عضو التحالف السوداني محمد موسى الضو الشايب لـ(الصيحة): التفلتات في دارفور نتاج طبيعي لعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية
2021-12-27
الحركات أكملت حصر وتصنيف القوات وتسليم القوائم للحكومة لكنها لم تُنفّذ
اتفاق جوبا كان همّه الأول إسكات صوت البندقية في كل السودان للأبد
نُرحِّب بتجميد مسار الشرق لأن ذلك سيمضي لحل المُشكلة ودرء الفتنة
تركيز قيادات الجبهة الثورية على المناصب أثّر سلباً على تنفيذ باقي الاتفاق
فاتورة الحرب كانت قاسية جداً ولا حل لإنسان دارفور إلا بتجاوز المرارات والتعايش السلمي
التحالف السوداني جسمٌ يشمل كل السودان وأبوابنا مفتوحةٌ لاستيعاب الكل
حوار: محجوب عثمان 27ديسمبر2021م
ظلت قضية دارفور ومنذ انفجارها في العام 2003م، تستوعب كل من يحمل جذوة الكفاح والنضال والالتزام بالقضية, وقد انتج الكفاح أجيالاً من المناضلين الذين حملوا همّ القضية وهموم إنسان دارفور وهُم يرون ويلات الحرب أمام أعينهم منذ نعومة أظافرهم، فشبوا مشرّبين بمبادئ الكفاح، وظلوا خير معين لحركة الكفاح المسلح…
محمد موسى الضو الشايب أحد هؤلاء الشباب الذين وعوا على الدنيا في شمال دارفور تحت وابل النيران، فاختار مبكراً الالتحاق بالكفاح المسلح وانضم لجبهة القوى الثورية المتحدة في العام 2012م وخرج بعدها من السودان إلى القاهرة ودرس الجامعة هناك، قبل أن يمضي في رحلة التحصيل العلمي بدولة ماليزيا ومن ثم يعود بعد سقوط نظام الإنقاذ ويدخل ضمن الوفد المفاوض للتحالف السوداني.. “الصيحة” استضافته عبر هذه المساحة: بدايةً دعنا نتعرّف عليك أكثر؟
أنا محمد موسى الضو الشايب عضو المكتب السياسي للتحالف السوداني وهو أحد اطراف اتفاقية السلام في جوبا ويضم مجموعة حركات مسلحة من 7 فصائل اتفقت في جوبا لتكوين جسم موحد لتسهيل عملية التفاوض وانضوى التجمع تحت لواء الجبهة الثورية. رغم مرور سنة إلا أن دارفور للآن بها مشاكل؟
المشكلات في الحقيقة نتاج طبيعي لتأخير تنفيذ بند الترتيبات الامنية الموقع ضمن اتفاق جوبا, فهو العامل الأساسي في مشكلات دارفور والحكومة تأخّرت جداً في إنفاذ هذا البند، ولو جدّت الحكومة في تنفيذ الترتيبات الأمنية وتجميع القوات وجمع السلاح، فان ذلك سيحد من التفلتات الأمنية في دارفور. كل مكونات الجبهة الثورية تلقي اللوم على الحكومة، لكن الحركات نفسها تتحمّل جزءاً من المسؤولية؟
على الإطلاق الحركات لا تتحمّل مسؤولية تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية، لأن الحركات جمعت عناصرها بناءً على المصفوفة الزمنية التي تم وضعها للتنفيذ والتي كانت تضع تنفيذ الترتيبات الأمنية في أول 6 أشهر من تنفيذ الاتفاق, وهنا الحركات جميعها جمعت عناصرها وقامت بحصرها وسلمت الكشوفات للحكومة, وحدّدت معسكرات ومناطق التجمع, وهم جاهزون الآن والموضوع كله في يد الحكومة, لهذا نُحمِّلها المسؤولية. ما الذي يُعطِّل الترتيبات الأمنية هل هو نقص المال؟
ربما يكون نقص المال هو السبب، لكن نحن بصراحة نرى ان هناك عدم جدية من الحكومة في إنفاذ بند الترتيبات الأمنية، وحتى إن الترتيبات الأمنية غير مكلفة والدولة باستطاعتها أن تتحمّل تكلفتها لأنها غير كبيرة. كيف ذلك, ألا يتضمّن الأمر دمج وإعادة تسريح؟
بالطبع هناك دمج وإعادة تسريح وفق أسس وضوابط محددة، وربما يتطلب الأمر مالاً, وربما يكون هناك عدم تمويل من المجتمع الدولي ورعاة الاتفاقية، لكن في المقام الأول الأمر ينعقد على الحكومة, فإن هي على الأقل شرعت في إنفاذ بند الترتيبات الأمنية, فحينها يمكن للمجتمع الدولي ولرعاة الاتفاقية ان يقدموا ما يمكن ان يكمل العملية كلها، لكن حتى الآن لا توجد أي خطوة عملية في هذا الأمر، ونأمل أن تعمل الحكومة على التنفيذ لأنها تحد من المشاكل والموت في دارفور. هناك مَن يرى أن من يتم تسريحهم سيكونوا نواة لحركات مسلحة جديدة؟
