سراج الدين مصطفى يكتب: على طريقة الرسم بالكلمات
نقر الأصابع
سراج الدين مصطفى
على طريقة الرسم بالكلمات
حسناء الغناء وفراغية الغناء
من أبرز مظاهر الفوضى في الوسط الفني والغنائي, الألقاب التي تُطلق دون أحقية على بعض الفنانين.. وتلك الألقاب غالباً ما يكون مصدرها المعارف والأصدقاء والأهل ولا تستند على أي منطق واقعي وتُطلق على من لا يستحقها.. وهناك ألقاب كثيرة على شاكلة الأمبراطور والقيصر والدكتور وأخيراً لقب (حسناء الغناء السوداني) الذي أطلقته الفنانة إيمان لندن على نفسها.
حسناء الغناء السوداني هو اللقب الأحدث في الساحة الفنية التي ظلت خاوية من مثل هذه الألقاب حتى وقت قريب.. ولكن إيمان لندن المغنية (المتهجمة) على الغناء لا تتورع أن تقول ذلك في سبيل الترويج لغنائيتها التي لم تقنع أحدا حتى الآن وينظر لها على أنها واحدة من (مخربات) الذوق والوجدان السوداني الأصيل.
الاهتمام بالشكل دون الموضوع هو الملمح الأبرز لتجربة إيمان لندن ـ اذا كانت لها تجربة بالمعنى المتعارف عليه ـ فلا يُعقل أن نقول ان لمحمد الأمين (تجربة) ولمحمد وردي (تجربة) ثم نضعها في ذات المكانة ونقول بأنها صاحبة (تجربة) وهي أقرب (للمخربة) إن لم تكن كذلك فعلاً لا قولاً!
حكاية لقب (حسناء الغناء السوداني) كمن يطلق الكذبة ويصدقها.. ومع أنني اتفق مع إيمان لندن في (الشكل الحسن) ولكن أين (الغناء الحسن)؟ فواقع الحال في غنائية إيمان يؤشر على أنها واحدة من الأصوات الباردة والباهتة والهشة التي أفرغت الغناء من قضيته الرسالية واتجهت به ناحية القشرة والسطحية.. لذلك من البديهي أن تخاصم العمق والفكرة والمضمون.
اتّفق مع إيمان لندن ـ لأول مرة ـ بأنها (حسناء) ولكنها فارغة المضمون والغناء!!
حسين الصادق تجربة جديرة بالتأمُّل:
لا أعلم بأنني هل ظلمت الفنان الشاب حسين الصادق أم هو الذي ظلم نفسه؟ ولكن يبدو جلياً أن حسين ظلم نفسه كثيراً وخصم من تجربته أكثر حينما طرح تجربة غنائية كانت في منتهى الاستسهال الفني.. تجربة تخلو من أي مؤشرات تؤكد على انها من الممكن أن تشكل إضافة واضحة في مسيرة الغناء السوداني.. فهو بتقديري أراد لنفسه أن يكون (فنان عدادات) وتغافل عن التاريخ الذي يرصد كل شئ ولا يترك شاردة أو واردة إلا وأحصاها وتركها مدونة لتبقى عبرة لمن أراد الاعتبار.
لن أقول إنّ كل مفاهيمي وآرائي حول حسين الصادق تغيّرت ولكن يمكنني أن أقول بأن كل الآراء السالبة حول تجربته في طريقها للتغيير.. لأنه قبل فترة ليست ببعيدة قدم تجربته في المسرح القومي بطريقة مُدهشة من خلال غناء جاد ومسؤول وفيه الكثير من الطرق الموسيقي والأدائي الجديد.. وحسين ليلتها أكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنه سيكون صاحب إضافة ملموسة ومحسوسة فقط اذا مشى بذات التفكير وترك بعض (الغناء الهايف) الذي يردده في الحفلات.
زيدان ابراهيم .. حضور رغم الغياب!!
زيدان ابراهيم فنان الشباب لكل المواسم.. يسكن في صوته سحر غريب ظل طيلة الأزمان يسكب العطر والجمال.. فهو كل أغنية عنده عبارة عن زجاجة عطر لا تفقد عبيرها بلا تعتق بمرور الأيام.. كان زيدان ابراهيم هو نجم الساحة الغنائية بلا منازع.. وسيظل زيدان ابراهيم فنانا حاضرا لا يعرف الغياب لأن أمثاله لا يعرفون الغياب.. فهو سيكون دائماً في مقدمة الذهن لن يطاله غبار النسيان.. ويظل (غياب) زيدان ابراهيم أفضل بكثير من (حضور) البعض.
هنالك أسماء كثيرة ماتت فنياً وشبعت موتاً ولكنها مازالت تتمسك (بالمايكروفون) ولا تفكر مُطلقاً في مغادرة منصته.. وأنا لا أريد أن أذكر أسماءً بعينها ظل يشكل حضورها خصما على الغناء وعلى تواريخهم.