عبد الله مسار يكتب : كَيفَ تُدمِّر دَولَة؟!
28ديسمبر2021م
كتب العميل (يوري بيزمينوف) عميل الكي جي بي السابق، الذي انشق عن بلده قبيل سقوط الاتحاد السوفيتي السابق كيف تدمر دولة دون أن تطلق طلقة واحدة، وكيف يتم تخريب وتدمير الشعوب وخلخلتها والتحكم فيها، وهنا يهمّنا المُقاربة بين عملية تدمير الدولة مع ما يحدث في السودان الآن,
حيث تتطابق مراحل التدمير مع ما ذكره كل الخبراء الاستراتيجيون والمفكرون وأهل السياسة، حيث تقوم النظرية على أربع مراحل للقضاء على الدولة وتماسكها.
وتبدأ المرحلة الأولى بوصول مجموعات مجلوبة من الخارج (العملاء والمجندين وبعض المبثوثين بالداخل) يستولى هؤلاء على السلطة في البلد المعني لإحداث عملية التدمير المقصودة دون اي عمل عسكري، وأولى هذه الخطوات تسمى بـ(إسقاط الأخلاق) وهي عملية مركبة تبدأ بتغييرات جذرية في التعليم والإعلام والأخلاق الاجتماعية وخلخلة البنية الاعتقادية والتشكيك في تأثير قدرة الدين على الفرد والمجتمع، ومدة هذه العملية تستمر ما بين (١٠ – ١٥ – ٢٠ سنة), وهي فترة كاملة لإعداد جيل جديد وتنشئته وتعليمه وتربيته على القيم الجديدة والبديلة والأخلاق المنحطة والابتذال وجعل هذا الجيل ضائعاً وسط هذه القيم التافهة التي لا تُراعي أو تحترم العقائد الدينية والأخلاق والمحرمات وتفسد التعليم وتدمِّر الدين وتمجد مَن يحاربونه واستبدال المؤسسات الدينية بمؤسسات زائفة وصنع رموز بديلة تهاجم العقائد والدين يتم تلميعها وتسويقها لتكون بديلاً وتقديمها كنماذج للفكر الحر والرأي المستنير, وهدف هذه المرحلة هو نسف الولاء الوطني وإضعافه وتفتيت الشعور بالمسؤولية الوطنية لدى المجتمع، وخلق الرموز الإعلامية الجديدة التي تجد دعماً من جهات غير معلومة ولا تُحظى بقبول المجتمع, تتولى ترويج الأفكار الجديدة والعبث بالنسق الاجتماعي ونشر العقائد الدخيلة وإفساد التعليم!
المرحلة الثانية، وهي مُترافقة مع الأولى وتسير مَعَهَا, وهي مرحلة (زعزعة الاستقرار) ومدتها خمس سنوات، وتقوم على نشر العصبيات المناطقية والقبلية والجهوية والدينية، وتسطيح الفكر والوعي المجتمعي، وتهديم البناء المُجتمعي، وتسخير رموز مُصطنعة للتشكيك في الترابُط الاجتماعي، وجعل المُجتمع يهتم بسفاسف الأمور والقضايا، وشغل الشباب بالملذات والموضة والعُنف، ونشر وسائل الفساد والإفساد والأجندات المُريبة والمطامع الشخصية!
المرحلة الثالثة وهي مرحلة (الأزمة)، تستمر من شهرين إلى سته أشهر وربما تزيد، تنتشر الفوضى السياسية ويحدث الانفلات الأمني ونُذُر المُواجهات والحرب الأهلية وإضعاف مؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة والقضاء والأمن العام، واعتساف القانون وتدمير نظم الخدمة والإدارة، بجانب الانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار وغياب الخدمات، وإفقار المجتمع وجعله قابلاً للتدمير!
المرحلة الرابعة هي التي تقع فيها البلاد بالكامل في يد القيادات البديلة المُعدّة والمُلمعة مُسبقاً, وهي تتصدّر المشهد السياسي وتُدين بالمُطلق لعدو بلدها الخارجي، حيث تكمل مُهمّة التدمير الشامل وتعود من حيث أتت!
إذا أسقطنا هذا السيناريو ذو المراحل الأربع، نجده ينطبق تماماً على حال بلادنا الآن, حيث تُجرى كل الخطوات الأربع على قدمٍ وساقٍ!
تغيير مناهج التعليم وتبديل القوانين مع إلغاء ما يتوافق مع الشريعة والدين وشطب الدين من الحياة العامة، وإفساد أخلاق المجتمع، وإسقاط الشباب في الرذيلة والملذات والمسكرات, وهدم مؤسسات المُجتمع التوجيهية، واستسهال الهجوم على القيم الدينية والأخلاقية، ونسف السلم الاجتماعي والاستقرار، وانتشار القبلية والجهويات، والانفلات الأمني، وزعزعة الاستقرار, وانتشار الجريمة، وتدمير المؤسسات الأمنية والعدلية، والاستخفاف بالقانون وعدم التّقيُّد به، وتخريب الإعلام وتسميم الفضاء الأخلاقي، وصناعة الرموز والزعامات المُنحطة، وإفساد المرأة والشباب، والتوقيع على المُعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تُدمِّر الأسرة والمُجتمع والدين، ثم تدمير المؤسسة العسكرية وتفكيكها تحت ذرائع مُختلفة ووضعها تحت الوصاية الدولية لتديرها البعثة الأممية!
إذن، كل ما جاء في وصف المراحل الأربع ينطبق على بلادنا الآن.
الحل يبدأ بإيقاف الخطوة الأولى هي إيقاف إفساد الأخلاق، ثم مُواجهة التدخُّل الأجنبي وطرد العُملاء الأجانب, وإيقاف تدفُّق المال الحرام الذي يأتي من السفارات والمراكز الثقافية اسماً والتي هي مظلة استخبارية.. وأهم أمر هو إعادة المُجتمع للدين وتأصيل وتمتين الوطنية وترسيخها.. كما يجب تقييد حركة الدبلوماسيين الأجانب، بل طرد مَن تَجَاوَزَ الخطوط الحمراء!
أيُّها الشعب السوداني, علينا أن نُواجِه التدخُّل الأجنبي السَّافر في بلادنا بحَزمٍ وحَسمٍ, وأن نتمسّك بالقرار الوطني، لأنّنا دولة وطنية مُستقلة ذات سيادة مشهود لها بالنضال ومُقاومة الاستعمار الخِشِن، نَاهِيكَ عن هذا النّاعم وقديماً قِيل (السّم في الدّسم)..!