هذا لا يُمكن أن يحدث من واقع أن هؤلاء الذين يحملون السلاح أُجبروا على حمل السلاح والقتال، وكان قتالهم من أجل قضية ولم يكن من أجل سلطة أو لتولي مناصب أو القتال من أجل القتال، لهذا فإنّ لديهم استحقاقاً محدداً، والحركات المسلحة منظمة نفسها في هذا الامر، ولا اعتقد انه ستكون هناك مشكلة بين عساكرنا في الدمج أو التسريح أو الاستيعاب ضمن منظومة القوات المسلحة، ولهذا نستبعد ان يكون هناك حمل سلاح جديد. متفق على ماذا؟.. هل وضعتم معايير وشروطاً لإعادة الدمج والتسريح؟
نعم بالفعل هناك معايير وشروط للدمج وإعادة التسريح، لأن هناك مصابين وهناك عجزة وكبار سِن، هؤلاء يمكن أن يتم تصميم مشاريع لهم لإعادة دمجهم في المجتمع، ومن المُفترض أن يكون هناك تدريبٌ، لأن هؤلاء العساكر أمضوا فترة طويلة في الغابة, وهناك مساحة كبيرة بينهم والمواطنين، لكن نحن نطمئن المواطنين بأن هؤلاء منهم وإليهم، ويحملون هَمّ وقضية الوطن كله وكافحوا من أجل ذلك. هل ترى أنّ اتّفاق جوبا حال تنفيذه سينهي القتال في دارفور إلى الأبد؟
بالفعل يمكن لاتفاق جوبا أن ينهي القتال ليس في دارفور فقط, ولكن في كل السودان, لأننا عندما وضعنا اتفاقية جوبا، كان همّنا إسكات صوت البندقية للأبد، وما يحدث الآن من أصوات للبندقية في دارفور هنا وهناك أمرٌ مُؤسفٌ ومُحزنٌ، ونتمنى أن لا يتكرر، لأننا نحن مَن جرّبنا الحرب وتذوّقنا مراراتها، ونحن مَن نعرف جيداً قيمة السلام. كيف تنظر لتجميد مسار الشرق؟
نحن ابتداءً نرحب بتلك الخطوة، ونرى أنها ستمضي في حل المشكلة ودرء الفتنة، ونتمنى من إخواننا في شرق السودان أن يجتمعوا على كلمة سواء، لأن الاتفاق عموماً لإنسان الشرق، وتجويد الاتفاق يُساهم في درء الفتنة وتفويت الفرصة على من يُريدون للشرق أن لا يستقر. الشمال والوسط والشرق احتجوا على ما تم من اتفاق بزعم أن دارفور نالت حصة أكبر من قسمة الثروة والسلطة, فهل ترى أن دارفور ظلمت بقية الأقاليم؟
لا أصف الاتفاق بأن فيه ظلماً لإقليم على حساب إقليم آخر، وبالفعل هناك احتجاجات خرجت تردد مثل هذا الحديث، لكن دارفور في حقيقة الأمر تعرّضت لفترة حرب طويلة وحدث فيها توقف لعجلة التنمية وانهيار كامل للبنى التحتية، وقياساً على ذلك لم يكن هناك أيِّ ظلم, ولكن رغم ذلك حدث تعديل في الاتفاق لإخوتنا في مساري الشمال والوسط، وتم توقيع جديد كتعديل للوثيقة ماحق للاتفاق والآن الشرق يدور حوار حوله أيضاً. هل ترون أن تعديل الاتفاق فيه إنقاص أو تأثير على حصة دارفور؟
ما تم أمر جيد، نحن ندعهم في المطالبة بحقوقهم ونحن كحركات كفاح مسلح في دارفور مثل ما نطالب بحقوقنا نطالب أيضاً بالحقوق لكل السودان. دارفور تحتاج لعمل كبير في الجوانب الاجتماعية، كيف ترى ذلك والإنسان هناك يحمل مرارات الحرب؟
اتفق معك أن النظام الإسلاموي البائد تسبب في مشكلات اجتماعية كبيرة وعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي في دارفور ووزع الناس هناك لقبائل، لكن اعتقد ان انسان دارفور هو الوحيد الذي يعلم مرارات هذا الأمر، ولا حل غير ان يتعايش الجميع مع بعضهم البعض، لأننا جرّبنا فاتورة الحرب وكانت قاسية جداً، وبالفعل هناك مرارات وغبن, لكن لا حل إلا بالسلام والتعايش, ونتمنى ان يتجاوز انسان دارفور هذا الأمر ونتجه جميعاً للتنمية. هل ترى أن غياب سلطة القانون واعتماد الأعراف في قضايا النزاع في دارفور خاصة فيما يتعلق بحوادث القتل بأن تتكفل الدولة أو القبيلة بدفع الديات, مدخلٌ لاستسهال القتل من واقع أن من يقدم على القتل يكون ضامناً لعدم تنفيذ عقوبة القصاص؟
