الى ما نحن عليه من وضع اقتصادي متدهور، فهو من المؤمنين برفع الدعم المشروط.. “الصيحة” جلست معه وخرجت بالحصيلة الآتية:
مسلسل التدهور
منذ اعوام، بدأ مسلسل التدهور الاقتصادي في البلاد، فالفترة الانتقالية زادت الطين بلّه، حيث تسلم مقاليد المناصب التنفيذية أشخاص مجردون من الخبرة والكفاءة، على رأسهم رئيس الوزراء، ويفقد القدرة على اتخاذ القرار هو ينتظر حاضنة سياسية يلجأ إليها لكي تفكر وتقدم له البرامج، وطوال خبرته في المنظمات الدولة تنفيذ تعليمات تأتي من أعلى، والآن هو ليس متخذ قرار إطلاقاً، والرجل القيادي في مثل هذه المواقع ينبغي ان يكون مبادراً بصنع القرارات وحل المشاكل قبل وقوعها، والهشاشة السياسية والامنية لا تمهد وتخلق مناخا اقتصاديا مواتياً، فضلاً عن هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، ولا نأمل في مجئ مستثمر اجنبي يستثمر في بلدٍ الرؤية فيها مُعدمة، لدرجة عجز وزارة المالية وضع خُطة سنوية، وكيف لك ان تخطط ولا تتوقع شيئاً، والأفق مفتوح لتوقع حدوث أي شئ وهذا مناخ غير صحي لنمو اقتصاد، يكفينا نتيجة التخبط في المواسم الزراعية نتيجة لاخطاء ناتجة عن جهل وفساد وهذا يؤدي الى مزيدٍ من التدهور الاقتصادي وازمة اقتصادية مستفحلة لم يشهدها السودان!!
** تشوُّهات الاقتصاد
رفع الدعم، حذّرت من روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين، ووجود دعم للسلع هو تشوه في الاقتصاد، وهنالك تشوهات اكبر من ذلك لماذا لم ترها أعينهم، اهدار ناتج عن التهريب والفساد، وصور كثيرة تعوق مسير الاقتصاد، ووضع غير متخصصين في مناصب غير جديرين بها، لماذا لم تر هذا التشوُّه وهذا يجعل بأن هناك شكاً في تخيير هذا الدعم، والطريقة التي تم بها رفع الدعم مدمرة وافقرت الشعب السوداني، وأدخلت طبقات جديدة تحت خط الفقر نتيجةً لارتفاع معدلات التضخم.. عندما استلمت حكومة الفترة الانتقالية الحكم كان معدل التضخم 70% والآن تجاوز الـ400%، هذه الزيادة مخيفة خلال 3 سنوات، وكانت حصيلة تنفيذ روشتة البنك الدولي!!
** التضخم
ارتفاع معدلات التضخم تعني تآكل القوة الشرائية للعملة الوطنية، يعني من يناير الماضي الى الآن فَقدَ الجنيه السوداني 4 أخماس قوته الشرائية، يعني آخر ورقة العملة فئة الـ100 جنيه العام الماضي تعادل 20 جنيهاً حالياً، لذا افتقرت الفئات ذات الرواتب الثابتة ومحدودي الدخل من الموظفين، فالراتب يعادل فقط 20% فقط دون مراعاة لزيادة الأجور، والحل استعصى على الحكومة من أين لها من إيرادات لرفع الاجور، بينما ينبغي في ظل ارتفاع التضخم ان يكون هناك شهرياً تعديل في الرواتب لتعويض العامل حتى نحافظ على القوة الشرائية للرواتب، وتجاهله خطأ كبير وإجحاف في حق الموظف.
وتساءل هل يجوز للعاملين في هذه المؤسسات رفع دعوى قضائية لتعديل الرواتب حسب ما يجري اليوم على وزارة التجارة عدم إلزام التجار بوضع ديباجة أسعار على المنتجات؟ كيف تضع أسعارا والعملة تفقد قيمتها يومياً؟ فالاجدى تثبيت القيمة الحقيقية للعملة، واذا اصروا على ذلك سوف تختفي السلع وتنشط السوق السوداء.
** تدمير المُمتلكات
رفع الدعم ساعد في زيادة اعداد الفقراء، في الماضي كان رب الاسرة يستطيع أن يوفي ثلاث وجبات لأسرته، والآن الراتب لا يكفي لوجبة واحدة، فالفقر ضرب الأسر السودانية في العظم فجعل الكثيرين من الأسر لا يستطيعون توفير حق المدارس للأطفال، السياسيون لا يرون ويدفعون الشباب الى تدمير الشوارع وهتافات لا طائلة منها!! ليتهم تم توظيفهم في مشروعات تعاونية انتاجية بدلاً من تدمير الممتلكات، وهذا يخرج المسيرات عن السلمية، كل ذلك ادخلنا في مرحلة الكساد الاقتصادي، هذه مرحلة متأخرة جداً من التدهور الاقتصادي!!!
** مرحلة الانسداد
بدأنا في مرحلة الانسداد الاقتصادي، وهو يعني التوقف التام، وبدأت مصالحه في توقف وإغلاق المصانع وتشريد المزيد من الأيدي العاملة، والتراكمات جاءت نتيجة القرارات والسياسات الخاطئة التي فرضتها الجهات الأجنبية من منظمات!!! لذا أرجو تصحيح الوضع، والهدر الذي يحصل في التهريب، والحرص على تحريك الطاقات الكامنة في كافة المجالات ورفع الإنتاجية التي أصبحت متدنية!!
أخيراً
الوصفة العلاجية واضحة وليست بحاجة الى تلفت واللجوء الى الأجانب!! متى تحزم الحكومة امرها وتأتي بوزراء فاعلين يُحرِّكوا الطاقات الكامنة في الاقتصاد السوداني التي تكفي قارة وليست 40 مليون نسمة حتى لا ننفذ رفع الدعم عن الخبر والكهرباء ولما له من آثار مدمرة!!!