على خط الأزمة .. الوساطات الدولية مجدداً
الخرطوم: آثار كامل 2يناير2022م
يأمل وسطاء دوليون ومحليون، في التوصُّل إلى حل عاجل للأزمة في ظل جدل وإرهاصات استقالة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك والتي تتسارع كإيقاع آلة موسيقية وهو يعتزم تقديمها ويلوح بذلك منذ الأسبوع الماضي، بجانب ظهور تطورات على مدار اليوم الواحد، لدرجة انها أضحت محوراً لأحاديث المدينة.. وتزامناً، نشطت وساطات عربية ودولية لإثنائه، حيث أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، اتصالاً بحمدوك لإثنائه عن الاستقالة، كما تلقى حمدوك اتصالاً هاتفياً من الأمين العام لجامعة الدول العربية، فيما دخلت المملكة العربية السعودية على خط الوساطة خلال اتصال وزير الخارجية السعودي برئيسي مجلسي السيادة والوزراء، وإبداء رغبة الرياض في التوسط بين الفرقاء لإنهاء الأزمة السياسية، وتأكيد حرص السعودية على استقرار ووحدة السودان، فيما ناشد وزير الخارجية السعودي حمدوك بالتراجُع عن قراره، وعلى ذات الصعيد ما زالت مبادرات الشخصيات الوطنية تبحث طرقاً لإيجاد مخرج من الحالة السياسية الراهنة وانسداد الأفق.
جهود مكثفة
يتوقع سياسيون ومحللون في حديثهم لـ(الصيحة) أن تثمر الجهود المكثفة والاتصالات للوصول الى حل وعدول رئيس الوزراء عن الاستقالة، مشيرين الى انه لابد من تخطي مرحلة العودة للمربع الأول، كما لا يمكن أن يكون الجيش صاحب القرار الوحيد في المرحلة المقبلة، ويرون في الحل الوسط ان يتم الاتفاق بين حمدوك والقوى السياسية والعسكر.
تعهُّد الأمريكان
بعد دخول الأمريكان على الخط، كشفت مصادر مطلعة لـ(الصيحة) عن قبول حمدوك، الوساطة الامريكية والاتحاد الاوروبي وتراجع عن الاستقالة، واكد المصدر بأن الولايات المتحدة تعهّدت لحمدوك بالعبور وصولاً الى التحول الديمقراطي ودعم دمج الجيوش ليكون افضل الجيوش بالعالم، واستبعدت المصادر أن يتم اللجوء الى خيار الانتخابات المبكرة، في ظل الصراع الذي تشهده المنطقة والصراع الدائر بمنطقة القرن الأفريقي وما يدور في إثيوبيا وتفجُّر الأوضاع في الصومال. وفي ذات السياق، طرحت مصر مبادرة لتفادي انفجار الأوضاع بالسودان وتأثيراتها على مصر والمنطقة العربية.
تصلب وتحجر
قال أستاذ العلوم السياسية د. أحمد عبد الحفيظ لـ(الصيحة) ، ما زال الامل موجودا لدى بعض القوى السياسية الراشدة وبعض الشارع المنقسم بعدول رئيس الوزراء عن تقديم استقالته والمواصلة فيما تبقى من الفترة الانتقالية وصولا الى مرحلة الانتخابات وتجنباً للوصول الى طرق يصعب الخروج منها، وأضاف عبد الحفيظ بأن القوى الدولية الساعية لوصول السودان الى التحول الديمقراطي لديها بعض الآمال بأن رئيس الوزراء الحالي يمكنه أن يحقق ما جاء في اهداف ثورة ديسمبر، ونوه بأن الموقف الآن في حالة تحجر ولا بد من اختراق تصلب التيارات المتشددة من القوى الثورية وتمسكها بموقفها الرافض لمشاركة العسكريين في السلطة الانتقالية، منبهاً بأن هذا الاحتقان وهذا التصلب من الأسباب الرئيسية لعزم رئيس الوزراء لتقديم استقالته, وختم، عموماً يظل الوضع في حالة توقُّف وتصبح الصورة مُعتمة، ولكن توضح في حالة خروج رئيس الوزراء للعلن ومكاشفة الشعب بما كان ينوي فعله وأسباب عزمه الاستقالة، لافتاً إلى أنه في حال تقديم رئيس الوزراء استقالته سيُعقِّد المشهد أكثر مما هو عليه الآن!
دعم حمدوك دولياً
يرى د. عبد الرحمن أبو خريس الخبير الاستراتيجي والباحث الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في حديثه لـ(الصيحة) بأن المصالح الدولية بدأت تظهر على الخط في ظل هذه الانشقاقات خاصةً داخل قوى الحرية والتغيير، فالسودان لا يتحمّل انشقاقات أخرى، ولفت أبو خريس بأن يتم التعامل مع حمدوك لاعتباره مطلبا من مطالب الثوار والمجتمع الدولي، ونوه بأن المجتمع الدولي ذاهبٌ في خط مغاير على الخط الداخلي، مما يرسم عدم التناغم بالداخل، فالآن مَن رأي هناك دعما دوليا لحمدوك؟ وإسناده هو دعم للاتفاق السياسي، فالناظر الى المشهد السياسي متقلب، وحمدوك مدعوم دولياً على القوى السياسية، النظر إليه بعين فاحصة وليس بعين ضيقة!!
مشهد جديد
يظل المشهد السياسي العام في حالة أشبه ما بين الغيبوبة ودرجة من فقدان الوعي في ظل الضبابية السائدة، والمشهد المُحتقن وتشنج الأطراف السياسية وتمسُّك كل طرف من الآخر بمواقفه، على كلٍّ الموقف يحتاج الى وقفة ودراسة في حال ذهاب رئيس الوزراء أو عدوله عن ذلك، لا بد من التوافق وجلوس الأطراف على طاولة التفاوض والعودة إلى طاولة الحوار عبر مائدة مستديرة ومناقشة جميع القضايا بعقل مفتوح دون شُروطٍ مُسبقةٍ، على أن يكون هَمّ الجميع الآن هو كيفية مُعالجة الوضع، ومُحاولة منع انهيار الدولة السودانية، ووقف التناحر للاستمرار في الفترة الانتقالية، وتجاوز الأزمة.!