بالفعل غياب القانون يسهل هذا الأمر واتفق معك في ما قلت، والمفروض يحصل مستقبلاً أن لا تلتزم الحكومة أو أي جهة أخرى بدفع الديات ويُواجه من يقدم على القتل القانون والشرعة ويتم الأخذ بالقانون المشرع، فذلك من شأنه أن يحد من إراقة الدماء في دارفور والقتل والنهب والسلب، فمن ضمن عدم الإعدام سيقتل لا محالة، لذا نُطالب بأن يتم فرض هيبة الدولة وتنفيذ القانون. كيف تنظر لبداية تنفيذ الاتفاق في دارفور وتعيين المستوى الاتحادي وحاكم الإقليم وبعض الولاة؟
تلك خطوة إيجابية بالتأكيد لكن ليست كافية، وهي خطوة في تنفيذ الاتفاق، والمعروف أن البلد عامة فيها كثير من التصدع والمشكلات التي يمكن أن تكون أثّرت سلباً على تنفيذ الاتفاق. هل تسبّب تكالب قيادات الجبهة الثورية المُوقّعة على اتفاق جوبا للسلطة المركزية في الخرطوم في إهمال تنفيذ الاتفاق على الأرض؟
بالفعل.. لكن أنا لا أقول تكالب على السلطة لأنه استحقاق, لكن أيضاً التركيز على المناصب اثّر سلباً على تنفيذ باقي الاتفاق, ولكن أنا لا أرى أن هناك خللا من جانب الجبهة الثورية، رغم أنني أرى أنها هي التي وقّعت الاتفاق وتتحمّل المسؤولية الكاملة تجاه إنفاذه. هل أثّر أيضاً دخول الجبهة الثورة في المعترك السياسي وانقسامها بين مكونات الحرية والتغيير سلباً على الاتفاق؟
هذا اختلافٌ في الآراء لا يمس اتفاق جوبا من واقع ان اتفاق جوبا لم ولن يتأثر بممارسة مكونات الجبهة الثورية للسياسة، ودخولها في هذا المعترك أرى انه تم من باب المُطالبة وتوسعة المجال، وهذا حق أرى أنه مشروعٌ ومكفولٌ لكل السودانيين, فهم عندما شاركوا في اعتصام القصر كان ذلك من باب توسعة الحكم، وأن يُشارك كل السودان في الحكومة عدا النظام البائد، وأعتقد أنها كانت خطوة مهمة لتصحيح مسار الثورة، لأنّ الجبهة الثورية كانت جزءاً من قوى الحرية والتغيير وجزءاً أساسياً من مكونات الثورة السودانية. هل هناك تواصلٌ بينكم والوساطة في دولة جنوب السودان؟
نعم نحن في تواصل مستمر مع الوسيط، وعند زيارة توت قلواك الأخيرة للخرطوم ناقشنا كل المشكلات التي تُواجهنا والحكومة وَعَدَت بحلول لإنفاذ الاتفاق. التحالف السوداني توسف//// في فترة ما فهل يكون التحالف السوداني مفتوحاً ليشمل قوى سياسية اخرى؟
من خلال الاسم “التحالف السوداني” يلاحظ انه جسم يشمل كل السودان.. صحيح انه بدأ من مجموعة حركات حملت السلاح، لكن رؤيتنا أن يكون التحالف جامعاً لكل الشعب السوداني، ولدينا رؤية لحل كل مشاكل السودان ونحن جسم نستقبل كل الشعب السوداني من كل أقاليم السودان فهو ليس حكراً على دارفور أو من أي إقليم آخر ولدينا رؤية سياسية متكاملة لكيف يحكم السودان. هل ستشاركون في الانتخابات المقبلة؟
بالفعل نحن سنُشارك وسنطرح برنامجنا الانتخابي للشعب السوداني ونضع في اعتبارنا خوض هذه التجربة الديمقراطية بكل تأكيد. متى يعود إنسان دارفور لنشاطه الأساسي ويُمارس حياته العادية في الرعي والزراعة؟
إنسان دارفور لم يترك الزراعة ولا الرعي طوال سنوات الحرب، ولكن الأمر يحتاج لمزيد من الأمن وتهيئة البيئة، لذلك راعينا هذا الأمر من خلال الاتفاق الذي أفرد مساحات واسعة لمعالجة قضايا النازحين واللاجئين والرُّحّل ونعمل على توفير البيئة المناسبة لإنسان دارفور لممارسة كل أنشطته بأمان. هناك استقطاب مضادٌ من بعض أبناء دارفور بالخارج.. ألا تؤثر على مسيرة السلام في الإقليم؟
بالفعل هناك من أبناء دارفور بالخارج من تحركهم أجندة خاصة أو أجندة لجهات معينة التي لا تريد لدارفور أن تستقر وتريد أن تزعزع النسيج الاجتماعي، لكن نحن رسالتنا لهم أن ما يقدمونه هو أمانة سيُسألون عنها أمام الله، وأنا أعتقد أنهم يجب أن يعملوا على دعم إنسان دارفور، وإن يُقدِّموا ما يفيد إنسان دارفور، فالفتنة لا تُفيد.